نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لرود نوردلاند، يقول فيه إن المسؤولين
العراقيين أكدوا على مدى الأسابيع الماضية أنه تم القضاء على مقاتلي
تنظيم الدولة في
تكريت تقريبا، ولم يبق سوى عدد من الجيوب في مركز المدينة، ولكن تردد المسؤولين العسكريين يوم الأحد بالسماح للصحافيين بالعودة إلى بغداد برا، مع أن الطريق تمر غرب تكريت بمسافة، يظهر أن المعركة لم تنته.
ويشير التقرير إلى أن البديل كان ركوب طائرة سيسنا تابعة للقوات العراقية من قاعدة تكريت الجوية، التي تقع على بعد تسعة أميال من مركز المدينة، ولكن وقبل أن تقلع الطائرة سقطت قذيفتا هاون على العشب الواقع بين مدرجي المطار، وعلى بعد مئة ياردة من الطائرة الصغيرة، وقال المرافقون العسكريون العراقيون إن من أطلق القنابل يكون على مسافة يرى فيها الطائرة، وربما يكون غرب المطار، مع أن مركز المدينة يقع إلى الجنوب الشرقي. وقال ضابط عراقي كبير: "إن تنظيم الدولة موجود في كل مكان".
ويذكر نوردلاند أنه قد تبين خلال زيارة إلى تكريت دامت يومين، أنه وبعد أربعة أسابيع من حملة الحكومة العسكرية ضد تنظيم الدولة، أن مقاتليه أكثر ولا يزالون يسيطرون على مساحات أكبر مما ذكره المسؤولون سابقا، وحتى بعد الغارات الجوية المكثفة.
ويورد التقرير أنه بحسب المسؤولين العسكريين العراقيين، فإن مقاتلي التنظيم لا يزالون يسيطرون على حوالي عشرين ميلا مربعا من المدينة من أطراف جامعة تكريت في الشمال إلى أقصى جنوب العوجة الجديدة، وهي مسافة تصل إلى ثمانية أميال، وتتضمن معظم الأحياء المكتظة، التي تقع غربي النهر، وفيها مركز المدينة والمنطقة التجارية والدوائر الحكومية وقصر الرئيس صدام سابقا.
وتلفت الصحيفة إلى أن القوات الحكومية لا تزال موجودة شرق دجلة، وهي منطقة في غالبها زراعية وريفية، أو في ضواحي المدينة غربا وحدودها الريفية الغربية والجنوبية، وكان عدد سكان المدينة حوالي ربع مليون نسمة قد هاجر معظمهم.
ويفيد التقرير بأن غرفة عمليات الجيش تقع في منطقة ليست بعيدة عن الجبهة مع تنظيم الدولة، ولكن هنا تعبير الجبهة تعبير نسبي، فهناك ثمانية مدافع هاون تحرس الغرفة، ولم تكن هذه المدافع كلها موجهة جنوبا نحو مركز تكريت فقط، ولكنها موجهة أيضا نحو الشمال والشمال الشرقي. وأطلقت قذائف الهاون بشكل منتظم يومي السبت والأحد، بالإضافة إلى الغارات الجوية لطائرات التحالف، التي كانت قنابلها تهز الأرض.
وتنقل الصحيفة عن الجنرال قائد عملية تكريت عبد الوهاب السعدي، قوله إنه بينما لم تتغير مواقع قوات الجيش حول المدينة بشكل كبير، فإن القوات الخاصة ووحدات النخبة الشرطية تقوم بعمليات مراقبة واختراق داخل المدينة وصلت إلى حدود 600 ياردة من المجمع الحكومي في مركز المدينة.
ويرى السعدي أن سبب بطء تقدم الجيش هو أن الجيش العراقي أراد أن يترك طريقا مفتوحا للمدنيين ليفروا، كما سعوا إلى أن تكون الخسائر في الجيش والميليشيات الشيعية المتحالفة بأقل قدر ممكن.
ويستدرك السعدي بأنه بالرغم من مرور أسابيع من القتال، إلا أن الخسائر في الأرواح بين القوات الموالية للحكومة قليلة، بينما يقدر عدد مقاتلي تنظيم الدولة الباقين في المدينة بـ 450 إلى 750 مقاتلا، ويذكر أنه قد قتل منهم عدد مشابه، بحسب الصحيفة.
ويشير التقرير إلى أن الميليشيات الشيعية كانت تخسر في اليوم ما معدله ثمانية مقاتلين، بحسب عمال المقابر في النجف، حيث يدفن معظم القتلى
الشيعة. ومع أن التقديرات هي على مستوى البلد، إلا أنه من المتوقع أن يكون غالبهم ضحايا القتال في محافظة صلاح الدين.
وتبين الصحيفة أن وفيق الهاشمي، مدير المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، وهي مؤسسة مستقلة تقدم الاستشارات للحكومة العراقية، يقدر عدد مقاتلي تنظيم الدولة الذين لا يزالون في تكريت ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف مقاتل، ويقول إن مقاتلي التنظيم لا يسيطرون فقط على المساحة بين جامعة تكريت والعوجة "20 ميلا مربعا"، بل أيضا على الطريق السريع رقم ا شمال تكريت والموصل، حيث توجد أكبر قاعدة للتنظيم.
ويؤكد الهاشمي أن التنظيم حافظ على خطوط الإمداد للمدينة رغم الحصار، عبر أنفاق توصله إلى الطريق السريع. وقال "إن الحكومة لن تستطيع القيام بالمهمة ما لم يستمر التحالف الدولي بالضربات الجوية".
ويكشف التقرير عن أن الجنرال لويد أوستن، الذي يرأس القيادة المركزية الأمريكية لقوات التحالف في العراق وسوريا، يقدر عدد القوات العراقية المشاركة في الحملة على تكريت بأربعة آلاف جندي، وهذا العدد أقل بكثير من الرقم المعلن وهو 30 ألفا، الذي تحدث عنه المسؤولون العراقيون، مع أن ذلك تضمن الميليشيات الشيعية.
وتوضح الصحيفة أن أوستن أصر على أن الميليشيات الشيعية لم تعد مشاركة في معركة تكريت، بعد أن قالت القوات الأمريكية لقيادات الكونغرس إن أمريكا وافقت على دعم العمليات العراقية في تكريت بالغارات الجوية، وذلك بعد التأكيد لها بأن الميليشيات الشيعية معظمهم مع مستشارين إيرانيين انسحبوا من المعركة.
ويذكر الكاتب أن هناك فوضى في تكريت حول شروط المشاركة الجديدة، ومع أن بعض الميليشيات قالت إنها ستنسحب من المعركة، إلا أن ميليشيات أخرى شوهدت في الخطوط الأمامية، كما وصل يومي السبت والأحد الكثير من رجال الميليشيات الجدد، الذين يعرفون باسم قوات
الحشد الشعبي.
وتنوه الصحيفة إلى عدم وجود تقارير حول ظهور المستشارين الإيرانيين الذين كانوا يعملون مع بعض الميليشيات في منطقة الجبهة حول تكريت، ولا في مكان آخر في محافظة صلاح الدين.
وقال الجنرال السعدي في مقابلة خلال عطلة نهاية الأسبوع: "إن قوات الحشد الشعبي لم تنسحب، ولكنها لا تزال موجودة هنا.. بعضهم أرسل للقيام بواجبات مختلفة في نطاق عملياتنا". وأصر الجنرال على أنه لا أحد منهم تم استبعاده عندما بدأ التحالف غاراته الجوية.
وأضاف الجنرال أنه لا يوجد جيش يرغب في الاعتماد على قوات غير نظامية، ولكن في العراق لم يكن لديهم خيار، وقال: "فلو كنا جيشا متكاملا لقلت لا، ولكننا نحتاج إلى قوات الحشد الشعبي، فالمعركة تقتضي وجودها معنا"، وفق التقرير.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن حوالي ستين مقاتلا شيعيا قد وصلوا يوم الأحد، إلى مقر الجنرال السعدي، من قلب المناطق الشيعية في كربلاء، وهم تابعون لميليشيا كتائب الإمام علي، ويرتدون الزي الأسود والسترات الواقية، ويحملون خليطا من الأسلحة الخفيفة والثقيلة. وكان قائد تلك الميليشيا الكولونيل سالم مزهر قد رفض المشاركة عندما علم أن رجال الميليشيات سيعملون بإمرة ضباط الجيش العراقي.