صدر بيان المصرف المركزي الليبي للإيرادات
والنفقات عن الفترة من 1 يناير إلى 30 يونيو 2024م، ليظهر أن الإيرادات العامة
بالدينار الليبي قد بلغت 45 مليارا، فيما بلغ إجمالي النفقات 43.7 مليار، ما يعني
أن فائضا في الميزانية قد تحقق مقداره 1.7 مليار دينار ليبي.
المؤشر الثابت والرئيسي الذي يحدد قيمة
الإيرادات هو النفط والذي شكل نسبة 98% من إجمالي الإيرادات، ومع تعدد أنواع
الإيرادات الأخرى من ضرائب ورسوم وأرباح الشركات العامة، إلا أن مساهمتها لم تتعد
2% من مجمل الإيرادات، وهذا يعكس أحد أبرز مشاكل
الاقتصاد والمالية العامة الليبية.
وأمام الاعتماد الكلي على عوائد النفط
وتخصيص موارد إضافية للقطاع إلا أنه لم يقع تغير إيجابي في سقف الإنتاج بسبب
الثبات النسبي لأسعار البترول وفشل الحكومات المتعاقبة والإدارات المختلفة للمؤسسة
الوطنية للنفط في زيادة المنتج من النفط والغاز برغم توفير التسهيلات المالية
المطلوبة لتنفيذ خطة الوصول إلى مليوني برميل في اليوم مع نهاية العام 2025م.
التحدي هو الزيادة المضطردة في الإنفاق
العام، والذي شهد قفزة خلال العشر سنوات الماضية من نحو 40 مليار دينار إلى ما
يقرب من 120 مليار مع نهاية العام 2023م. ويمثل بندي المرتبات والدعم أكبر أبواب
الإنفاق العام، حيث بلغ ما يزيد عن 30 مليار دينار تقريبا مع نهاية الفترة التي
يغطيها تقرير المصرف المركزي وذلك باحتساب مرتبات شهر يونيو التي لم تظهر في
التقرير، فيما يتوقع أن يتجاوز الدعم عشرين مليارا، وذلك باحتساب الحد الأدنى
المتوقع من الإنفاق على المحروقات والذي لم يظهر أيضا في بيان المركزي محل النقاش،
فقد صارا عرفا أن تقوم المؤسسة الوطنية للنفط بمبادلة النفط الخام بمحروقات بعيدا
عن الحكومة ودون أن ترد بيانات دقيقة حول كمية النفط المستبدل والمحروقات الموردة.
غير أن المفارقة الجلية هي المتعلقة باختلاف
وضع الميزانية العامة وميزان المدفوعات، حيث سجلت الميزانية العامة فائضا بلغ 1.7
مليار دينار ليبي، كما سبقت الإشارة، فيما وقع عجز في ميزان المدفوعات بقيمة 8.9
مليار دولار أمريكي، وهذه حالة سلبية ومعقدة تعكس مدى التشوه والاختلال في
الاقتصاد الوطني وتفسر الاضطراب في سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية
ولجوء السلطة النقدية ممثلة في المصرف المركزي إلى سياسة تعديل صرف صرف الدينار ثم
فرض رسوم بنسبة 27% على بيع العملات الأجنبية.
المفارقة الجلية هي المتعلقة باختلاف وضع الميزانية العامة وميزان المدفوعات، حيث سجلت الميزانية العامة فائضا بلغ 1.7 مليار دينار ليبي، كما سبقت الإشارة، فيما وقع عجز في ميزان المدفوعات بقيمة 8.9 مليار دولار أمريكي، وهذه حالة سلبية ومعقدة تعكس مدى التشوه والاختلال في الاقتصاد الوطني وتفسر الاضطراب في سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية
بيان المركزي الليبي لم يشر إلى وسيلة تغطية
العجز في ميزان المدفوعات، وهل تم الاعتماد على الاحتياطي من العملات الأجنبية لسد
العجز، وكما لم ترد أي معلومة عن حجم الاحتياطي النقدي ومقدار التغير فيه من سنة
إلى أخرى، وهذا يقدح في مبدأ الإفصاح والشفافية التي يكرر المركزي الليبي التزامه
بهما.
وبالعودة إلى توقعات المركزي حول العجز
المقدر في الإنفاق بالدولار والذي ورد في رسالته لمجلس النواب في شهر فبراير
الماضي وقال إنه من المتوقع أن يبلغ نحو 12 دولار، فإن العجز يمكن أن يتجاوز
تقديرات المركزي السابقة وذلك بالنظر إلى العجز المتحقق خلال الست أشهر التي غطاها
بيان المصرف والبالغة نحو 9 مليار دولار.
الضريبة المفروضة على بيع العملات الأجنبية
حققت عائدا بلغ 9.2 مليار دينار خلال الثلاث أشهر الماضية (الضريبة فرضت في شهر
مارس)، ولم تظهر في خانة الإيرادات في التقرير باعتبار أن فرضها كان لأجل تغطية
جزء من الدين العام والإنفاق التنموي، دون أن يكشف المركزي عن مصير عوائد الضريبة،
أيضا أظهر بيان المركزي أنه لم يتم الإنفاق على مشروعات التنمية خلال الفترة التي
غطاها التقرير.
وبمطابقة ما يرد من بيانات في التقارير
الشهرية للمصرف المركزي والنشرة الاقتصادية، يظهر أن هناك اختلافا في البيانات كان
سبب نقد بل تشكيك العديد من المراقبين في البيانات الشهرية للمصرف، وهذا يحتاج إلى
عناية من إدارت المركزي التي ما تزال تعتز بدقة تقاريرها.