فضحت الانتخابات التركية الأجندات المنحازة لعدد من
وسائل الإعلام العربية، وخاصة وسائل الإعلام
الإماراتية أو المقربة من جهاز الأمن الإماراتي، فيما وقعت جريدة "
الشرق الأوسط" السعودية التي تصدر من العاصمة البريطانية لندن في سقطة مهنية كبيرة أثارت انتباه قطاع واسع من القراء وأثارت جدلا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي سقطة تشبه تلك التي تورطت بها قناة "
سكاي نيوز عربية" التي تبث من العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وتعتبر "الشرق الأوسط" واحدة من أعرق وأقدم وسائل الإعلام العربية، وتروج لنفسها بأنها تتمتع بسقف مرتفع من الحرية على اعتبار أنها تصدر من لندن ليتبين أنها انسجمت تماما مع الإعلام الإماراتي في تغطية الانتخابات التركية.
وكتبت "الشرق الأوسط" في عنوان داخلي عريض صباح يوم الانتخابات (الأحد) بأن "الأتراك يختارون في الانتخابات البرلمانية بين العدالة والتنمية.. والاستقرار"، على أساس أن إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان تعني بالنسبة للمحرر والصحيفة أن "الفوضى قادمة إلى تركيا".
لكن جريدة "الشرق الأوسط" سرعان ما ارتدت عن موقفها، وتراجعت عن عنوانها، لتكتب عكسه في اليوم التالي مباشرة، وبعد 24 ساعة فقط، حيث عنونت على صفحتها الأولى فجر الإثنين: "الأتراك اختاروا الاستقرار على الحكومات الائتلافية.. الأتراك يعودون إلى بيت العدالة.. والقوميون أكبر الخاسرين"، وهو ما يعني بكل وضوح أن الصحيفة اعتبرت في اليوم التالي أن انتخاب أردوغان يحقق الاستقرار لتركيا وليس الفوضى!
وأبدى مصدر تركي تحدث لــ"
عربي21" استغرابه مما أسماه "السياسة المعادية التي لا زالت جريدة سعودية تتمسك بها على الرغم من التغيرات التي شهدتها الرياض، وعلى الرغم من التقارب الكبير بين نظام أردوغان وبين الملك سلمان بن عبد العزيز منذ توليه الحكم في السعودية".
ورآى المصدر الذي طلب عذم نشر اسمه أن "صحفا سعودية قد يكون المال الإماراتي قد تسلل إليها من أجل توتير الأجواء بين الرياض وأنقرة".
وليس بعيدا عما كتبته جريدة "الشرق الأوسط" التي تصدر في لندن، فقد تصدر شاشة قناة "سكاي نيوز عربية" عنوان مثير للجدل طوال يوم الاقتراع (الأحد)، حيث كتبت القناة: "تركيا.. ديمقراطية الديكتاتور"، في عنوان واضح الدلالة على أن "الإمارات غاضبة من فوز أردوغان بالانتخابات".
أما الأكثر لفتا من كل ماسبق، فهو نتائج المسح الذي أجرته "
عربي21" لصحافة الإمارات الصادرة الإثنين، حيث تبين أن خبر الانتخابات التركية وفوز أردوغان وحزبه غاب تماما عن كافة الصفحات الأولى لصحف الإمارات، إذ فضلت تجاهل الخبر. واكتفت جريدة "الاتحاد" الصادرة في أبوظبي بنشر خبر قصير على الصفحة رقم (35) يقول بأن "حزب العدالة والتنمية فاز بالانتخابات، واحتجاجات في ديار بكر"، إذ يسلط الخبر الضوء على احتجاجات الأكراد في ديار بكر بينما يتجاهل احتفالات الفرح لملايين الأتراك في مختلف أنحاء الجمهورية.
وما يؤكد أن خبر الانتخابات التركية تم توزيعه من قبل الأمن على الصحافة الإماراتية، هو أن التغطية ذاتها وردت في جريدة "البيان" التي تصدر في دبي، وشقيقتها "الإمارات اليوم"، إضافة إلى جريدة "الخليج" التي تصدر في الشارقة.