تنظر فصائل سورية معارضة بعين الحذر للاتفاق الروسي الأمريكي المتعلق بوقف إطلاق النار في جنوب غرب
سوريا (القنيطرة ودرعا)، الذي أعلن عنه السبت كثمرة اجتماعات غير معلنة استمرت على مدار أشهر بين الولايات المتحدة وروسيا في العاصمة الأردنية عمان.
وحسب الاتفاق، يُعمل على وقف إطلاق النار ابتداء من الأحد التاسع من تموز الجاري، إلا أن مصدرا عسكريا بارزا في الجبهة الجنوبية (جيش حر) أبدى حذره بالتفاؤل مبكرا في الاتفاق، ووصف المصدر الاتفاق في حديث لـ"
عربي21" بـ"الغامض".
وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه: "حسب ما ورد لنا من القيادات السياسية المشاركة في الاتفاق أنه يدعم عملية سلام ضمن المبادئ الدولية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) والقرار (2118)، وأصبح الاتفاق حقيقة بعد الإعلان عنه من قبل الدول الراعية، لكن ننتظر التنفيذ؛ لأننا مررنا بعدة حالات مشابهة، ونشكك بقدرة النظام على الالتزام مع وجود المليشيات متعددة الجنسيات".
واتفقت الأطراف الثلاثة على أن يكون وقف النار هذا خطوة باتجاه الوصول إلى خفض دائم للتصعيد في جنوب سوريا، ينهي الأعمال العدائية، ويعيد الاستقرار، ويسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى هذه المنطقة المحورية في سوريا.
وأعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، أنه" تم الاتفاق بين المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية روسيا الاتحادية على ترتيبات لدعم
وقف اطلاق النار في جنوب غرب سوريا، يعمل به ابتداء من يوم الأحد".
وقال المومني إنه "وفقا لهذه الترتيبات التي تم التوصل إليها في عمان، سيتم وقف إطلاق النار على طول خطوط تماس اتفقت عليها قوات الحكومة السورية والقوات المرتبطة بها من جانب، وقوات المعارضة السورية المسلحة".
بينما أكدت مصادر سياسية مطلعة على مراحل الاتفاق لـ"
عربي21" أن "الخلاف الأبرز، الذي بقي عالقا في الاتفاق، هو تسليم معبر نصيب إلى النظام السوري، وإعادة فتح المنفذ الحدودي مع الأردن، بينما حصلت الأردن على تعهد بألّا تقترب المليشيات الشيعية من الحدود".
ما هي مكاسب الاتفاق لجميع الأطراف؟
الكاتب والمحلل السياسي، عامر السبايلة، يرى أن هذا الاتفاق "لن يكون سهلا في البداية"، ويضيف في تصريح لـ"
عربي21": "البدء في وضع نقاط تصور واضحة على الأرض في موضوع التقسيم والمسؤوليات الجنوبي السوري سنصل إلى مرحلة ضبط الحدود، ولا شك أن الأردن أصر على وجهة نظره بإبعاد المليشيات، هذا يعني فيما بعد بحث أن يستلم الجيش السوري النظامي الحدود والمعابر، لكن بعض الأطراف المنخرطة في الصراع لن تقبل بذلك بسهولة".
وعن الفوائد المتحققة من الاتفاق الروسي الأمريكي لكل من الأردن والنظام السوري والمعارضة، يقول السبايلة: "بالنسبة للأردن، تريد أن توقف فكرة الفوضى في تلك المنطقة، وإبعاد المليشيات الشيعية التي تعتقد أنها تشكل خطرا على وجوده، وتضمن عدم انتشار الإرهاب في هذه المنطقة".
أما بالنسبة للنظام السوري والمعارضة، يرى السبايلة أن "هذا الاتفاق بالنسبة للنظام السوري يعني الانتصار واستسلام الفصائل، والعودة إلى المعابر. أما المعارضة، فتنظر إليه كفرصة للعب دور معترف به دوليا، ويهيئ إلى انتقال سياسي في هذه المنطقة تكون الفصائل جزءا منه".
إسرائيل حاضرة في الاتفاق
وكانت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية كشفت في 19 نيسان/ أبريل عن مخطط لإقامة منطقة عازلة على الحدود الواصلة بين الجولان المحتل وسوريا والأردن.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دعا مسؤولين أمريكيين ودوليين إلى أخذ إقامة منطقة عازلة بعين الاعتبار.
وأشارت الصحيفة إلى انزعاج إسرائيلي شديد من مساعي إيران دعم وجودها العسكري على طول الحدود، في إشارة إلى لواء الجولان الذي تأسس على يد جبهة النجباء العراقية، والتي كشفت بدورها عن مخططها للقيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل.
اقرأ أيضا:
ما حقيقة سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة في الجولان؟
بدوره، يؤكد الخبير العسكري اللواء الطيار المتقاعد، مأمون أبو نوار، أن "إسرائيل شاركت في هذا الاتفاق الذي ضمن لها 30 كيلو متر كمنطقة عازلة منزوعة السلاح، لتكون أبرز الرابحين".
وحسب أبو نوار، فإن "إسرائيل دفعت نحو هذا الاتفاق بشكل قوي، بعد الخرق الإيراني والطريق البري الذي أوجدته طهران إلى لبنان مرورا بالعراق وسوريا، وبهذا الاتفاق تجنبت إقامة أي قواعد إيرانية أو لحزب الله بالقرب من حدودها، وهذا ذاته ما حققه الأردن من منع التمدد الإيراني بالقرب من حدوده الشمالية، لكن كل هذا تم بعد أخذ موافقة طهران".
اقرأ أيضا:
هل أصبح الطريق البري من إيران إلى لبنان واقعا؟
يقول أبو نوار لـ"
عربي21" إن "الأسابيع القادمة ستظهر تفاصيل أكثر حول هذا الاتفاق: من سيراقب؟ ومن سيسيطر؟ الجميع يترقب، وقد يكون ذلك مقدمة لحل سياسي يتضمن فيدرالية مع هذه المناطق ونقل بعض الصلاحيات إليها".
هذا وساد هدوء حذر أجواء مدينة
درعا فجر الأحد 9 تموز/ يوليو، بعد سريان الاتفاق، عقب أسابيع من غارات نفذها طيران النظام بالبراميل المتفجرة أوقعت عددا من القتلى و الجرحى في صفوف المدنيين.