تطرح قرارات الرئيس
اليمني، عبد ربه
منصور هادي، بتعيين قيادات بارزة في
الحراك الجنوبي، بمواقع حكومية، تساؤلات عدة، حول مدى قدرته على ترويض واحتواء تلك القيادات التي تميل لنزعة انفصال جنوب البلاد عن شماله، بقرارات تسيل لعابهم في السلطة، لتعزيز صف مؤيديه في الجنوب، رغم مخاوف البعض من ذهابها بعيدا عن فرضيات كهذه.
وأصدر هادي، الخميس، قرارا جمهوريا، بتعيين اللواء، ناصر النوبة، عضو مجلس الحراك الجنوبي، قائدا لمحور عتق في محافظة شبوة (جنوب شرق البلاد).
هادي روض الحراك
من جهته، رأى الصحفي والمحلل السياسي، فؤاد مسعد، أن الرئيس هادي، نجح في احتواء قطاع واسع من الحراك الجنوبي واستمالتهم إلى صفه وإقناعهم بالانخراط في العملية السياسية، بعدما ظل الحراك لسنوات، يعلن عن مطلب وحيد يتمثل في "انفصال جنوب اليمن عن شماله"، مع رفض المشاركة في أي عمل مرتبط بالسلطة الحالية.
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن وجود قيادات فاعلة محسوبة على الحراك ضمن أعضاء مؤتمر الحوار، الذي انتهى في كانون الثاني/ يناير من العام 2014، أعطى مؤشرا إيجابيا على قدرة هادي على اختراق الحراك بالنظر للمحاولات التي دأب عليها نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في مجال إشراك الحراك في أي شكل من أشكال المشاركة السياسية" مؤكدا أن "جميعها باءت بالفشل".
وأوضح مسعد أنه المرحلة الراهنة، خصوصا عقب طرد الحوثيين من محافظات الجنوب، لوحظ تغير جديد في علاقة الحراك بالسلطة الحاكمة، يتمثل في تعيين قيادات مصنفة على أنها في التيار الأكثر تشددا في المطالبة بالانفصال أو ما يعرف بمطلب فك الارتباط، وهما "عيدروس الزبيدي محافظا لعدن، والقيادي شلال شايع مديرا لأمن المحافظة".
واستبعد الصحفي الجنوبي، أن تكون قرارات الرئيس اليمني، تسعى إلى "استنزاف قدرات الحراك في مواقع حكومية ربما يعجزون فيها من القيام بالدور المطلوب".
وبحسب السياسي مسعد فإن "علاقة الحراك بالسلطة تغيرت تغيرا كبيرا، حيث لم يكن متوقعا، أن يقبل أي قيادي حراكي بتسلم منصب حكومي في سلطة يصنفها خطاب الحراك الجنوبي على أنها "سلطات احتلال".
وأشار إلى أن حرب الحوثيين وصالح على الجنوب أسهمت في إيجاد نوع من التقارب بين الحراك والحكومة كونهما يلتقيان في خندق واحد في مواجهة تحالف المليشيا الحوثية مع المخلوع صالح.
استقلال تدريجي
وعلى النقيض من ذلك، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي، عباس الضالعي، أن "قرارات هادي بتمكين الحراك الجنوبي من مقاليد السلطة بالجنوب، لاتعدو كونها "تلبي مطالب الحراك بالاستقلال التدريجي لمناطق الجنوب"، من خلال العمل وتحت إشرافه ـ أي هادي ـ بـ"إعادة ترميم وتهيئة المؤسسات الجنوبية أمنية وعسكرية ومدنية لتكوين دولة مستقلة".
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن هناك مساع للاستقلال ولو ضمن الأقاليم في حال تطبيقها في إطار الفيدرالية.
ووفقا للسياسي اليمني دائما، فإن "طبيعة الصراع التي يعاني منها الحراك ممثلة بتعدد فصائله والشارات التي يحملها كل فصيل، ستعيق تحقيق استقلال من هذا النوع، لاسيما مع دخول مهددات جديدة، تتمثل في تنظيمي "القاعدة والدولة"حيث باتت لديها بيئة الحاضنة في تلك المحافظات".
واعتبر الضالعي أن "تعيينات هادي الحالية، بـ"مثابة قنبلة موقوتة ستنفجر قريبا، بجنوب البلاد، كنسخة ثانية من أحداث 13 كانون الثاني/ يناير 1986، حيث تصب تعيينات هادي في صالح جناح لتمكينه من السلطة وهو ما يسبب توترا داخل باقي الأجنحة في الجنوب".
وشهدت دولة الجنوب قبل الوحدة مع الشمال، ما عرف بـ"أحداث يناير الدامية"، التي اندلعت نتيجة صراع أجنحة داخل الحزب الاشتراكي على الحكم، أسفرت عن مقتل أكثر من 15 ألف شخص، خلال أيام قليلة، كما تقول الروايات.
ولفت السياسي الضالعي، إلى أن منصور هادي، ليس ذلك الرجل العبقري الذي يتحكم بمفاصل كل شيء، إذا سلمنا بفرضية "حرق رموز الحراك الفاعلة، من خلال الزج بها في دائرة السلطة"، لكنه استدرك قائلا: "الحراك الجنوبي يحترق من الداخل، ولن يكون وفق مخطط الرئيس هادي، فممارستهم المناطقية تحرقهم كل يوم"، في إشارة منه إلى حوادث التضييق التي تمارس في مناطق جنوبية ضد أبناء الشمال.