وسط مقاطعة من
فصائل فلسطينية وشخصيات وطنية رئيسة انعقد في جنين
السبت 11 مارس/ آذار مؤتمر "إعلان
وثيقة جنين" بحضور مكثف من قيادات
محسوبة على السلطة.
غياب مكونات وازنة من فصائل العمل الوطني والإسلامي ورموز لها دور
فعال على الساحة مثل الناطق باسم المؤتمر فتحي خازم، أفقد المؤتمر زخمه وأهميته ما
جعله بلا قيمة تذكر.
مقاطعة القوى والشخصيات التي لها دور في تطور العمل الثوري الحالي في
جنين ومختلف محافظات الوطن محقة، فالشخصيات التي حضرت للتنظير مثل عزام الأحمد
وتوفيق الطيراوي هي جزء من منظومة سياسية تدافع عن التعاون الأمني مع الاحتلال
الذي أذاق الشعب الفلسطيني الأمرين.
هناك أناس صادقون شاركوا في المؤتمر عبروا عن طموحات الفلسطينيين في
سبل لم الشمل وإنهاء الانقسام الداخلي وإيجاد قيادة ميدانية موحدة تقود نضال الشعب
الفلسطيني على الأرض بعيدًا عن السلطة وأدواتها.
لكن كم المهاترات التي وصلت لحد التزوير والتي جاءت في كلمات البعض مثل
توفيق الطيراوي يجعل المراقب يحار مما يريده هؤلاء من هذه المؤتمرات.. هل حقيقة أن
ما يحدث على الأرض من تغول الاحتلال ودمويته يقلقهم ويهمهم ويريدون إيجاد حلول؟ أم إنهم يركبون الموجه لإعادة التكرير والتدوير؟
من المعلوم أن توفيق الطيراوي على خصومة سياسية مع من يديرون شؤون
المقاطعة في رام الله وعلى وجه الخصوص محمود عباس وحسين الشيخ، بسبب تسريبات صوتية
هاجم فيها حسين الشيخ وعلى أثرها فقد منصبه كرئيس لمجلس أمناء جامعة الاستقلال
للعلوم الأمنية.
توفيق الطيراوي من المؤسسين للتعاون الأمني مع الاحتلال، فقد ساهم في
تأسيس جهاز المخابرات العامة عام 1994 وترأسه لاحقًا لفترة وسبّبَ تعاونه اعتقال
وتعذيب المئات من المناضلين.
توفيق الطيراوي هو رئيس لجنة التحقيق في قضية اغتيال ياسر عرفات، حيث
كشفت "أيقونة الثورة" وثائق تثبت أن التحقيقات توصلت إلى مشتبهين في
قضية الاغتيال منهم حسين الشيخ وطبيب الأسنان سعيد درّس، إلا أن توفيق الطيراوي لم
يخرج للعلن بنتائج تحقيقاته وبقيت طي الكتمان دون توجيه اتهامات أو محاسبة أحد.
في المؤتمر كان الأولى بتوفيق الطيراوي أن يتحدث عن قضية اغتيال
الرئيس عرفات لاستخلاص الدروس والعبر التي تهم الشعب الفلسطيني ولها أهمية كبرى في
الصراع الدائر بدلًا من نشر الأكاذيب واستعارته قصة من كتاب مزعوم لهيلاري كلينتون
بعنوان "السر" بحسب قوله.
صص مكذوبة لإسقاطها على الواقع الفلسطيني خطير جدًا ويجب ألا يسمح به فحملات الشيطنة في محيطنا أدت إلى سفك الدماء وتمزيق أوطان وصرفت الاهتمام عن قضايا مهمة فما بالنا والشعب الفلسطيني يواجه أشرس قوة إحلالية استعمارية في التاريخ الحديث.
في كتاب السر حسب الطيراوي فإن الإسلاميين بعد سقوط مبارك اتفقوا مع
الإدارة الأمريكية على تقسيم مصر وإقامة دولة إسلامية في سيناء، لماذا دس الطيراوي
هذه القصة المكذوبة التي ليس لها أي سياق في أجندات المؤتمر وهي رواية تناقلها
مؤيدو الانقلاب العسكري في مصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فما الذي يريد
الطيراوي قوله وإلى ماذا يسعى؟
هل يريد القول مثلا احذروا أيها الفلسطينيون من الإسلاميين، قد يقوم
هؤلاء في فلسطين بالاتفاق مع الاحتلال أو قوى دولية لتقسيم فلسطين وإقامة دولة في
مخيم جنين أو بلاطة؟!
هل يريد أن يوجه رسالة للإقليم وقوى أخرى أنه الخيار الأمثل لقيادة
المقاطعة في رام الله في ظل عملية البحث الجارية عن بديل لعباس عبر امتطاء حمار العداء
للإسلاميين؟!
ما يدعو للسخرية من هذه الروايات أن تأتي على لسان من هندس لمؤامرة
تقسيم المقسم في فلسطين وتحويلها إلى كانتونات وقيادة جهاز مخابرات فتك بالشعب
الفلسطيني وقضى على مناعته تمهيدا لترحيله وإقامة وطنه البديل في الأردن.
لقد مهد الطيراوي وأزلام أوسلو الطريق أمام مؤامرة مشروع الوطن
البديل فكما نشاهد، الاستيطان توسع خمسة أضعاف بعد أوسلو وبات قيام دولة فلسطينية
مستحيلًا وهناك ستة أجهزة أمنية تلتهم قوت الشعب الفلسطيني تعاون الاحتلال على
التنكيل بالشعب الفلسطيني.
كتاب السر لهيلاري كلنتون حسب تحقيق لوكالة الأنباء الفرنسية لا وجود
له وبالتالي الطيراوي يهذي ويخرص ويكذب، الكتاب الوحيد المتداول لهيلاري كلينتون
هو "خيارات صعبة" والذي تروي فيما ترويه عن تجربتها وما حدث خلال الربيع
العربي في مصر خصوصا وهي بالمجمل تعبر عن توجس الادارة الامريكيه من الإسلاميين وخوفها
من استلام الإسلاميين للحكم في مصر.
الشعب الفلسطيني وقواه الحية ليسوا بهذه السذاجة ليصدقوا قصص مكذوبة
وخيالية ترمي إحداث شروخ بين مكوناته وعلى وجه الخصوص عندما يرويها ضابط أمن له
باع طويل في حبك المؤامرات.
الشعب الفلسطيني حقيقة بحاجة إلى قيادة موحدة ميدانية لا مكان فيها
لأمثال الطيراوي ورعاة مشروع أوسلو من أجل التصدي لأشرس عملية تطهير عرقي تقودها
حكومة يمينية متطرفة وجيش وأجهزة أمنية وقطعان مستوطنين.
ولا بد من التحذير بأن شيطنة مكون من مكونات الشعب الفلسطيني تلميحًا
أو تصريحًا واستدعاء قصص مكذوبة لإسقاطها على الواقع الفلسطيني خطير جدًا ويجب ألا
يسمح به فحملات الشيطنة في محيطنا أدت إلى سفك الدماء وتمزيق أوطان وصرفت الاهتمام
عن قضايا مهمة فما بالنا والشعب الفلسطيني يواجه أشرس قوة إحلالية استعمارية في
التاريخ الحديث.