التناقض الأكبر في الحالة التونسية هو أن أهم الفاعلين السياسيين الذين يُفترض بهم محاربة الفساد؛ قد أصبحوا هم أنفسهم (إلا نادرا) متهمين بالفساد أو على الأقل بالتواطؤ معه في الحد الأقصى، أو التغطية عليه والتساهل معه في الحد الأدنى
استحالة الانقلاب في السياق الحالي يجب أن لا تؤدّيَ إلى استهانة الطبقة السياسية أو الحكومة بالمطالب المشروعة للشعب، فهي مطالب ستزداد حدة وإلحاحا في الفترة المقبلة
يُشكل مشروع صندوق الزكاة فرصة لإعادة التفاوض "سلميا" في قضية المشترك الوطني في المرحلة "ما بعد البورقيبية" (وهو ليس بالضرورة نسفا للبورقيبية، بل استئنافا أو تجاوزا جدليا لها)، ولكنه واقعيا سيكون فرصة أخرى لتعميق الصراعات الهووية وتجذير الاصطفافات السياسية على أساس ثقافوي بائس
تقوم كلتا الفرضيتين على وجود رغبة لدى الأستاذ راشد الغنوشي في تنقيح القانون الداخلي للحركة كي يتمكن من رئاستها بعد المؤتمر القادم، ولكنّ كل فرضية منهما تعكس استراتيجية مختلفة لتحقيق تلك الغاية
بحكم غياب"خارطة طريق" واضحة في مشروع مكافحة الفساد، فإن التعاطي الحكومي مع المسألة كان تعاطيا جزئيا أو موضعيا، إن لم يكن اعتباطيا وغير قادر على تغيير شيء في واقع الحال: تحول الفساد إلى ظاهرة بنيوية في أجهزة الدولة، بل اختراقه للحياة السياسية
سنحاول في هذا المقال أن نطرح قضية الاستثمارات الخارجية ومدى ارتباطها بالصراعات الحزبية والأيديولوجية في تونس، منطلقين من دلالات انحسار السجال العمومي في "مخاطر" الاستثمارات القطرية والتركية دون سائر الاستثمارات الخارجية (خاصة الاستثمارات الفرنسية والإماراتية والسعودية).
انقلب الدفاع عن بورقيبة إلى دفاع عن منطق المنظومة القديمة ومصالحها الجهوية والزبونية، وانقلب نقدها إلى تبرير لفشل القائمين على الدولة أو إلى تنفيس عن العجر وهروب من تحمل المسؤولية
قد يكون علينا أن نعود إلى "دموع" وزير الصحة من منظور مختلف؛ فهي ليست دموع المغلوب على أمره باستهتار المواطنين فحسب، بل هي أيضا دموع الوزير الذي يرى مجهودات وزارته كلها تذهب أدراج الرياح بقرارات حكومية يضرب بعضها بعضا.
وباء كورونا قد أكّد للتونسيين أن المنتمين إلى الطبقة السياسية هم أكثر النخب "تفاؤلا"، ولكنه تفاؤل لا يرتبط بقدرة هؤلاء على إدارة الأزمة والخروج منها بأقل كلفة ممكنة بشريا واقتصاديا، بل بقدرتهم على الاستمرار في الحكم بعدها بأقل كلفة سياسية ممكنة
حلفاء كورونا في تونس ليسوا مجرد شخصيات عامة يمكن تحييدهم أو على الأقل مواجهتهم بسلطة الدولة وقوانينها، بل إن الحليف الأكبر لها هو تلك البنية الذهنية "الوبائية" التي لطالما تغنّى أصحابها بالوحدة الوطنية والنمط المجتمعي التونسي والدولة الحديثة وحقوق الإنسان، وهم في الحقيقة يُمثّلون كل ما يناقض ذلك
النقد الأهم الذي يمكن أن يُوجّه لرأسي السلطة التنفيذية هو استعادتهما للخطاب "التضامني" الموروث من عهد المخلوع، ذلك الخطاب الذي يُحمّل الموظفين والأجراء الكلفة المادية الأهم لمواجهة الأزمات
ما الفرق بين خطاب ذي مآلات تكفيرية وخطاب ذي مآلات استئصالية من حيث الانتماء إلى الأيديولوجيات الدوغمائية المتعارضة بالجوهر والقصد مع الجمهورية الثانية؟
رغم تعبير برنامج حكومته وأولوياتها عن الانتظارات المشروعة للتونسيين، ورغم تقديم نفسه باعتباره رئيس حكومة الانتقال الاقتصادي والاجتماعي، فإن كلمة السيد الفخفاخ قد جاءت خالية من العديد من الرسائل التي تطابق تسمية حكومته وتقوّي معنيي الوضوح واستعادة الثقة.