تناول مراسل صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في الشرق الأوسط،
باتريك كوكبيرن، تقريرا ناقش فيه تصاعد خطر تنظيم الدولة في حين يستمر
الغرب في خداع نفسه، على حد قوله.
وأوضح أن الغرب والمتحالفين معه في الشرق الأوسط فشلوا حتى الآن في إيقاف زحف تنظيم الدولة، "الذي يبدو غير قابل للهزيمة"، والسبب هو خداعهم أنفسهم في انتصارات تبدو على أرض الواقع متعارضة مع تقدم التنظيم في الجارتين
سوريا والعراق.
وعرض كوكبيرن في تقريره أن الغرب يتعامل مع تنظيم الدولة كما كان الأباطرة الصينيون في عصر انهيار دولتهم، حيث كان كبار رجال الإمبراطورية يتلقون أخبار الهزائم العسكرية المتتالية لجيوش الإمبراطور، لكنهم ببساطة كانوا يعلنون الانتصار على قوات العدو البربرية.
ويعتبر كوكبيرن أن خداع النفس الذي مارسه الصينيون في تلك الفترة هو ذاته اليوم لدى الغرب في حربهم ضد تنظيم الدولة.
وقال كوكبيرن إن الغرب يتعاملون في الحرب ضد تنظيم الدولة بتفاؤل مبالغ فيه، الأمر الذي لم يمنع سقوط الموصل، وكذلك الفلوجة، بالإضافة إلى تحرك مقاتليه بحرية تامة في الأراضي
العراقية الواقعة بين الحدود الإيرانية وحلب.
ويرى الصحفي البريطاني أن تنظيم الدولة يزداد قوة ويتطور بسرعة، موضحا ثلاثة أسباب دفعته للوصول إلى هذه النتيجة، وهي أن التنظيم يقاتل على عدة جبهات متفرقة تفصل بينها آلاف الكيلومترات، لكنه يظهر كفاءة كبيرة في القتال أكبر مما كان العام الماضي.
أما السبب الآخر فهو أن التنظيم مالا زال يتمدد ويسيطر على المزيد من المدن والأراضي، على الرغم من مرور أشهر من الغارات الجوية التي تقودها واشنطن ضده، التي اعتبر الغرب أنها كافية لإيقاف تمدد التنظيم، قبل حصاره والإجهاز عليه، لكنه لم يحدث.
الأمر الثالث وفق كوكبيرن، أن الانتصارات الأخيرة للتنظيم في الرمادي العراقية وتدمر السورية وغيرها، لم تكن مفاجئة كما كان الحال عندما سيطر التنظيم على الموصل، لكنها كانت معارك منتظرة ومتوقعة، ورغم ذلك لم يتمكن أحد من التصدي لمقاتلي تنظيم الدولة، سواء في العراق مسوريا.
واعتبر كوكبيرن أن تنظيم الدولة يمارس توازنا حقيقا للسلطة بينه وبين أعدائه، ويظهر ذلك من خلال هزائم قوات النظام السوري في تدمر، وضربه وحدات المعارضة في حلب والحسكة، مشيرا كذلك إلى الهزائم المتلاحقة للجيش العراقي والمليشيات التي تدعمه أمام تنظيم الدولة في العراق.
وأشار إلى أنه على الرغم من فشل تنظيم الدولة في كوباني، لكنه وقف أمام ما لا يقل عن 700 من الضربات الجوية الأمريكية في منطقة محصورة، وهو دليل قوي على انضباط قواته.
وعاد كوكبيرن ليؤكد أن المسؤولين في الغرب يتعاملون مع الهزائم المتتالية كما تعامل نظراؤهم الصينيون قبل قرون، حيث إنهم الآن ينكرون أهميتها وأثرها على سير العمليات، ويتظاهرون بأن التنظيم ينهزم ويتقهقر.
وأوضح الصحفي البريطاني أن تنظيم الدولة يمكن هزيمته، ولكن حينما يتوقف المسؤولون الغربيون عن خداع أنفسهم.
ودلل على كلامه من خلال تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، حيث قال إن الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم تقل، وإن عشرة آلاف من مقاتليه على الأقل قد لقوا مصرعهم في الغارات الجوية.