مع انتهاء العملية الدراسية لعام 2017، قيّم وزير في الحكومة السورية المؤقتة، العام الدراسي المنصرم؛ بأنه من أفضل الأعوام، و"شهادتنا معترف بها في تركيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي".
وتختلف العملية الدراسية في
سوريا مع اختلاف الجهات المشرفة عليها، ومع تباين المناهج التي تقدم الطلاب للامتحان فيها، ما بين مناطق المعارضة والنظام، إضافة إلى مناطق سيطرة المسلحين الأكراد، في وقت حُرم فيه الطلاب في مناطق سيطرة تنظيم الدولة من
التعليم للعام الثاني على التوالي بسبب القصف، واستمرار العمليات العسكرية في تلك المناطق.
ووصف وزير التربية في الحكومة السورية المؤقتة، عماد برق، لـ"
عربي21"، العام الدراسي المنصرم، بأنه "أفضل الأعوام، حيث انتهت الامتحانات بنجاح، ولم تشهد أي اختراق يُذكر"، وذلك بتمويل ودعم من قبل "مؤسسة السنكري للأعمال الإنسانية"، وفق قوله.
وكانت امتحانات الشهادتين الثانوية والأساسية في المناطق الخارجة عن سلطة النظام السوري، وكذلك في لبنان والأردن، في انتهت في الخامس من شهر حزيران/ يونيو الماضي.
أما عن مستقبل الطالب في الامتحانات التي أجرتها الحكومة المؤقتة، المنبثقة عن الائتلاف الوطني السوري، فأوضح برق أنّه أمام الطالب فرص عديدة لإكمال دراسته الجامعية، حيث يمكنه التسجيل في كليات ومعاهد جامعة حلب في "المناطق المحررة"، وكذلك جامعة إدلب، إضافة إلى جامعة الشام العالمية.
وأضاف: "يمكن أيضا للطالب، أن يُكمل دراسته في معاهد إعداد المدرسين في المناطق المحررة، وفي لبنان حيث يبلغ عدد نقاط معاهد إعداد المدرسين 21 نقطة في سوريا ولبنان"، كما قال.
وبيّن برق أنه بإمكان الطالب أيضا إكمال دراسته خارج سوريا، مثل تركيا، حيث تعترف كل الجامعات بها، بالشهادة الصادرة عن وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة، وكذلك يمكن للطالب أن يكمل دراسته في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، كفرنسا وألمانيا والسويد وهولندا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث، بحسب الوزير، سجل عدد من الطلاب في السنوات السابقة في عدد من الجامعات في تلك الدول.
وفي ما يتعلّق بطبيعة المقررات التي جرى الامتحان فيها، قال مسؤول في وزارة التعليم في الحكومة المؤقتة، فضّل عدم نشر اسمه، لـ"
عربي21"، إنّ "المناهج التي امتحن فيها الطلاب هي نفس المناهج الدراسية الصادرة عن وزارة التربية التابعة للنظام السوري، مع حذف عدد من الفقرات والدروس في مقررات التربية الاجتماعية، التي تُمجد الأسد الأب والابن، وحزب البعث الحاكم".
ويتوزّع طلاب المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، ما بين مخيمات اللجوء في الداخل السوري، والنزوح في لبنان والأردن، إضافة إلى عدد من المدن والقرى في إدلب وريفها، وريف حماة، وريفي حلب الشمالي والغربي، وريف حمص الشّمالي، ودرعا، حيث يبلغ عددهم، بحسب مصادر في المعارضة السورية، ما بين 500 ألف وحتّى 700 طالب وطالبة.
مناطق النظام
وكانت شابت العملية الامتحانية في مناطق سيطرة النظام السوري عددا من المشاكل من أبرزها الاستمرار في عمليات الغش الامتحاني عبر السماعات الإلكترونية، ما دفع بحكومة النظام للتعميم بقطع الاتصالات خلال فترة الامتحانات، بحسب مواقع إعلامية تابعة للنظام السوري.
واتهم فيه عدد من المتقدمين لامتحانات الشهادة الثانوية؛ القائمين على العملية الامتحانية بالتواطئ مع الشبيحة وقوات النظام، من خلال تخصيصهم بقاعات امتحانية خاصة، يُسمح فيها بإدخال الكتب والملخصات.
لكن، وبالرغم من المشاكل الامتحانية التي شابت الامتحانات في مناطق سيطرة النظام السوري، إلا أنّ وزير التربية في حكومة النظام، هزوان الوز، كان قد ذكر في تصريحات صحفية؛ أنّ نسبة نجاح الطلاب في شهادة التعليم الأساسي بلغت 65.83 في المئة، بينهم 8.92 في المئة حصلوا على مرتبة الشرف، إثر حصولهم على 90 في المئة من المجموع العام.
الإدارة الكردية
وفي مناطق سيطرة الوحدات الكردية، أبقت الإدارة الذاتية الكردية على ربط امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي الخاصة بوزارة التربية التابعة للنظام السوري، فيما تولت إعداد المناهج للصفوف الابتدائية، وكذلك إعطاء وثائق النجاح والرسوب فيها.
وفي هذا الصدد، تقول مسؤولة هيئة التربية والتعليم في كانتون الجزيرة، سميرة حاج علي، لـ"
عربي21": "المرحلة الإعدادية والثانوية، يديرها النظام، ويعطي الشهادات فيها"، مشيرة في الوقت ذاته إلى افتتاح جامعة "جامعة روج آفا"، وهي تستقبل الآن أكثر من 700 طالب وطالبة من حملة الشهادة الثانوية التي يمنحها النظام.
وبحسب المسؤولة التعليمية الكردية، فإنّ "النظام التعليمي هو نظام مبني على الأممية، ومبادئ الأمة الديمقراطية، فلكل مكون الحق في التعليم بلغته الأم، حيث أنه في المرحلة الابتدائيه كل مكون يتعلم بلغته إلى جانب لغة جيرانه، وفي الصفين الرابع والخامس يتم تدريس اللغة الإنجليزية"، وفق قوله.
ووفق حاج علي، فإن عدد
المدارس الابتدائية بلغ 1500 مدرسة؛ تخضع لإدارة هيئة التربية والتعليم في كانتون الجزيرة، وفي السنه الدراسية القادمة سيتم تغيير مناهج الصفوف الإعدادية، وتتم إدارتها من قبل الإدارة الذاتية الكردية، مشيرة إلى أنّ اللغة الكردية تدرس في كافة المراحل من أجل التهيئة لنظام "تعليمي أممي".
ويبلغ عدد الطلاب في مناطق الإدارة الذاتية، ما بين الحسكة وعفرين وتل أبيض، أكثر من 165 ألف طالب، مع وجود كبير من الطلبة المتسربين؛ نتيجة النزوح المتكرر.
مناطق تنظيم الدولة
أما التعليم في مناطق التنظيم، فقد غابت الامتحانات وحضر القصف والنزوح، حيث سجلت المناطق الخاضعة له في الرقة ودير الزور؛ غياباً للعملية التعليمية بشكل كامل، مع اقتصارها على عدد من "المدارس الدعوية" للتنظيم، إضافة إلى معسكرات ما يسمى بـ"أشبال الخلافة".
ويقول الناشط "أبو عمر الرقاوي"، من الرقة، لـ"
عربي21": "لقد منع التنظيم فتح المدارس للعام الحالي، واقتصر التعليم على بعض الكتاتيب، وذلك بسبب كثافة القصف على المدارس في المناطق الخاضعة للتنظيم".
ويُذكر الرقاوي بقصف التحالف الدولي لأهم مدرسة صناعية في مدينة الطبقة، قبل أن يتم السيطرة على المدينة من قبل المقاتلين الأكراد المدعومين من طرف التحالف.
وقام التنظيم فيما مضى؛ بمنع الموظفين والمدرسين من تسلّم رواتبهم من حكومة النظام، وأصبح عمل المدرسين تطوعيا، لذا أحجم عدد كبير منهم عن الاستمرار بالتدريس ليبحثوا عن مصادر رزق يعتاشون منها.
وكذلك أغلق التنظيم المدارس، بحسب عدد من الناشطين، حتى يخضع الكادر التعليمي لـ"دورات شرعية" و"استتابة"، حيث خضع المدرسون، أو من بقي منهم، لتلك الدورات، كما أدخلوهم في دورات لتعلم اللغة الإنجليزية، مع حذف اللغة الفرنسية، فيما تولى إدارة العملية التعليمية ما يسمى بـ"ديوان التعليم".