قضايا وآراء

الخليج العربي ساحة للتصارع بين اليوان والدولار

حازم عيّاد
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يعلن نية بلاده توقيع 20 اتفاقية مع الصين تشمل مختلف المجالات من ضمنها النفط والتمويل. (الأناضول)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يعلن نية بلاده توقيع 20 اتفاقية مع الصين تشمل مختلف المجالات من ضمنها النفط والتمويل. (الأناضول)
أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال توجهه إلى بكين، نية بلاده توقيع 20 اتفاقية مع الصين تشمل مختلف المجالات من ضمنها النفط والتمويل.

الرئيس الصيني شي جينبينغ، من ناحيته أعلن يوم أول أمس الثلاثاء لدى استقباله الرئيس الإيراني، دعم بلاده الجانب الإيراني في ما يتعلق بحماية حقوقه المشروعة، وتشجيعها التوصل إلى حل سريع ومناسب للقضية النووية الإيرانية.

زيارة رئيسي لبكين تمثل زيارة الدولة الأولى للرئيس الإيراني للصين منذ العام 2016 وبعد عامين من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون التجاري والاستراتيجي في آذار (مارس) من العام 2021 شملت مشاريع بقيمة 450 مليار دولار؛ اتفاقات أكد ت من خلالها بكين رغبتها في الانفتاح على منطقة غرب آسيا بما فيها منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر؛ فالقمة الصينية الإيرانية جاءت بعد شهرين من انعقاد القمة السعودية الصينية في الرياض في 15 كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي 2022 .

الصين عمدت لإحداث تعديلات في مبادرة الحزام والطريق (BRI) بالتحول من الاستثمار في الاقتصادات الضعيفة والفقيرة المثقلة بالديون نحو الاقتصادات الواعدة والتي تتوافر على وفرة من الطاقة والفوائض المالية؛ وهي توجهات طويلة الأمد أشار لها الخبير في تغييرات الأسواق الناشئة وتأثيرها العالمية (جوزيف دانا) رئيس التحرير السابق لـ Exponential View والرئيس الحالي لـ "إيجيج 85"؛ إذ أشار في مقالته المنشورة على موقع (آسيا تايمز) تحت عنوان (أهداف مبادرة الحزام والطريق الصينية تتغير) أنه بعد إنفاق بكين ترليون دولار في مبادرة الحزام والطريق التي شهدت تشققات وصدوع ناجمة عن المشاريع والديون المتعثرة في الدول الناشئة أعاد كبار قادة الصين تركيز أهداف سياستهم الخارجية نحو (الشرق الأوسط) حيث الأسواق والمشاريع الواعدة؛ وكشف في الآن ذاته أن "تفكيك تجارة النفط المقومة بالدولار يعد الهدف البعيد الأمد لهذه السياسية" .

تطوير الصين لعلاقاتها مع الدول العربية على الضفة الغربية للخليج العربي وبحر العرب سارت بالتوازي مع مشاريع طموحة لبكين على الضفة الشرقية في إيران وباكستان؛ فالصين تقدم نفسها كقوة اقتصادية قادرة على ردم الفجوة وبناء الجسور بين ضفتي الخليج العربي مرورا بالعراق وليس انتهاءا بمصر.
شراء النفط وبيعه بعملات أخرى هدف لم تعد تخفيه بكين خصوصا بعد زيارة الرئيس الصيني للعربية السعودية وعقده ثلاث قمم في الرياض كانون أول (ديسمبر) من العام الماضي؛ الفترة ذاتها التي كشف فيها عن عقد صفقات لاستيراد النفط من المملكة العربية السعودية باليوان الصيني .

الشركات الصينية استثمرت بشكل كبير في البلدان المنتجة للنفط؛  حتى أن الصين قدمت محاولة للاستحواذ على حصة كبيرة في أرامكو السعودية؛ بعد أن عمدت في وقت سابق  لتوقيع اتفاق إطاري بين مجموعة الصناعات العسكرية الصينية نورينكو وأرامكو السعودية لبناء مصفاة ومجمع كيماويات في شمال شرق الصين في العام 2017 بتكلفة تقديرية 69.5 مليار يوان (10.09 مليار دولار).

الصين  باتت شريكا  لسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية لتطوير عدد من الموانيء إلى جانب عقدها لشراكات مع كل من الكويت والإمارات العربية التي تعد أحد المحطات المهمة للبضائع الصينية.

تطوير الصين لعلاقاتها مع الدول العربية على الضفة الغربية للخليج العربي وبحر العرب سارت بالتوازي مع مشاريع طموحة لبكين على الضفة الشرقية في إيران وباكستان؛ فالصين تقدم نفسها كقوة اقتصادية قادرة على ردم الفجوة وبناء الجسور بين ضفتي الخليج العربي مرورا بالعراق وليس انتهاءا بمصر.

البترو دولار في مواجهة البترو يوان حقيقة لم تعد خيال؛ فالصين الشريك التجاري الأول للمنطقة العربية  في حال استثناء مبيعات السلاح وعقود الصيانة الأمريكية والغربية لمنطقة الخليج العربي؛ وهي الشريك الأساسي لإيران وباكستان والمستثمر الطموح في مناجم النحاس والمعادن النادرة في أفغانستان.

ختاما .. الخليج العربي تحول بفعل التنافس بين بكين وواشنطن من ساحة للتصارع الإيراني ـ العربي نحو ساحة للتصارع  بين اليوان والدولار؛  فجهود بكين وسياساتها بعيدة المدى تجاه إيران والعالم العربي  باتت جزءا أساسيا من أزمة الدولار وأزمة التضخم في الولايات المتحدة؛ فأزمة الدولار لا يمكن عزلها عن التحركات الصينية في غرب آسيا إذ لا ترتبط برفع سقف الدين والفائدة ومؤشرات البطالة والنمو في أمريكا وأدواته فقط؛ بل وبمؤشرات التوتر والاضطراب في العلاقات الإقليمية والدولية ونشاطات خصوم واشنطن في بكين وموسكو أيضا.

hazem ayyad
@hma36
التعليقات (0)