في أسبوع لبناني واحد سُجل إحباط عملية إنتحارية في وسط العاصمة بيروت، وجريمة قتل فردية فر مرتكبها السوري إلى دمشق ليوقَف هناك، وخطف مسنّ في البقاع لأجل فدية مالية ثم تحريره، ودائماً بحسب الرواية الرسمية للمؤسسات الحكومية..
الصخب الأمني يكشف أمرين متناقضين، التفلت الأمني والجهوزية الأمنية في آن معاً.. فمجرد وجود أفراد داخل المجتمع مستعدين للقتل الجماعي العشوائي عبر تفجير أنفسهم بمن حولهم فإن ذلك لن يُشعر أحداً بالأمان. لكن في الوقت نفسه، أن تصل قبضة القوى الأمنية في اللحظة المناسبة إلى صاعق التفجير وتنزعه قبل وقوع الكارثة - إذا لم يكن في رواية الشرطة مِن مبالغة - فإن هذا ما عجزت عنه كبريات المؤسسات الأمنية والإستخباراتية في دول عظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في أكثر من محطة.
في الحدث الأمني الثاني إقدام السوري خالد سليم على قتل اللبناني مجيد الهاشم في بلدة العاقورة الجَبلية لأسباب ما تزال مجهولة. ولا شك أن هذه الجريمة البشعة تُحرّض بصمت على أكثر من مليون نازح سوري لجؤوا إلى لبنان هرباً من جحيم الحرب، ويواجهون مواقف عنصرية مقيتة بدأت تتسع دائرتها عابرةً الطوائف دونما تمييز أو رحمة. إلا أن اتصالات عاجلة حصلت بتوجيه من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتوقيف المتهم الهارب إلى سوريا، أثمرت اعتقال القاتل تمهيداً لتسليمه الى السلطات اللبنانية لمحاكمته. وهذا بحد ذاته يعكس ارتياحاً أوّلياً لجهة حماية البلاد من الخاصرة السورية. ويكتمل اطمئنان اللبنانيين لهذه الحماية عندما ترفع السلطات السورية غطاءها عن مطلوبين آخرين للقضاء اللبناني أكثر خطورة، بينهم لبنانيون وسوريون متهمون بجرائم قتل وتفجير ونقل متفجرات لتنفيذ عمليات اغتيال بحق شخصيات سياسية ودينية وقتل المدنيين عشوائياً وتشكيل عصابات إرهابية لإثارة فتن طائفية.
أما في الاستحقاق الأمني الثالث لهذا الأسبوع، فهو خطف المُسن سعد ريشا من أمام متجره في بلدة شتورا البِقاعية على يد عصابة تحترف الخطف بُغية الحصول على فدية مالية. وهي حادثة تكررت لا سيما في محافظة البقاع حيث بات يشكل الخطف أحد أبرز المخاطر في المنطقة لا سيما للميسورين، كذلك فإن مثل هذه الحوادث تتخذ منحى طائفياً في لبنان، باعتبار أن الخاطفين شيعة والمخطوف مسيحي. لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري تدخل سريعاً وأوفد أحد قيادات حركة أمل في مهمة عاجلة أسفرت عن إقناع الخاطفين بإطلاق المخطوف دون فدية مالية، وفق تأكيد ممثل بري.
جِوارُ لبنان البركاني وداخِله المتأزم يؤديان منطقياً إلى نتائج أمنية كارثية، لكن مظلة الحماية الدولية وتفاهم القيادات اللبنانية مع مراجعها الإقليمية، ما زالا يوفران بيئةً أكثر أمناً من كثير من العواصم العربية، وهو أمنٌ رَيعي يستفيد منه المانحون واللبنانيون والنازحون وعابرو السبيل.