في حدث كاشف افتضح الأمر الذي قام به المنقلب
السيسي بسياساته وعمله الذي فرق بها جميعا هذا الشعب وأدى إلى تنابذه؛ كواحدة من أهم العلامات التي تؤكد على خطيئة من أهم إنجازاته في زراعة الكراهية وصناعة الفرقة بين مكونات هذا المجتمع، ضمن حرفته الاستبدادية التي امتهنها حاملا الشعار التأسيسي "فرق تسد"، الأمر لم يعد يقف على شعارات تتعلق بـ "إحنا شعب وانتم شعب"، ولكن الأمر انتقل إلى قابلية وجاهزية الناس في حالة من الصراع المدمر الذي يتخذ أشكال الهجاء والسباب المتبادل ضمن صناعة خطابات ما أنزل الله بها من سلطان، وضمن فائض اتهامات لا يمكن تصورها فضلا عن أنه لا يجوز قبولها.
كان ذلك بمناسبة خوض المنتخب
المصري الكروي لبطولة إفريقية واهتمام شعبي بهذا المنتخب الذي وصل إلى المباراة النهائية، وبدت الأخبار تأتي من هنا وهناك وتتسرب حول اهتمامات رسمية من السلطة الانقلابية وعلى رأسها السيسي "المنقلب" لمثل هذا الحدث ومحاولة استغلاله في سياق محاولات المنقلب لاقتناص حالة من شرعنة وجوده وصناعة الرضا الكاذب الذي تجيده أجهزته وسحرة إعلامه في محاولة لنشل وسرقة هذا التأييد الشعبي للمنتخب ليؤممه لمصلحة منظومته الانقلابية، بدا ذلك في مشهدين تمهيديين:
المشهد الأول؛ تمثل في محاولة اجتذاب أحد اللاعبين المشهورين الذين احترفوا في الخارج، أراد المنقلب أن يسرق تلك الشعبية بـ"صورة" تصدرت أجهزة إفكه وإعلامه مروجة لقيام هذا اللاعب للتبرع لـ"صندوق تحيا مصر"، وبأنه طلب مقابلة المنقلب، تتكشف الأمور بعد ذلك في هذا المشهد المصنوع والمصطنع الذي دبجته أجهزة إعلامه ومخابراته بشكل مفضوح لمصادرة وتأميم شعبية لاعب مشهور واستغلالها لمصلحة السيسي المغتصب المأجور، رغم أن أجهزة إعلامه من قبل قد شنت هجوما على هذا اللاعب معتقدة أنه يسير على هدي لاعب آخر اعتبره هؤلاء من المعارضين وثباروا في امتهان سيرته والنيل من أخلاقه وسمعته، إلا أنه بعد تدبير هذا المشهد بالترغيب والترهيب خرج هذا المشهد للعلن وقوبل بعاصفة من الإنكار والاستنكار من هؤلاء الذين يناهضون السيسي وإنقلابه، بينما قوبل بالترحاب من جانب "مؤيدي السيسي" وسدنة إعلامه، محاولة دنيئة ومكشوفة لتأميم شعبية اللاعب لمصلحته.
أما المشهد الثاني فهو للاعب كروي آخر اعتزل لكنه ترك محبته في قلوب الناس حتى أسموه بـ"أمير القلوب" وذلك لقبوله من الناس بأغلبيتهم إن لم يكن بأجمعهم واتفاقهم على أخلاقه وخلقه وقدوته وجميل فعله، إلا أن النظام ومن خلال إعلام إفكه وأدواته للتشويه وحتى يظهر أنه المانح المانع وضعه على قوائم الإرهاب عقابا له، ومحاولة تكييف العقوبة وترويج الاتهام على أي صورة، لأنه لم ينضم لجوقة المطبلين والمهللين، فأرادوا تصدير رسالة للكافة بأنهم يستطيعون التنكيل بأي شخص حتى ولو كان رمزا طالما لم يسر في الركب ولم ينصع للأمر.
بدا من هذين المشهدين في تناقضهما كيف يمكن تأميم الشعبية وسرقتها ومحاولة تشويه الشخصية والإساءة إليها؟! ليعلنوا بذلك أنهم يستطيعون أن يرفعوا أو يخفضوا من شاؤوا، ولكن كان للجماهير رأي آخر فكما كانت موجات الاستهزاء والاستنكار في المشهد الأول، جاءت حملات التأييد والتشجيع في المشهد الثاني، وبدا هؤلاء بأجهزتهم الخبيثة يشغلون الناس ويلهونهم بصور مصطنعة مرة بتأميم الشعبية وسرقتها ومرة أخرى بتشويه الشخصية وسمعتها.
ثم كانت هذه المشاهدة من مشاهد مركبة في البطولة الإفريقية فمن خلال هذه المشاهد التمهيدية التي جمعتها أجهزة الإفك الإعلامية والأجهزة المخابراتية صارت عملية التجييش حول المباراة النهائية، وكالعادة في سياسة النظام الانقلابي في "القفز إلى الحلل" قفز إلى الواجهة وبدأ يدير تشجيع الناس والشعب للمنتخب ليجعله اهتماما رسميا لسلطة الأمر الواقع المنقلبة في محاولة مريبة للاستيلاء على الحدث والمشهد.
إنه مشهد نموذجي في اغتصاب الشعبية وتأميم الحشدية في محاولة لنقلها من منتخب رياضي إلى نظام انقلابي، كانت هذه القضية وبهذا التدخل الجهنمي الخبيث صارت عملية الاشتباك اللفظي والهجاء المتبادل والتنابذ والشتائم بين فرق مختلفة من الشعب المصري، وبدلا من أن يفطن هؤلاء إلى مشكلة النظام الحقيقية الفاقد للشرعية الذي يقوم بنشل الشعبية وتأميمها لمصلحته في نظام مستبد فاشي، ويقوم بكل عمل ما من شأنه ينتهك فيها حق الناس في الحياة وفي العيش الكريم ويمارس كل ما يتعلق بإعدام الناس وإفقارهم.
صارت المعركة في ميدان آخر غير الميدان الصحيح، فبدلا من كشف خداع النظام وهزله وهزاله فإن هؤلاء مارسوا التنابذ المتبادل وحروب الكلمات، وبدت الفرقة واضحة، والفتنة بين أبناء الوطن تطل برأسها، والنظام الفاشي المستبد بشياطينه يقهقهون ويتضاحكون لانطلاء اللعبة والخديعة على هؤلاء، حيث صار كل فريق يتهم الآخر بعدم الوطنية، وببيع القضية، فهذا متهم بالشماتة في منتخب وطنه ويشجع خصمه فأين الوطنية؟ وذاك ينطلي عليه هذا الأمر فيتحدث باسم هؤلاء متهما من شجع فريق منتخبه وسانده بالاستهانة بالشهداء ودمائهم، ومستنكرا إغفال هؤلاء المعتقلين وراء القضبان وفي السجون.
بات الشعب كله خائنا، يخَوِن بعضه بعضا، وأفلت الخائن الحقيقي صانع الفرقة والفتنة مزهوا مغرورا ساخرا من شعب يتفرق يتهم بعضه بالخيانة وينسى من خان
الخيانة الكبرى؛ من باع الأرض واغتصب السلطة وقطع الطريق على مسار ديموقراطي وفعل الأفاعيل في الوطن والشعب، وصار النظام الانقلابي يجمع المغانم ويترك المغارم لشعبه، إنهم يخونون بعضهم وفي عرفه هذا هو المطلوب اثباته وتثبيته.
ألا أيها الناس تدبروا أمركم فإن من أيد منتخبه فإنه يحب وطنه وبلده وليس معنى أنه يؤيد المنتخب أنه قد فقد الحس الوطني وأنه خان القضية وأنه لا يكره السيسي، يا هؤلاء لا تجعلوا كرهكم للسيسي ينتقل إلى كراهية بلدكم ووطنكم، ونقول لهؤلاء الذين يخونون الذين ضحوا بالشهداء وبحرياتهم فاستشهدوا وسالت دماؤهم أو اعتقلوا وطوردوا، حينما يفضحون المنقلب ولعبته في محاولة مصادرة شعبية المنتخب وتأييده ليضمه إلى رصيده الزائف في عملية كبرى لتزوير الرضا الكاذب.
أفهمتم الآن ما هو أصل القضية؟! ليست في اتهام بعضكم البعض بالخيانة، لأن بعض هذا الشعب من وقف خلف منتخبه أو بعضه من رفض أن يجير السيسي هذه الشعبية لنفسه، ولكن الخائن من باع الأرض والعرض وغدر بوطن واستباح النفوس والأعراض، إنها خديعة كبرى يحتال بها السيسي وزبانيته، فهل أنتم منتهون؟! يا أيها الشعب اجتمعوا على التخلص من "الثور" الهائج ولا تتبعوا خرقة وهمية، نعم هذه هي القضية ويا لها من قضية، خدعة جهنمية تنطلي كل مرة على من أغفلوا أصل المصيبة ومبعث كل رزية.