نشرت وكالة "أسوشيتد برس" تقريرا، تقول فيه إنه كان من المتوقع أن يظل
جيمس كومي، الذي عزله الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، في إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي "
أف بي آي"، حتى عام 2023.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن ترامب أعلن في قرار مفاجئ عزل كومي، الشخصية المثيرة للجدل، واتهمه بأنه غير قادر على ممارسة وظيفته؛ لأنه لم يتعامل بطريقة جيدة مع قضية رسائل
كلينتون الإلكترونية، فيما يرى نقاد الرئيس أن الأمر متعلق بالتحقيقات التي يقوم بها في الدور الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
وتشير الوكالة إلى أن كومي، الذي اتهمته المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بالمسؤولية عن هزيمتها، عندما أعلن قبل 11 يوما من الانتخابات الحاسمة، أنه فتح التحقيق من جديد في الرسائل الإلكترونية الخاصة، معروف بمواقفه المثيرة للجدل، وقال ذات مرة: "هناك صح أو خطأ، وليس من الصعب التفريق بينهما".
اقرأ أيضا: قرار مفاجئ.. ترامب يقيل مدير الـ"FBI" ويثير جدلا واسعا
ويلفت التقرير إلى القنبلة التي فجرها كومي قبل الانتخابات في رسائل إلكترونية لها علاقة بملف الرسائل، ثم عاد وفجر قنبلة أخرى في آذار/ مارس، وقال إن مكتب التحقيقات يحقق في الدور الروسي في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، مشيرا إلى أنه قبل أن يناقض الرئيس، الذي قال إن هواتفه تم التنصت عليها من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، فإنه قال إنه شعر بالغثيان نوعا ما لأنه اتهم بالتأثير في الانتخابات.
وتقول الوكالة إن هذا كله فتح الباب أمام علاقة متوترة بين "أف بي آي" والبيت الأبيض، حيث قال ترامب إنه تحرك من أجل إعادة "ثقة الرأي العام بالوكالة المسؤولة عن فرض النظام".
ويعلق التقرير قائلا إن ترامب قرر إنهاء عمل كومي، الذي يفترض أن يبقى لمدة 10 أعوام في وظيفته، حيث كان الرجل الذي حاول تقديم صورة نظيفة لنفسه محلا للانتقاد من الأطراف كلها، حيث قال السيناتور ليندسي غراهام: "بناء على الجدل الأخير الذي أحاط بمدير التحقيقات أعتقد أن بداية جديدة ستكون جيدة لـ(أف بي آي) وتخدم الأمة".
وتستدرك الوكالة بأن الديمقراطيين اتهموا ترامب بأنه يستخدم التحقيق في الرسائل الإلكترونية لكلينتون ورقة تين للتغطية على دور "أف بي آي" الحالي في التحقيق بعلاقته بالروس، لافتة إلى أن كومي وضع نفسه في دائرة الأضواء قبل أن يحاول هذا المحامي الدفاع عما رآه موقفا أخلاقيا.
ويكشف التقرير عن أنه قبل انتخابات عام 2016، عرف بالقصة التي تقول إن كومي ذهب مسرعا إلى غرفة وزير العدل جون أشكروفت، الذي كان يعالج في المستشفى؛ ليمنع البيت الأبيض في عام 2004 من إعادة العمل ببرنامج التنصت، وكان يريد من أشكروفت التوقيع على القرار، وكان كومي حينها يعمل قائما بأعمال وزير العدل.
وتورد الوكالة نقلا عن كومي، قوله في شهادة له أمام الكونغرس عام 2007: "كانت تلك الليلة من أصعب الليالي في حياتي"، حيث واجه الكثير من الليالي الصعبة منذ ذلك، فقد اتهمه المسؤولون السابقون في وزارة العدل والنواب بالتدخل في السياسة، عندما أعلن قبل 11 يوما من الانتخابات عن التحقيق في رسائل لها علاقة بكلينتون، ووصفوا القرار بالمحير والمدهش، وبأنه حدد نتيجة الانتخابات.
وينوه التقرير إلى أن كومي قدم نفسه باعتباره الرجل الذي يتخذ قراراته بناء على مواقف أخلاقية وبسهولة، مستدركا بأن هذا لم يمنع من بروز مظاهر توتر مع البيت الأبيض، ففي عام 2015 وضع نفسه على تناقض مع البيت الأبيض، عندما أشار إلى أن ارتفاع معدلات القتل في بعض المدن الأمريكية له علاقة بخوف الشرطة من التدخل؛ حتى لا يتم تسجيل أفعال عناصرها بالفيديو، وأبعد البيت الأبيض نفسه عن هذه التصريحات؛ نظرا لعدم وجود أدلة علمية تثبت كلامه.
وبحسب الوكالة، فإن كومي كان عضوا في الحزب الجمهوري، إلا أنه لم يعد مسجلا، حيث عمل 15 عاما محققا فيدراليا قبل أن يعمل في إدارة جورج دبليو بوش، وقاد حملة التحقيق في قضية سيدة الأعمال ومقدمة البرامج مارثا ستيوارت وعرقلتها للقضاء، وأشرف على التحقيقات في تفجر برج الخبر عام 1996، الذي قتل فيه 19 جنديا أمريكيا، وعندما رشحه باراك أوباما للمنصب عام 2013، فإنه أشار إلى استعداده للوقوف أمام السلطة "في اللحظة المهمة"، في إشارة إلى المشهد الذي حدث في المستشفى بشأن تفعيل قانون التنصت.
ويستدرك التقرير بأن البيت الأبيض ترك كومي معلقا بعد النقد الذي تعرض له؛ بسبب قراره فتح التحقيق برسائل كلينتون الإلكترونية في اللحظة المهمة، وقال البيت الأبيض إن الأمر في يد كومي للدفاع عن نفسه، بعدما قاله المتحدث باسم البيت الأبيض في حينه جوش إرينست، من "نقد واسع من خبراء قانونيين عدة، بمن فيهم أشخاص خدموا في وزارة العدل، وقادوا العمل في إدارات خدمت الرؤساء من الحزبين"، وقالت كلينتون إنها كانت في طريقها للفوز، حتى قرار كومي وتسريبات ويكيليكس من داخل حملتها، الأمر الذي أخاف الناخبين.
وتنقل الوكالة عن كومي، قوله في شهادة له أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، إنه واجه خيارا بين الكشف عن المعلومات عن كلينتون في اللحظات الأخيرة من الحملة الانتخابية، أو إخفائها، وقال إنه اختار "بين السيئ جدا والكارثة"، وقرر "السير في خيار العالم السيئ".
ويفيد التقرير بأنه من أساسيات بروتوكول وزارة العدل تجنب اتخاذ قرارات في حمى الحملات الانتخابية؛ حتى لا تؤثر في نتائجها، إلا أن كومي قال لزملائه إنه شعر بواجب الحديث علنا، بعدما أخبر الكونغرس في الصيف بأن ملف التحقيق في رسائل كلينتون أغلق دون توجيه اتهامات.
وتختم "أسوشيتد برس" تقريرها بالإشارة إلى قول كريستيان تشانغ، التي عملت مع كومي عندما كان محققا فيدراليا في مانهاتن، إنه شخص "مصمم على فعل الصواب"، وأضافت أن النقد الذي وجه له بسبب فتح تحقيق في الرسائل الإلكترونية هو "درس يدعو الناس الأخيار لئلا يذهبوا إلى واشنطن"، أي للعمل مع المسؤولين هناك.