جاء الإعلان عن المصالحة الفلسطينية الداخلية بين حركتي حماس وفتح برعاية مصرية رسمية ليضع حماس في مرمى النيران من قبل كثير من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين الذين يَرَوْن أن التقارب الذي تم بين حماس والنظام المصري الذي يترأسه أشد أعداء جماعة الإخوان يمثل ضربة في الظهر وانتكاسا وتخليا عن الثوابت وتنفيذا لبراجماتية سياسية يراها الإخوان خيانة كاملة من فرع الجماعة في فلسطين المحتلة.
ميثاق حركة المقاومة الغسلامية حماس الذي تمت صياغته عند تأسيسها في نهاية الثمانينيات عقب أحداث الانتفاضة يؤكد أنها امتداد لجماعة الإخوان المسلمين وأنها ملتزمة بمبادئها وثوابتها كما جاء في ميثاق التأسيس (حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين. وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصرالحديث) وتعاملت جماعة الإخوان مع حركة حماس منذ تأسيسها على أنها جزء أصيل منها يحمل أفكارها في فلسطين.
لكن الحقيقة أن حماس كانت مختلفة منذ نشأتها عن جماعة الإخوان على مستوى الفكر ومستوى الحركة وكذلك التنظيم والوعي السياسي، ورغم حداثة تأسيسها مقارنة بجماعة الإخوان الأم، إلا أن الظروف التي عايشتها رفعت من درجة نضجها السياسي وأكسبتها مرونة سياسية استطاعت بها الصمود في وجه المتغيرات الدولية والإقليمية بل واستطاعت تحقيق نوع ما من الردع النسبي وتوازن القوى في وجه الاحتلال الإسرائيلي على مدار المواجهات الماضية بالإضافة إلى تمكنها من إدارة قطاع غزة وتصريف شؤونه منذ الشقاق مع حركة فتح والانفراد بحكم غزة ورغم كل المعاناة التي يشهدها القطاع بسبب الحصار ورغم تجاوزات حماس نفسها كسلطة إلا أنها استطاعت الاستمرار وفرض نفسها في المعادلة الإقليمية والدولية كطرف قوي وفاعل يهتم الجميع بموقفه ويسعى لاحتوائه.
في إطار الهجوم على حماس يتناسى البعض الوثيقة التأسيسية الجديدة لحركة حماس والتي صدرت في أبريل 2017 وجاء فيها أن «حماس» حركة «تحرر وطني فلسطيني مستقل القرار»، في إشارة إلى الانفصال عن جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، وذكر البند 31 أن حركة «حماس» تحرص على استقلال القرار الوطني الفلسطيني وعدم ارتهانه لجهات خارجية. ولم تذكر الوثيقة كلمة «إسرائيل» سوى مرة واحدة في البند الـ17، معتبرة أن قيامها باطل، وذلك على الرغم من تأكيد الوثيقة قبول «حماس» بدولة فلسطينية مؤقتة على حدود 1967، وفي كل المرات أشارت الوثيقة إلى إسرائيل بـ«الكيان الصهيوني»، وأكدت الوثيقة أن الحركة لا تعترف بإسرائيل، وذلك في الفصل السابع في البنود 13 و14 و19، كما أكدت «حماس» في البند الـ10، أن القدس عاصمة لفلسطين، دون ذكر القدس الشرقية المحتلة أم القدس الغربية، التي تتخذها إسرائيل حاليا مقرا لحكومتها.
وأكدت حماس في الوثيقة، رفضها معاداة اليهود كديانة، لكنها أكدت معاداتها لمشروع الكيان الصهيوني من جهة أخرى في البند 15 الذي أكدت فيه أن «اليهود» أهل كتاب وترى أن الصراع ليس دينيا وإنما هو صراع قومي، مؤكدة أنها ستواجه كل من يحاول الاعتداء على الشعب الفلسطيني أو يغتصب حقوقه أو يحتل أرضه بصرف النظر عن دينه وقوميته أو هويته، وأكد البند 16 رفض «حماس» العداء للسامية، مؤكدا أن اضطهاد اليهود ارتبط أساسا بالتاريخ الأوروبي وليس بالتاريخ العربي).
لا يمكن قراءة الموقف الأخير لحماس بعيدا عن بنود هذه الوثيقة التي قدمت فيها حماس تنازلات ومراجعات كبرى لتتماشى مع الظروف الإقليمية الجديدة الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط.
حماس تحمل مشروعا سياسيا واضحا يكتسي بألوان السياسة ويتغير طبقا لمتطلباتها حتى لو جاء على حساب الشعارات التقليدية والأدبيات الكلاسيكية للحركة الإسلامية بشكل عام التي تؤكد في أدبياتها على أن الصراع بين إسرائيل والعرب صراع ديني محض بينما تراه حماس الآن صراعا قوميا وقضية وطنية.
يمكن قراءة ما فعلته حماس وأطروحاتها الجديدة من باب التناقضات و يمكن رؤيته على أنها مراجعات تمت على مدار سنوات عبر مستوياتها المختلفة حتى وصلت لهذا التصور.
سيرى كل شخص ما فعلته حماس طبقا لمعاييره ورؤاه ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن تستفيد جماعة الإخوان من تجربة حماس؟
تحتاج جماعة الإخوان لإعادة قراءة الواقع والتحلي بالواقعية السياسية والخروج من الحالة الكربلائية وعدم الإصرار على استمرار الصراع كصراع صفري. شجاعة المراجعات الإخوانية الرسمية لم تتضح بعد، رغم أن الجماعة هي أولى الناس بالمراجعة بعد الفشل والرهانات البائسة التي تبنتها قيادتها منذ ثورة يناير وأثناء الحكم وعقب 3 يوليو وحتى الآن.
النظام الرسمي المصري الذي استوعب حماس وهي الفرع المسلح لجماعة الإخوان بفلسطين يستطيع استيعاب جماعة الإخوان وإنهاء حالة الصراع المحتدم منذ سنوات، لكن هذا لن يتم وجماعة الإخوان مازالت منفصلة عن الواقع وتصر على تجميد المشهد كله في مأساة رابعة وتدمن قيادتها خطابا عنتريا لا يمت للواقع ولا القدرة الفعلية بصلة.
قد يتعلل البعض باختلاف المشهدين ويرى في المقاربة خللا تأسيسيا، فالأول مشهد إقليمى دولي تتدخل فيها قوى كبرى وتحكمه مصالح مختلفة ، والمشهد الثاني مشهد داخلي بحت، لم يعد أحد من الأطراف الدولية الفاعلة معنيا به ، لكن الحقيقة أن مصر تحتاج لغلق هذا الملف وطي صفحات الكراهية والاستقطاب ونبذ العنف.
أجهزة الدولة المصرية قادرة على تصفير الصراع إذا أرادت، وجماعة الإخوان أيضا تستطيع المساهمة في إنهاء الصراع إذا تحلت بالواقعية ومراجعة الذات، عل ما حدث في غزة يفتح الطريق لتحكيم العقل في كل المسارات. إن غدا لناظره قريب.
حماس دوما تسبق بخطوات لاعتبارات عدة ربما اهمها ان منصة الادارة والتوحيه مليئلة بالقيادات الشبابية الطموحة والواعية وهذا بخلاف جماعة الاخوان في مصر التي تزدحم منصة الادارة فيها بالكهول الكرام اعزهم الله ، حماس امتلكت القدرة والجرآة واعلنت وثيقتها الجديدة في ابريل 2017 وما يتم الان هو تطبيق عملي لهذه الوثيقة وهذه المراجعات ، جماعة الاخوان لم وربما بكل اسف ولن تمتلك هذه القدرة والجرآة للتجديد والمراجعة بسبب نمط الادارة الذي ينفذه الكبار وتوارثه الصغار وهو نمط التبرير لكل شئ ، وعدم الاعتراف بالاخطاء بل ربما شرعنتها وما اكثر الايات والاحاديث والاحداث الداعمة لهذه الحالة ، الوضع فعلا مختلف ولكن يمكن الاستفادة من تجربة حماس ولا باس ان يستفيد الاباء من تجارب الابناء لا مانع ان يقتدي الاخوان ولو لمرة واحدة باي تجربة مفيدة ، المشكلة ان وضع الجماعة الان مفكك ومؤسساتها مترهلة ومرتبكة ومازالت القيادة الحالية تبعد وتفصل كل من يعترض على نمط ادارتها امثال جمال حشمت وعمرو دراج وغيرهم كثير ونازالت القيادات ترحل الازمة الى الامام والخلف ، عندما ذهبوا للتفاهم مع النرشد بديع وخيرت والكتاتني رفضوا المقابلة وقالوا الملام مع الرئيس الشرعي مرسي واعتبروا ما قالوه بطولة ووفاء ، ومنذ ايام يقول الاستاذ ابراهيم منير ان القرار بيد القيادات ظاخل السجون ، اذا لا يستطيع احد تحمل المسؤلية واتخاذ القرار ، نعم القرار صعب ولكن الهروب والترحيل ليس هو الحل بل هو يضيع الفرص كما حدث فعلا
، بكل اسف لا حلول في الافق وستطول المحنة على من في السجون وستمتد معاناة الاسر والاهالي والزوحات والابناء ، يعلم الله مدى حزني والمي وانا اكتب ذلك لكنه الواقع المؤلم لقيادة اكثر ألما هداها الله