قالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية إن حكومة عبدالفتاح
السيسي في
مصر، وقبل سفره إلى نيويورك على رأس وفد بلاده في اجتماعات الجمعية العامة للأمة المتحدة، قامت برفع بعض القيود في الأسابيع القليلة الماضية للتخفيف من الإحراج، والتأكد من تلقيه استقبالا جيدا من الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومن ذلك إطلاق سراح سجناء معروفين، و100 طالب معتقلين منذ سبعة أشهر بسبب مشاركتهم في تظاهرات مؤيدة للإخوان المسلمين.
وأجلت الحكومة تمرير قانون حول عمل الجمعيات غير الحكومية، والتي تتعرض لإدارة الدولة الشديدة، وألمحت أنها ستراجع قانون منع التظاهر.
وقيمت المجلة مئة يوم من الحكم للسيسي، الرئيس المصري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد
مرسي، معتبرة إياها جيدة، ولكنها جاءت على حساب الحرية.
وتقول المجلة: "عندما يلقي السيسي كلمته في الجمعية العامة يوم 25 أيلول/ سبتمر، سيكون لديه بالتأكيد سبب للشعور بالسعادة. فالمئة يوم الأولى التي تبعت انتخابه في حزيران/ يونيو حققت تقدما اقتصاديا ودبلوماسيا، وكذلك أنعشت آمال المصريين القلقين الذين عاشوا سنوات من الاضطرابات السياسية. لكن صحة أكبر دولة عربية من ناحية السكان ما تزال هشة، فالتعافي الكامل يحتاج لسنوات أطول وأكثر من الأمور الأخرى، ليس أقلها الاعتماد على سياسة قوات الأمن وسياساتها القمعية وإسكات المعارضة".
وتضيف المجلة أنه من الناحية الإيجابية، فإن السيسي اتخذ اجراءات لم تكن الحكومات السابقة مستعدة لاتخاذها، من مثل رفع الدعم عن الطاقة. وفي تموز/ يوليو رفع أسعار الطاقة من أجل تقييد عمليات استهلاك الطاقة الكبيرة، والتقليل من العجز في ميزانية الدولة التي تصل إلى 11% من الناتج العام.
واعتبرت المجلة إعلان حفر ممر ثان لقناة السويس بقيمة 4 مليارات دولار، نجاحا آخر رغم شكوك الخبراء حول ما تدعيه الحكومة من زيادة العائدات السنوية من 5 – 12 مليار دولار. وتقول إن المصريين اشتروا 8.5 مليار دولار من أسهم المشروع، وهو ما يظهر عودة الثقة لدى المصريين، ورغبتهم بتخلي مصر عن اعتمادها على المانحين الأجانب.
وتشير المجلة إلى أن دول الخليج دفعت 20 مليار دولار لمصر، بعد قيادة السيسي وهو وزير للدفاع، انقلابا ضد محمد مرسي.
واستفاد السيسي من مصائب المنطقة، فالدولة المجاورة ليبيا التي تعيش اضطرابات، ودمار "تنظيم الدولة" المعروف بـ"داعش" الذي يعبث في العراق وسوريا، الأمر الذي جعل الدول الغربية تلجأ لمصر كي تلعب دورها التقليدي كقوة للوساطة وتدعو للاعتدال، وفق ما ورد في المجلة.
وبينت المجلة أن جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، الذي زار القاهرة لحشد تحالف ضد "داعش"، تجنب أي ذكر لسجل مصر الصارخ في مجال انتهاك حقوق الإنسان. ورغم النقد الحاد من دول الاتحاد الأوروبي قامت فرنسا بعقد صفقة أسلحة كاملة لبيع بوارج حربية لمصر.
وتعتقد المجلة أن إعادة تأهيل السيسي ليست كاملة؛ فالولايات المتحدة الأميركية التي تقدم سنويا مبلغ 1.3 مليار دولار في السنة دعما عسكريا، ليست مرتاحة من التقارب المصري مع روسيا، التي قالت في أيلول/ سبتمبر، إنها وقعت عقدا بقيمة 3.5 مليار دولار لبيع أسلحة للقاهرة.
ومن الناحية السلبية، تقول المجلة، إن مصر ما تزال تعاني من أزمات؛ فمثلا يخشى الدبلوماسيون المصريون من مظاهرات في نيويورك للمتعاطفين مع الإخوان المسلمين في أميركا، الجماعة التي عانت من القمع في ظل السيسي.
وفي مصر فإن حركة "
الأمعاء الخاوية"، التي تكبر مثل كرة الثلج، تلفت انتباه الرأي العام لمصيبة السجناء السياسيين، مئات منهم يقبعون في السجون منذ أكثر من عام دون محاكمة، إضافة لاستمرار قطع الطاقة الكهربائية، وزيادة الأسعار، وهي كلها عوامل تزيد من أسباب السخط والغضب.
وتختم المجلة بالقول "منذ انتخاب السيسي، لم تكن هناك سوى قوىً قليلة توازي قوة الدولة، فقد تم سحق جماعة الإخوان المسلمين، فيما تعاني الجماعات العلمانية من التهميش والتشتت، ولن تنتج الانتخابات البرلمانية في كانون الثاني/ يناير إلا برلمانا ضعيفا، ويتوقع فيه مشاركة ضعيفة، وفي الوقت الحالي يبدو حظ السيسي مستمرا".