يا لفرحة نتنياهو، ويا لإعادة اعتبار وهمي
يشعر به جيش الكيان الصهيوني، وأي إنجاز تاريخي، مقابل استخلاص أربعة أسرى من مخبأ
لهم، فوق الأرض في مخيم النصيرات. وذلك بعد طول انكسار، وفشل طوال ثمانية أشهر، من
حرب العدوان على قطاع
غزة.
هذا الذي حدث استدعى، كل هذه الفرحة،
والشعور بالإنجاز العسكري، بعد فشل مسلسلات، لا متناهية، من العمليات، والحملات
الفاشلة، طوال ثمانية أشهر. هذا الانجاز يجب أن يُعتبر "كبيراً وكبيراً"
جداً لمحرومين من إنجاز عسكري، أو سياسي طوال الحرب.
علماً أنها بمقاييس العمليات العسكرية تفقد
هذه العملية قيمتها العسكرية، حين هيّأت لها ولإنجازها، بإبادة للمدنيبين شملت 112
شهيداً وستماية جريح، أغلبهم من الأطفال والنساء. فقد تمت بمشاركة أمريكية غادرة،
نفذت من خلال تمرير أعداد من المهاجمين في شاحنات المعونة الأمريكية، كما استخدام
الجسر العائم، وطائرة أباتشي لتسهيل الانسحاب بأربعة أسرى. وبعد أن قتل ثلاثة
أسرى، من بينهم أسير يحمل الجنسية الأمريكية. وبهذا أصبح تحرير أربعة أسرى مقابل
قتل ثلاثة أسرى، وإبادة بشرية مهولة.
لقد جاءت استقالة كل من بيني غانتس وغادي آيزنكوت وحيلي تروبير، من قيادة مجلس الحرب وحكومة نتنياهو، ضربة جديدة تفاقم الأزمة الداخلية. وتؤشر إلى اقتراب انهيار الحكومة، أو إلى انحطاط مستواها السياسي العسكري
بكلمة، هذه العملية جريمة إبادة بشرية
"تاريخياً"، إذ تمت كما تقدم أعلاه. فنتنياهو لم يعرف طوال ثمانية أشهر،
كيف يكون الفرح، وتحقيق الإنجاز العسكري. وإذا به يكاد يطير لهذه العملية التي
جاءته يتيمة، غير قابلة للتكرار. وتشكل فضيحة أخلاقية. ولا تغيّر في موازين القوى،
أو تؤثر في نتائج الحرب البريّة، طوال الأشهر الماضية. وقد كانت سلسلة من عمليات
الفشل من جانب الجيش الصهيوني، وسلسلة من الاشتباكات الصفرية، التي بادرت لها قوات
المقاومة، من مسافة صفرية، في قتل الضباط والجنود، واصطياد الدبابات والجرافات
وناقلات الجند، بما زاد عن 1300 ألية عسكرية، وآلاف القتلى والجرحى من قوات الجيش
الصهيوني.
وخلاصة، إن العملية التي بولغ بأهميتها، لا
تمثل سمة عامة لسير المعارك طوال الثمانية أشهر الماضية، فيما الحرب البريّة دخلت
شهرها التاسع. هذا ولا تشكل سمة جديدة لمسار المعارك، أو نتائج الحرب البريّة، أو
جرائم الإبادة، وتدمير البيوت والمستشفيات. وذلك لأن المعادلة التي حكمت الحرب
البريّة. وقد انقلب فيها الجيش المهاجِم إلى مدافِع، وانقلبت المقاومة من مدافعة
إلى مهاجِمَة. وجاءت ندّاً لندّ، فيما يد المقاومة هي العليا، بامتلاك زمام
المبادرة، وتحديد شروط الاشتباك.
ويُلاحظ في الرد الذي واجهت به قوات عز
الدين القسام، وقوات سرايا القدس، والمقاومون الآخرون على الهجوم الصهيوني-
الأمريكي بأنه قوبل بمواجهات قتالية تجاوزت قواعد الاشتباك بقوات الجيش، وهي
منسحبة بالأسرى، بمطاردتها.
وبالتأكيد ستفيد القيادة العسكرية لقوات
المقاومة، من الدروس والعِبَر الجديدة، في قتال مواجهة جديد.
لقد جاءت استقالة كل من بيني غانتس وغادي
آيزنكوت وحيلي تروبير، من قيادة مجلس الحرب وحكومة نتنياهو، ضربة جديدة تفاقم
الأزمة الداخلية. وتؤشر إلى اقتراب انهيار الحكومة، أو إلى انحطاط مستواها السياسي
العسكري، وذلك بسبب المزيد من نفوذ بن غفير وسموتريتش، على قرارات نتنياهو ليزيد
وبالها على الكيان الصهيوني عسكرياً وسياسياً، وسوء سمعة دولية، منتقلة إلى المزيد
من التخبط والعزلة الدولية.