وَصَلَ عزّام
الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول الساحة
اللبنانية فيها، إلى بيروت
في السادس من هذا الشهر، في أعقاب
الاشتباكات الدامية التي شهدها مخيم
عين الحلوة
في مدينة صيدا والتي راح ضحيتها 12 قتيلاً ونحو 65 جريحاً، والتقى خلال زيارته
قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي
للبحث، في أحداث عين الحلوة بشكل أساس.
وحسب العديد من
المصادر اللبنانية، سَمِع الأحمد كلاماً واضحاً بضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار،
وإعطاء لجنة التحقيق المعنية دورها في الوصول إلى الحقيقة، مع أهمية ضبط عناصر
حركة فتح ومجموعاتها المسلحة التي خرقت تكراراً اتفاقيات وقف إطلاق النار الأسبوع
الماضي، ما زاد من تعقيدات المشهد الإنساني في مخيم عين الحلوة والجوار اللبناني
الذي تضرر أيضاً بسبب الإصابات المباشرة، ومن خلال شلل الحياة المدنية والاقتصادية
في مدينة صيدا، وتأثّر لبنان بالأحداث ولا سيّما الموسم السياحي بعد أن دعت
السعودية رعاياها إلى المغادرة، وأخرى دعت رعايا لأخذ الحيطة والحذر، مع عدم تفضيل
السفر إلى لبنان، في وقت يعاني فيه البلد من أزمة اقتصادية شبه مستدامة.
وفي هذا السياق
يتضح أن قدوم عزام الأحمد إلى لبنان يحمل في طياته عدة رسائل أو أهداف أهمها:
أولاً: دفع
التهمة، التي تواترت إعلامياً عن رئيس جهاز المخابرات
الفلسطينية ماجد فرج
بالمسؤولية عن أحداث عين الحلوة وتمويلها، وبمعنى آخر تبرئة السلطة الفلسطينية في
رام الله بقيادة الرئيس عباس من المسؤولية السياسية عن أحداث عين الحلوة، والتي
أشعلها محمد زبيدات الملقّب بـ"الصومالي" وأحد المحسوبين على حركة فتح،
بإطلاقه النار على "الشباب المسلم" في السوق.
ثانياً: محاولة
تهدئة خواطر المرجعيات اللبنانية والمسؤولين الذين عبّروا عن امتعاضهم وغضبهم من
سلوكيات حركة فتح، المتهمة بإطالة أمد الاشتباكات في عين الحلوة، والتي كان لها
عظيم الأثر على مدينة صيدا وعموم لبنان الذي يعاني اقتصادياً ومن ضغوطات إقليمية
ودولية على أكثر من صعيد. ومما لا شك فيه أن الغضب اللبناني وصل إلى رام الله
وسَمِعَتْه آذان المسؤولين الفلسطينيين هناك، بعد أن ظهر جلياً خشية لبنان من
مؤامرة خارجية يجري تنفيذها على الأراضي اللبنانية من بوابة عين الحلوة، ولا
يُستبعد ضلوع الاحتلال الإسرائيلي فيها عبر عمليات التنسيق الأمني.
ثالثاً: ترميم
صورة حركة فتح المتضررة في الوسط اللبناني والفلسطيني، نتيجة رفض مجموعات فتح
المسلحة وقف إطلاق النار تكراراً، عقب اتفاقيات جرت الأسبوع الماضي، أثناء
الاشتباكات بين الفصائل وكانت قيادة حركة فتح السياسية في لبنان أحد أطرافها، ما
أظهر الحركة برأسين أو أكثر، ما يحمّلها أيضاً مسؤولية كبيرة عن دماء الفلسطينيين
والدمار الكبير الذي لحق بمخيم عين الحلوة والجوار اللبناني.
رابعاً: محاولة
الأحمد إعادة ترتيب أوراق حركة فتح في لبنان، بعد أن فقدت الحركة اللواء أبو أشرف
العرموشي، القائد في الأمن الوطني وأحد أهم القيادات العسكرية، وفشلها في حسم
المعركة عسكرياً لصالحها رغم الاستعداد المسبق وحجم التسليح والتمويل الذي كانت
عليه، ما يجعلها تتضاءل في عيون أنصارها قبل خصومها، ويزيد من حدّة الخلافات
الداخلية فيها والاتهامات المتبادلة، ما استدعى حضور عزام الأحمد بصفته مسؤولاً عن
الساحة اللبنانية في حركة فتح، علّه يخفّف من آثار تلك الأزمة ويعيد التوازن داخل
حركة فتح في لبنان.
حركة فتح فشلت في استثمار أحداث عين الحلوة لتثبيت مرجعيتها السياسية والأمنية في مخيمات لبنان، بعد أن فشلت في حسم المعركة في عين الحلوة وظهر مستوى ضعفها رغم كثرة عددها وعتيدها، كما فشلت في جر سلاح المقاومة إلى أتون المعركة الداخلية لتجريمه وتشويهه في أعين الفلسطينيين واللبنانيين على حدٍ سواء
خلاصة القول؛ أن
حركة فتح فشلت في استثمار أحداث عين الحلوة لتثبيت مرجعيتها السياسية والأمنية في
مخيمات لبنان، بعد أن فشلت في حسم المعركة في عين الحلوة وظهر مستوى ضعفها رغم
كثرة عددها وعتيدها، كما فشلت في جر سلاح المقاومة إلى أتون المعركة الداخلية
لتجريمه وتشويهه في أعين الفلسطينيين واللبنانيين على حدٍ سواء، ولولا المسؤولية
والعقلانية التي سادت الفصائل والقوى في عين الحلوة وفي عموم لبنان لكان المشهد
الآن مختلفاً باستمرار نزيف الدم الفلسطيني، ابتداء من عين الحلوة ومروراً بالمخيمات
الفلسطينية في عموم الأراضي اللبنانية.
ولكن الرياح جاءت
بما لا تشتهي أعين المتربّصين، الأمر الذي يستدعي مزيداً من الحذر والحكمة
والتنسيق الواسع والدائم بين الفصائل والقوى الفلسطينية وبينها وبين الدولة
اللبنانية والمرجعيات والقوى السياسية، حماية للبنان وللوجود الفلسطيني في عين
الحلوة وكافة المخيمات من المؤامرات الخارجية التي قد تتكرّر بشكل أو بآخر خدمة
للاحتلال الإسرائيلي الساعي لإشعال الفتنة في لبنان، ولإنهاك الفلسطينيين وإشغالهم
بأنفسهم بعيداً عن التفكير في العودة إلى الأرض التي هُجّروا منها قَسْراً.