بحسب البيانات
التي تنشرها المفوضية العليا للانتخابات في
ليبيا في صفحتها على فيسبوك، فإن عدد المسجلين
من الناخبين بلغ 116 ألفا، وذلك حتى يوم الجمعة الموافق 28 من الشهر الجاري، وهذا في
الحقيقة رقم متواضع وقد يكون مؤشرا على عزوف شعبي قد يسهم في نتائج غير مرضية
للانتخابات البلدية.
باب التسجيل في
المنظومة الجديدة فتح منذ التاسع من الشهر الجاري، وبالاقتراب من فترة ثلاثة
أسابيع، ومع التيسير في عملية التسجيل التي تكون عبر استخدام الهواتف بإرسال رسالة
نصية إلى رقم المفوضية مرفقا بالرقم الوطني ورقم المركز الانتخابي للناخب، فإن عدد
المسجلين ما يزال متواضعا، خاصة وأن التاريخ المقرر لانتهاء عملية التسجيل هو
السابع من الشهر القادم الذي هو على الأبواب.
البلديات
المستهدفة بالانتخابات في المرحلة الأولى عددها 60 بلدية، وباعتبار أن الرقم يضم
بلديات كبيرة فإن القاعدة الانتخابية واسعة، ولا تمثل أعداد المسجلين حسب التوقعات
الأولية نسبة عالية من القاعدة العريضة، وهذا قد يكون دافعا لتمديد فترة التسجيل
إلى ما بعد الموعد المقرر لانتهائها، لأسبوع أو ربما عشرة أيام، وقد لا يكون الأثر
المتوقع للتمديد فارقا إذا استمرت وتيرة التسجيل على ما هي عليه الآن.
إقبال الذكور
أكبر بكثير من إقبال العنصر النسائي، وذلك برغم الدور المنوط بسفيرات التوعية
بالمفوضية لحفز النساء على المشاركة في
الانتخابات، حيث لم تتعد نسبة النساء
اللواتي قمن بالتسجيل 25 في المئة تقريبا، وهي نسبة متدنية بالنظر إلى أن الإناث
يشكلن نحو نصف تعداد السكان.
أسباب تدني أعداد من قاموا بالتسجيل تعود في جوهرها إلى الوضع السياسي العام الذي تسبب في حالة من الاحباط لدى الرأي العام في ليبيا، ويجتمع مع هذا الاعتقاد بأن التغيير يكون من الأعلى للأسفل وبالتالي فإن الانتخابات البلدية لا تغير شيئا كثيرا في الواقع المأزوم
اللافت هو إقبال
الشباب على التسجيل قياسا بالفئات العمرية الأخرى، فقد بلغت نسبة المسجلين ممن تتراوح
أعمارهم من 18 سنة حتى 39 سنة نحو 50 في المئة من إجمالي المسجلين للمجالس البلدية
الـ60 المستهدفة بالعملية الانتخابية.
وتيرة التسجيل
شهدت تصاعدا خلال الأسابيع الثلاثة منذ فتح باب التسجيل، فقد سجل نحو 22500 خلال
الأسبوع الأول، ليتضاعف العدد نحو مرة ونصف خلال الأسبوع الثاني حيث بلغ عدد المسجلين
56500 تقريبا، ليقفز الرقم إلى أكثر من 116000 مع نهاية الأسبوع الثالث. ولا يمكن
الجزم بأن العدد سيتضاعف خلال الأسبوع الأخير من التسجيل اعتمادا على نسبة الزيادة
الأسبوعية منذ بدأ التسجيل، وذلك يعود إلى تراجع زخم التسجيل إلى نحو 5500 يوميا
في المتوسط خلال الأسبوع الأخير.
أسباب تدني أعداد
من قاموا بالتسجيل تعود في جوهرها إلى الوضع السياسي العام الذي تسبب في حالة من
الإحباط لدى الرأي العام في ليبيا، ويجتمع مع هذا الاعتقاد بأن التغيير يكون من الأعلى
للأسفل وبالتالي فإن الانتخابات البلدية لا تغير شيئا كثيرا في الواقع المأزوم.
يجتمع مع ما سبق
ذكره ضعف حملة التوعية بالانتخابات البلدية، وعندما تكون الانتخابات البلدية على
الأبواب ولا يتحدث بها وحولها الناس، فهذا يعني أن المعنيين بها لم يقوموا بدورهم
على أكمل وجه. فالمفوضية تسند تواصلها مع الناخبين إلى منسقي التوعية وسفيرات
التوعية ومنظمات المجتمع المدني والكشافة والمرشدات واتحادات الطلبة؛ بقيامهم بتوزيع
مطويات توعوية على المواطنين داخل البلديات المستهدفة في المرحلة الأولى، وتكرر
ذلك عبر منصاتها، وهذا ليس كافيا بل هو أقل القليل.
نجاح تجربة الحكم المحلي عبر تفعيل دور المجالس البلدية المنتخبة لا يقتصر على إسهامها بشكل مباشر في معالجة الكثير من المختنقات التي تنعكس سلبا على معاش الليبيين، بل يمكن أن تمثل حجر زاوية في المقاربة الاستثنائية لمنع تفكك الدولة، هذا فضلا عن إسهامها في معالجة إشكالية نظام الحكم التي هي في القلب من الخلافات بين الفرقاء السياسيين
تجلس ساعات طوال
هذه الأيام وأنت تقلب القنوات الفضائية فلا تجد من بين الأخبار الكثيرة والبرامج
العديدة والإعلانات المتكررة شيئا ذي بال على الانتخابات البلدية، وقس على ذلك
وسائل الإعلام والدعاية الأخرى.
الدور المكمل
للمفوضية يرجع إلى من يمثل المجتمع في مجموعه من مكونات ومنظمات وجمعيات أهلية،
ونخب ونشطاء، والذين لا يظهر لهم أثر فعال في حفز الناس للتسجيل والاضطلاع بدورهم
في إنجاح الانتخابات البلدية من خلال التوعية بأهميتها، حتى في الظروف السياسية
القاهرة، وأن تماسك المنتظم المحلي ممثلا في البلديات يمكن أن يكون أحد أهم صمامات
الأمان في حال استمر التدهور على الصعيد الإدارة العليا.
إن نجاح تجربة
الحكم المحلي عبر تفعيل دور المجالس البلدية المنتخبة لا يقتصر على إسهامها بشكل
مباشر في معالجة الكثير من المختنقات التي تنعكس سلبا على معاش الليبيين، بل يمكن
أن تمثل حجر زاوية في المقاربة الاستثنائية لمنع تفكك الدولة، هذا فضلا عن إسهامها
في معالجة إشكالية نظام الحكم التي هي في القلب من الخلافات بين الفرقاء
السياسيين، كما أنها ستكون محركا للدفع باتجاه الانتخابات العامة، وترسيخ الانتقال
والتحول الديمقراطي في البلاد.