تنتشر أعلام دولة
الإمارات بصورة لافتة في شوارع مدينة عدن، وفي العديد من المواقع
اليمنية التي تم تحريرها من الحوثيين، في الوقت الذي يثير انتشار هذه الأعلام انزعاجاً لافتاً لدى اليمنيين الذين يتحدث بعضهم بشكل علني عن "إحتلال إماراتي للبلاد"، كما يثير انزعاجاً على ما يبدو لدى قوات التحالف العربية التي تقودها المملكة العربية
السعودية.
وكانت "
عربي21" قد انفردت بنشر وثيقة سرية تتضمن تعميما من رئاسة هيئة الأركان العامة موجهة إلى قادة المناطق والمحاور والألوية العسكرية تأمرهم بمنع رفع أي علم غير علم الجمهورية اليمنية عند تحرير أي منطقة أو السيطرة على أي مواقع جديدة.
أما اللافت في الوثيقة فهو أن نسخة منها تم توجيهها إلى قيادة قوات التحالف، وأخرى لرئاسة الجمهورية، وتحمل الرسالة الرقم (40)، وهي صادرة عن دائرة العمليات الحربية مركز القيادة والسيطرة المتقدم.
وجاء التعميم بمنع رفع أية أعلام غير أعلام اليمن بعد الجدل الواسع الذي ثار خلال الفترة الماضية بسبب رفع أعلام الإمارات في مدينة عدن، وعلى سد مأرب الاستراتيجي فور تحريره من الحوثيين، وهو الأمر الذي بدا واضحا أنه تسبب بانزعاج لدى قيادة قوات التحالف ولدى المقاومة الشعبية وأثار جدلا واسعا على الأنترنت وعبر شبكات التواصل الإجتماعي في أوساط اليمنيين.
ويأتي القرار في الوقت الذي تشهد فيه مدينة عدن وشوارعها والكثير من المواقع انتشارا لافتا وملحوظا لأعلام دولة الإمارات، وهو الانتشار الذي تأكد مؤخرا أنه لم يكن عفويا، وإنما كان بقرار سياسي إماراتي، حيث قال ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أمام مجموعة من المواطنين في دبي قبل تحرير سد مأرب: "أما سد زايد، سد مأرب، اليوم يرتفع عليه العلم إن شاء الله".
وفي اليوم التالي لرفع علم الإمارات على سد مأرب احتفت الصحف الإماراتية بالحدث واعتبرت أنه "انتصار إماراتي"، وليس انتصار لقوات التحالف العربية التي تقودها السعودية، بل تجاهلت صحافة الإمارات ذكر السعودية وجهودها في الحرب باليمن، رغم أن الرياض هي التي تقود المعركة، وهي التي تشارك بالعدد الأكبر من المقاتلين والقوات فيها.
وكتبت صحيفة "الخليج" الصادرة في الشارقة معلقة على رفع العلم الإماراتي فوق سد مأرب أن الشيخ محمد بن زايد "صدق الوعد.. فأعلام التحرير ترفرف فوق سد مأرب". أما جريدة "الاتحاد" التي تصدر في أبوظبي فكتبت: "رفعُ علم الإمارات في منطقة السد عقب دحر الحوثيين وهزيمتهم، بمثابة رد اعتبار وتأكيد مزدوج يحمل معنيين: الأول، يمثل استحضارا متجددا لاسم الإمارات والشيخ زايد، أما المعنى الثاني، فهو انتصار جنودنا في منطقة سد مأرب ففيه وفاء بوعد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد الذي وعد أهالي الجنود الشهداء بالانتصار في معركة اليمن، ورفع علم الإمارات في سد مأرب، وبالفعل تحقق وعد القائد، ولم تمض سوى أسابيع قليلة حتى تم تحقيق الانتصار، ورفرف علم الإمارات عاليا".
وأثار رفع أعلام دولة الإمارات استياء واسعا في أوساط اليمنيين وجدلا على الأنترنت، حيث قال الكاتب اليمني نبيل سبيع في تدوينة على "فيسبوك" ساخرا: "حين رفع الجنود الإماراتيون علم بلادهم فوق سد مأرب، رفرف العلم الإماراتي مبتسما، ثم أغمض عينيه وتخيل نفسه يرفرف عاليا خفاقا فوق طنب الكبرى"، وذلك في إشارة من الكاتب إلى أن الإمارات التي تحتفل بتحرير اليمن لم تحتفل حتى الآن بتحرير أي من جزرها الثلاثة التي تحتلها ايران.
وقال محلل سياسي يمني طلب من "
عربي21" عدم نشر اسمه إن رفع علم الإمارات على المواقع المحررة في اليمن يمثل انتقاصا من دور السعودية ودول التحالف في الحرب باليمن، مرجحا أن يكون التعميم بعدم رفع أية أعلام غير العلم اليمني الرسمي "ناتج عن غضب سعودي من السلوك الإماراتي".
وأشار المحلل إلى أن العديد من المصادر والأحداث تؤكد "وجود انزعاج سعودي يمني من إظهار الانتصارات على أنها إنجازات للإمارات وحدها".
الجدير بالذكر أن تحرير سد مأرب يمثل واحدا من أهم الانتصارات التي تمكنت المقاومة الشعبية اليمنية بالتعاون مع قوات التحالف العربية من تحقيقها خلال الفترة الماضية.