نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لديفيد كيركباتريك وميرنا ثوماس، تحدثا فيه عن
المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، ومحاولة تشجيع المستثمرين الأجانب للاستثمار في
مصر، عن طريق تغيير قوانين
الاستثمار.
وذكر الكاتبان أن
السيسي تحدث عن كفاءته في المساومة، حيث قال إن أحد مديري شركة "جنرال إليكتريك" أخبره أن مشروعا للمرافق سيأخذ تنفيذه 24 شهرا، فأصر السيسي على أن تقتصر المدة على ثمانية أشهر، ورضخت "جنرال إليكتريك" لذلك.
ويورد التقرير أن السيسي يقول إنه بدأ يساوم على السعر، حتى بدأ المدير يرجوه، ويقول له إنه لا يستطيع التخفيض أكثر من ذلك، ومع هذا يقول السيسي إنه استطاع أن يضغط أكثر لتخفيض مئة مليون أخرى، ووافقت "جنرال إليكتريك" على ذلك، كان هذا ما ذكره السيسي أمام المؤتمر الذي صفق له تصفيقا صاخبا.
ويجد الكاتبان أن قصصه حول قوته التفاوضية، والتي لا يمكن التأكد منها، ترمز إلى جهوده لتحسين اقتصاد عليل، وهذه الجهود تبدو قوية ولها دعاية كبيرة، وتركز على كونها صادرة من أعلى الهرم من مكتب السيسي، ويبقى أن نرى النتائج.
ويشير التقرير إلى أنه بعد أربع سنوات من الإطاحة بحسني مبارك، وبعد 20 شهرا من سيطرة السيسي على السلطة عن طريق الجيش، يحتاج الأخير إلى عمل شيء بسرعة، بحسب ريتشارد شيدياك، المدير العام لشركة (إستراتجي أند)، وهي الشركة التي استأجرتها الإمارات لمساعدة السيسي في إصلاح الاقتصاد.
وتنقل الصحيفة عن شيدياك قوله: "إن النافذة المتاحة للرئيس ومصر لإظهار التغيير ليست طويلة، وهو يعلم ذلك.. أظن أن لديه عامين ليظهر أنه استطاع التغيير، أو سنخاطر بالعودة للضجيج من الدوائر الرئيسية".
ويبين التقرير أن السيسي تحدث في اليوم الثالث من المؤتمر، الذي اعتبره مركزيا بالنسبة لمشروعه الاقتصادي، وأراد أن يعرض خلاله الإصلاحات للتسهيل على المستثمرين الأجانب، ولكن المؤتمر أيضا ذكر أن الحكومة المصرية تعتمد بشكل رئيسي على دول الخليج، التي دعمت الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي.
وتوضح الصحيفة أن كلا من السعودية والكويت والإمارات وعدت بأربعة مليارات دولار، إضافة إلى ما مجموعه أكثر من عشرين مليار دولار كانت قد ساهمت بها تلك الدول بعد الإطاحة بمرسي.
ويفيد التقرير بأن شبكات التلفزيون الحكومي المصري غطت جلسات المؤتمر وحلقات النقاش والخطابات، التي كانت تقاطع عادة بهتافات "تحيا مصر"، حتى أن رئيس الوزراء إبراهيم محلب ذرف عددا من الدمعات في نهاية المؤتمر، عندما غلبه الانفعال العاطفي، وسارع إليه مساعدوه بالمناديل لمسح دموعه.
وتلفت الصحيفة إلى أن المحافظة قامت بتوزيع بزات سوداء على سائقي التاكسي لإبهار الزوار، بحسب عدد منهم، وذكر اثنان منهم أنه تم تحذيرهما من غرامات مالية إذا لبسا ملابس عادية خلال المؤتمر.
ويستدرك التقرير بأنه وسط كل هذا التطبيل والتزمير كان هناك بعض رجال الأعمال اشتكوا من أن الحكومة لم تفعل الكثير لاختصار البيروقراطية المتضخمة، التي تكلف الحكومة وتستنفذ ميزانيتها وتمنع الاستثمار.
وتذكر الصحيفة أن قطب الاتصالات نجيب ساويرس، وهو أحد أثرياء مصر، قد قال لوزير الاستثمار أشرف سلمان في أحد النقاشات: "الوزراء الجدد مثقلون بالموظفين القدماء.. كان عليهم فصل الموظفين السابقين كلهم"، ووصفهم بأنهم بطيئون وغير فعالين، ولا يستطيعون القيام بشيء. وعندما بدأ الوزير يعد الخطوات التي تم اتخاذها في الأشهر السبعة الماضية، رد عليه ساويرس: "في القطاع الخاص تلك السبعة أشهر تساوي يوما بالنسبة لنا".
ويكشف التقرير عن أن الاقتصاديين ينتقدون السيسي لسعيه لتحفيز النمو عن طريق المشاريع العملاقة الممولة حكوميا، مثل مشروع حفر قناة جديدة في السويس، أو إعلان وزير الإسكان مصطفى مدبولي عن خطة لبناء "عاصمة إدارية"، سيتم بناؤها من الصفر شرق القاهرة لتكون مركز المدينة، وسيأخذ إنشاء المشروع على الأقل سبعة أعوام، ويتضمن قصرا رئاسيا ومنطقة دبلوماسية، بالإضافة إلى مراكز تسوق وجامعات وناطحات سحاب ومناطق مدنية، سيكون حجمها "أكبر من مانهاتن بـ 12 مرة".
وتنقل "نيويورك تايمز" عن راجي أسعد، الخبير الاقتصادي الذي يعمل مع منتدى البحث الاقتصادي في القاهرة وجامعة مينيسوتا، قوله إنه إلى الآن يمكنه أن يمنح درجة "- ب" لبرنامج السيسي الاقتصادي، مشيرا إلى أن السيسي يبحث عن الرصاصة الفضية التي تعيد تشغيل الاقتصاد، ويضيف "ولكن لا يمكن توليد سوى نشاط اقتصادي قصير الأمد ما لم يتم تغيير القواعد".
ويورد التقرير أن السيسي قام ببعض الإصلاحات الاقتصادية، وساعده في ذلك هبوط أسعار النفط، حيث قلص الدعم للطاقة، الذي كان يستنفد ربع الميزانية في السنوات القليلة الماضية، كما أن حكومته عومت سعر صرف الجنيه، وسمحت له بالهبوط إلى مستوى السوق، ما ساعد على تسهيل التجارة، وألغى السوق السوداء. وقريبا قامت الحكومة على عجل بتمرير قانون استثمار جديد يزيد المحفزات والحماية القضائية.
ويشير الكاتبان إلى أنه بعد ثورة عام 2011 تأخرت مصر عن دفع سبعة مليارات دولار لشركات الطاقة التي تضخ نفطها وغازها، ولكن الحكومة الجديدة دفعت هذه الديون، وأعلنت مجموعة "بي بي" مؤخرا خططا لاستثمار حوالي 12 مليار دولار، على مدى عدة سنوات، لتطوير حقول غاز في دلتا النيل. وقال المدير العام لشركة "بي بي"، بوب دادلي: "حقيقة نحن مستعدون للالتزام بهذا الآن، يجب النظر إليه على أنه علامة إيجابية".
وتظهر الصحيفة أن مدير عام شركة "سيمنز" الألمانية جو قيصر، أعلن عن توقيع عقد قيمته 4.2 مليار دولار لبناء محطة طاقة وحقل مولدات هوائية، وقال إن المفاوضات بشأن الصفقة بدأت قبل ثلاثة أسابيع، بزيارة إلى مكتب السيسي، وأضاف: "في عملي الطويل هذه هي المرة الأولى التي أفاوض فيها رئيسا على صفقة".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن السيسي قد تفاخر بأنه ساوم قيصر على السعر، وطلب منه تخفيض هامش الأرباح، فاستجاب له.