ربما كان من المفيد، حتى لا نقول من
الضروري، أن نعيد طرح أسئلة على أنفسنا، بهدف القيام بمراجعة لدور الإبداع الفكري
والأدبي والفني في مجتمعنا، وصولاً إلى حالة صحية في هذا المجال، تساهم في إخراجنا
من أدواء أودت بنا وبالوطن إلى أوضاع لا يقبلها أحد، ولا يتوقف عن المطالبة بضرورة
الخروج منها أحد، بأسرع وقت ممكن وبأفضل صيغ التفاهم والتعاون:
هل الأدب سجلٌ تاريخي، أم نوع من التاريخ
الاجتماعي والوطني والقومي؟! أظن أن المؤرخين لا يرون الأدب تاريخاً، بل يرفضون أن
يرتدي هذه الحلة، ولكنهم جميعاً لا ينكرون ما قد يقدمه الأدب للتاريخ من معطيات
تعجز عن تسجيلها وتدقيقها وتشخيصها قراءاتُ التاريخ واستقراءاته الاجتماعية
والنفسية واستخلاصات أكثر المهتمين به وملاحظاتهم ومنح أشخاصه دفقة حيوية ونكهة
حياة.
وهل الأدب سجلٌ اجتماعي.. أو سجلُّ المجتمع
وخلاصتُه في مرحلة ما ؟! إن غنى المجتمع وتنوّعَه، وما فيه من تداخل مصالح ومبادئ
وقوى وسياسات وآراء وشخصيات ونفسيات مختلفة، يبدو، بالنسبة للأدب الذي يحاول أن
يمثِّله أو يسجِّله، كالمحيط الذي يفرز موجة ما ويدفعها في مداه فالموجة من المحيط
ولكنها ليست هو، وقد تعبِّر عن حالة من حالاته وتحمل بعض صفاته ومواصفاته، ولكنها
تبقى الجزء الذي يدخل في الكل ولا يمكن أن يعطي صورة شاملة كاملة عنه، أو أن يكون
بديلاً له؛ فللمحيط أعماقه وأحياؤه وماؤه ومناخُه وأسراره والجغرافية الشاملة التي
يشكِّلها، وله موقعه من الأرض ومن حياة الناس والأحياء فيها ومن الأحياء فيه وله
قدرته وسحره؛ وللناظر إلى المحيط: قدرة ورؤية ومزاج وهوى وحاجات ومصالح وغايات
تجعل فهمه أسيراً لها على نحو ما ويسبغ عليه من ذلك ما يسبغه عليه.؟!!
في وقت يستباح فيه الإنسان روحاً وجسداً،
قيمة وكرامة.. ويصبح فيها البؤس والشقاء، وحالة تجسد الإزراء بكل ما هو روحي،
وديني، وأخلاقي، ووطني، وإنساني.. هل يقوم الإبداع " الفكري والأدبي
والفني" بدور منقذ؟! وهل هو مسؤول، بمعنى ما عمَّ يصيب الإنسان والقيم من سوء
وخراب، وعمَّ يبلغه الإنسان من درك في التطرف والتصرف والانحطاط والتوحش؟! هل هو
شريك في المسؤولية فيسأل، أم مغلوب على أمره فيُهمَل.. أم أنه مراوغ وزئبقي في
حالات، وملوث بالإثم وشريك في الجرم في حالات؟! أم هو تابع، منافق، ومساهم بدرجة
أو درجات بكل ما يتصل بالإنسان والعمران والقيم والعدل وحكم الدول في هذه
الحياة.؟!
هل الأدب يقدم فعلاً: "أبرز تمثيل
للأخلاق وأفضل تعبير عنها". كما قال
توماس وارتون/ Thomas Warton - 9 يناير 1728 ـ 21 مايو 1790/، أي هل يمكن أن ننظر إليه بوصفه سجلاً
للأخلاق؟! وأية أخلاق يسجِّلها الأدب في هذه الحالة: هل هي الأخلاق المحددة بمجتمع
وببيئة وعقيدة وثقافة، بزمان ومكان، بتاريخ وجغرافية، بأوضاع وحالات يطول مداها أو
يقصُر، أم هي الأخلاق بالمطلق التجريدي للكلمة وبالمفهوم الشامل للإنساني؟! وهل
هناك مفهوم شامل متفق عليه ومستقر في الأداء لتمييز الـ "الإنساني"
والحكم عليه على الخصوص؟! ألا يبدو في أحيان كثيرة أن الإنسان موجود و
"الإنساني" مفقود في الوقت ذاته، وأن هناك ما هو إنساني مشترك نستشعره
أو نكتشفه في ذروة تفاقم الحروب والأزمات، ونفتقد الشعور به في السلم والأمن و في
خضم التسابق على المُكتسبات، وأن ما هو إبداع نظري نفتقده في الواقع العملي وفي
النزوع البشري، في البواعث والدوافع ومسوِّغات الأفعال المنافية للإنساني
والخُلُقي والقيمي، وهذا ما نجده دائماً في السياسي وفي توابعه الإعلامية
والثقافية الصَّماء، في حالات كثيرة.؟!
إن القيم موضع اتفاق واختلاف: اتفاق مثالي واختلاف تطبيقي ـ عملي، اتفاق في جوهر الروح الإنساني، واختلاف بسبب الانتماء لأمم وأقوام ومجتمعات وبلدان.. ولثقافات وديانات ومذاهب وأيديولوجيات و.. و.. إلخ..
وهل هو مما يُتَّفَق على مقوماته وعلى
تقويمه في كل مجتمع من
المجتمعات، وفي كل مرحلة من مراحل التاريخ في المجتمع
الواحد، وفي حالات الصراع الذي قد يكون دامياً بين الدول والأقوام أو التجمعات
البشرية؟! وهل القيم التي يستند إليها الأدب/ الإبداع، أو التي يتضمنها ويدعو
إليها هي مما يُتَّفَق عليه أيضاً؟! وما هو تأثير الأحكام الإيجابية والسلبية التي
تطلق على إبداع ومبدعين عبر النقد المؤدلج والنقد الإعلامي ـ الإعلاني،
الميليشياوي عامة" التي يروجها إعلام وظيفي - موظف للدعاية مع أو ضد.؟!
وهل الأدب هو: خلاصةُ الرؤية والتجربة
والمعاناة وواحة الفكر المستقل، أم هو صوت الأيديولوجيا ولون السياسة، وصيغ من
التعبير في إطار الانحياز وحتى التطرف " العرقي ـ القومي، الديني ـ الطائفي ـ
الحزبي ـ الفئوي..إلخ".. تُصعَّر بها وجوه للناس، ويتواجه بها المتنازعون على
السلطة والهيمنة والمكاسب في الحوادث والأزمات والملمات.. صيغ يُعبَّر من خلالها
عن توجهات سياسية وتلفق موقف تتعمشق المثالي والواقعي، الأخلاقي والإنساني،
المبدئي والبراغماتي.. وتنتهي إلى خصوصية ضيقة تضيق؟! وهل هذا النهج يمكن القبول به والإقبال عليه مع
المحافظة على وظيفة الإبداع ودوره ورهافته وإنسانيته ومناخه، وعلى حرية المبدع
وم؛انته وقيمته الحقيقية وتشجيعه وإنصافه، وعلى تألق الاستقلالية، وفعالية الإبداع
وشموله، وترسيخ ذائقة التلقي السليمة.؟!.
هذه التساؤلات تسمح لنا بأن نقف على عتَبَة
هذا العالم المشحون بالتناقضات والاعتراضات والاختلافات، وبالانتماءات والتواطؤات
وبالكثير من الخافيات والبواطن والمخفيات.. عالم يبدأ بتفاوت الآراء حول المفاهيم
والقيم وينتهي بتجاوزها، نتيجة عوامل تؤثر في العلاقة بين الفكر والأدب خاصة
والإبداع عامة من جهة وبين السلطة والأيديولوجيا من جهة أخرى، وتجعلها مشوبة
بالكثير من الشوائب السلبية كالتبعية والفساد والإفساد، والإلزام القسري تحت مسمى
الالتزام الذي ينطوي على حرية الاختيار.
ويمكن أن نطرق هذا الباب بأسئلة أو تساؤلات:
هل الدور الذي للأدب والفن بعيدٌ، أو يجب أن يبقى بعيداً عن " السياسي - الأيديولوجي
- الحزبي"، وعن التفاعل الخلاق والمسؤول مع الناس في ميادين الحياة وفي
المواقف والسلوك والتصرف.. وهل هذا ممكن أصلاً.. مع حيوية وأهمية وضرورة العلاقة
الجدلية بين الإبداع والمجتمع لتحقيق النهوض والعدل والتقدم الاجتماعي، وبلورة
الحقوق والدفاع عنها وعن الحرية والتحرر والتحرير؟! فالفن للفن ترفٌ لم يصمد أمام
تيار الحياة الزاخر بالكثير من المعطيات والمتغيرات التي تعني الفكر والأدب والفن.
أم أن المرفوض هو التوظيف "السياسي ـ الأيديولوجي ـ الحزبي" الذي لا
يمكن أن يكون صحيحاً وصحياً.؟!
قد يقول قائل: إن القيم الخُلُقية
والإنسانية واضحة، جذورُها مشتركة ومعاييرها موحَّدة ولا خلاف عليها أبداً!؟ ربما
كان هذا صحيحاً من الناحية النظرية، وفي حال افتراض موضوعيةِ البشر وعلميَّتِهم
ومثاليَّتِهم ونقائهم، ووجودهم في شروط عيش ومناخات متقاربة.. لكن الواقع غير ذلك،
وتضارب الآراء حول قيمة ما ومفهومها وتطبيقها لا يلبث أن يضع المشكلة في العراء
تماماً وبحجمها الحقيقي.
لو أن التعاملَ مع القيم الدينية والخلقية
والإنسانية لدى البشر مجرَّدٌ من الشوائب، موحَّد المعايير، خالٍ من الأمراض
والإغراض والهوى في الفهم والتفسير والتوظيف، وغير محكوم بسياسات وأيديولوجيات
ومصالح وتَغالُب يبيح ويستبيح.. لأصبح المشترَك الإنساني أرحب وأعمق، وحاكميته
أقوى وأشمل، ولتقارب التفكير والتعبير أكثر، ولضاق هامش النشاز في التعبير
والتدبير والسلوك والتواصل والتعامل، ولاختفت ازدواجية والمعايير والمكاييل أو خَفَّت،
وانحسَرَ مدُّ التعصّب والتطرف والتمييز العنصري!!. ولَمَا كان هناك أخيارٌ هم
أشرار بنظر آخرين والعكس صحيح، ولَمَا وجدنا لدى متدينين وعقائديين ومفكرين وأدباء
ومبدعين غلواً ونزوعاً عدوانياً مفرطاً وتعالياً عنصرياً، ولما وجدنا صورة ذلك في
الفكر والأدب والفن.
"إن تداخلَ القيم الوطنية والقومية مع
ما يشكِّل جوهر الإنساني والخلُقي، وتفاعلَها معاً عاطفياً وانفعالياً في بوتقة
واحدة، يُبْرِز الانحياز للقومي والوطني، وتقديم مصلحة الدولة/ السلطة، ومصالح حزبية وفئوية وطائفية وشخصية ضيقة،
على حساب القيم الخُلُقية والإنسانية، ويغيب النهج الموضوعي في التعامل مع حقيقة
تشارك البشر في الشرط الإنساني والمصير الإنساني، ويعزز التوجّه الذرائعي
والبراغماتي، ويسوَّغ سياسات وتوجهات عدوانية ـ توسعية ـ تسلطية تعتمَدَها دول
وتقرها مجتمعات لديها نزوع استعماري. ويؤدي كل ذلك إلى: سياسة مجافية للأخلاق،
تزعزع الأمن وتهدد السلم، وتقف وراء أزمات وصراعات وحروب. وهكذا تهيمن القوة
الغاشمة وتحكُم وتتحكَّم وتتدخل في شؤون الدول والشعوب، مدَّعية وصاية على
الآخرين، متلفِِّّعة بذرائع تمتد من الديمقراطية إلى حقوق الإنسان التي تنتهكها؛
وتسود سياسات عدوانية تتنافس وتتقاتل.. وتفتح أبواب س الدعاية والدعاية المضادة
على مصاريعها، وتقيم صروحاً إعلامية وتفرض تبعية على إعلام أو تشتري إعلاماً
ويزدهر سوق الكلام الموظف سياسياً لصنع " حقائق؟!" وتزييف وقائع، وتشتيت
الرأي العام وتسميمه وتغذيته بالأكاذيب، وتشوه المفاهيم والقيم.. فيؤثر ذلك سلبياً
في الفهم والوجدان الفردي والجَمْعي وفي الحُكم والاحتكام والحَوْكَمة، ويفسد حتى
النقد والذوق الأدبي والفني، ويُهمّش الإبداع الحق ودوره.
ويطرح هذا الوضع سؤالاً حول أهمية القيم
والمفاهيم والمعايير وسلامتها كافة من التشويه المتعمَّد أو القصور عن فهم
المقاصد، وحول أهمية توافق راسخ وشامل على " الخُلُقي والقيمي
والإنساني" يحظى بالحترام والدفاع عنه، بعيداً عن تلوُّن المعيار بتلوُّن
السياسات والأيديولوجيات والأشخاص، وعن تغيّر الظروف والمصالح والعلاقات بين القوى
والدول.. فهل هذا ممكن يا ترى.؟!
إن القيم موضع اتفاق واختلاف: اتفاق مثالي
واختلاف تطبيقي ـ عملي، اتفاق في جوهر الروح الإنساني، واختلاف بسبب الانتماء لأمم
وأقوام ومجتمعات وبلدان.. ولثقافات وديانات ومذاهب وأيديولوجيات و.. و.. إلخ..
وفي هذه الظلال يتربّى بشر، ويعملون،
ويتعاملون، ويحكمون.. فيظلمون، أو يقتلون، أو يعدلون، أو.. أو.. كلٌ من منطلقاته ومفاهيمه وحسب هويته
وانتمائه وولائه.. وفي تلك الظلال أيضاً " يتعلم بشرٌ ويتثقفون ويكتبون
ويبدعون..؟!".. وفي هذا الواقع كله، بأبعاده الأفقية والشاقولية، يفشو ضَلالٌ
هنا ويمتد ظَلامٌ هناك..؟! وهكذا يعتقد الطغاة عندما تعميهم أنانيتهم، وتَمُدُّ
أخطاؤهم خطاهم في طريق الظلم والجريمة والفساد والإفساد، والسعي إلى " عَظَمة
فارغة وخُلودٍ خُلَّبي!"يعتقدون أن كل شيء مباحٌ لهم انطلاقاً مما تزينه لهم
أنفسهم من خلال رؤية "
أخلاقية؟"! يقدمها لهم مفسرون ومفكرون ومتفلسفون ومُؤَدْلِجون ومتزلّفون
ومُفتون مفتونون بالمال والجاه والسلطة..
وفي الإطار ذاته تنشأ نظريات وتستقطب
أتباعاً ومريدين تسحقُهم الدعايات والادعاءات إلى الحد الذي يصبحون فيه أدوات
للظلم والقهر للجهل والقتل.. وكلٌّ في هذا الفُلْك الدنيوي الدَّنيِّ يلتحِفُ
بلحاف يلائمه، يغطَّى ما يمكن أن يغطي منه ولو إلى مدى، بغطاء "مبادئ ومفاهيم
وقيم إنسانية؟!"، يدعي أنه يناضل ويضحي ويعيش من أجلها، ويجد مَن يسوِّغ له
ادعاءه، ويلمِّعُ صورته، ويصدِّره قيمة وقدوة مِن مفكرين وأدباء وفنانين محترفين
متزلفين يلمِّعون صوراً ويرفعون أصحابها درجات ودرجات، ويظنون أنهم يتماهون معهم
بينما يهلثون في ركابهم، طامعين مستظلين بسيطرتهم، فيرتفعون درجات ودرجات بنظر
طلاب الحظوات والمكاسب والصفات.. ويبقى كل ذلك السقوط محمياً بطلاقة لسان، وقوة
طغيان، وغياب كل حضور وتأثير لما هو عقلاني وأخلاقي ووجداني وإنساني في الإنسان.
إن تداخلَ القيم الوطنية والقومية مع ما يشكِّل جوهر الإنساني والخلُقي، وتفاعلَها معاً عاطفياً وانفعالياً في بوتقة واحدة، يُبْرِز الانحياز للقومي والوطني، وتقديم مصلحة الدولة/ السلطة، ومصالح حزبية وفئوية وطائفية وشخصية ضيقة، على حساب القيم الخُلُقية والإنسانية،
هذا على بعض ضفة من ضفاف نهر الحياة اللَّجب
أمَّ على الضفاف الأخرى فيتدافع الفقراء والضعفاء والبسطاء، ويدلفون من ظلماء إلى
ظلماء، ويعيشون شقاء شقاء، ويبثون شكواهم للريح والمدى الرملي الكسيح.. ويدفعون
وتدفع البشرية البريئة المسالمة، ويدفع الفكر والأدب والفن والإبداع.. ثمن كل ما
هو " من أجلها، وفي سبيلها، أو تحت عباءتها، وما يُرتكب باسمها؟!".. حسب
الأدعياء، والدُّعاة، والطُّغاة، والبُغاة، والأقوياء، ومن يستخدمونهم "ولاءً
أو شراءً أو غباءً".. تدفع البشرية المسكينة، ثمناً غالياً جداً جداً ومكلفاً
إلى أبعد الحدود لوجودها بلا مفاهيم ومعايير وقيم محمية بقوة القيمة والإنسان..
وتُعاد هذه الأحوال الكرَّة تلو الكرَّة، جيلاً بعد جيل وبأشكال وصور مختلفة، على
وقع صناجة السلطان والطغيان، وصنَّاجة من نوع فريد يُشقلبون الواقع والوقائع رأساً
على عقب، ويأكلون بأثدائهم ويسرحون ويمرحون، ويبلع التاريخ المسكين ما يفعلون.
ودائماً يختل ميزان الحكم باختلال ميزان العدل.. فيتناسل من ذلك عماءٌ وغباءٌ،
وبؤس وشقاء، وينتشر كل ذلك مجتمعاً وبيئاً أو بيئة تنشر الوباء.!؟!
في هذا الخضم الذي تتلاطم فيه السياسات
والأيديولوجيات والتيارات، وتمتد فيه الآراء بين النقيض والنقيض، وينسُب كلُّ مَن
فيه الخير والفضل لنفسه والشر والسوء لسواه.. في هذا الخضم المتشابك، المبيح
المستبيح، المتقاتل بالأسلحة جميعاً.. يتوجب على الفكر والأدب والفن، على الإبداع
الحق، على المفكر والأديب والفنان، أن يواجه سؤال القيم، وأن يدخل مرحلة مراجعة
واعية وشجاعة لكثير من المستقر والبدَهي، أن يواجه سؤال القيم، وأن يتأمل بعمق صلة
الإبداع بها وبالواقع والناس، وأن يبدع ما يفيد ويُنقذ ويستنقذ، ويعطي رسوخاً
وشمولاً للأخلاقي والقيمي والإنساني، ويعزّز حمايتها والدفاع عنها.. وأن يحدد
خياراته ومواقفه وأهدافه وما ينميه ويدافع عنه بوعي وحرية مسؤولة، وأن يعزز
الصَّالح ويَجُبَّ الطَّالح، ويعلي شأن إنسانيته في الوقت الذي يحمل فيه هُويَّته
ويعتز بإنتمائه ويسعى للتمايز لا للتميُّز الذي تشوبه عنصرية.