نشر موقع "ديلي بيست" مقالا لنانسي يوسف، حول تردد إدارة أوباما في دعم الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي في حربه على
تنظيم الدولة.
وتقول الكاتبة إن إدارة أوباما كان لديها يوم الأربعاء عدة فرص لمباركة الغارات، التي يقوم بها أحد أقرب حلفائها على أشد أعدائها، أو ما يسمى تنظيم الدولة في العراق والشام. ومرة تلو الأخرى رفض مستشارو أوباما دعم العملية العسكرية المصرية ضد التنظيم، وهي علامة أخرى على التوتر الذي يسود العلاقة بين واشنطن ومن كان يوما أحد أقرب أصدقائها في الشرق الأوسط.
وتضيف يوسف: "يجب ألا يكون هذا مفاجأة كبيرة، حيث لم تقم القاهرة بإعلام واشنطن بالضربات على معقل التنظيم في درنة. ومع هذا فإن انفصال يوم الأربعاء كان صارخا. حيث لم يجب السكرتير الإعلامي للبيت الأبيض على أسئلة الصحافيين حول الحملة المتنامية التي تقوم بها مصر ضد التنظيم، وكذلك فعلت المتحدثة باسم الخارجية جين بساكي".
وكل ما قبل مسؤول أمريكي بقوله لـ"ديلي بيست" هو: "نحن لا نشجب ولا نرحب" بالغارات المصرية.
وترى الكاتبة أن هذا يعني أن هذين البلدين اللذين كانا قريبين يوما ما، يخوضان حملتين مختلفتين ضد عدو مشترك. وهذه أخبار سارة لتنظيم الدولة. وهذا الصدع بين الولايات المتحدة وأكثر بلاد المنطقة سكانا قد يستغله تنظيم الدولة، وهذه المرة للامتداد إلى شمال أفريقيا.
ويورد التقرير أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنه ليست لديهم فكرة أفضل لمواجهة التهديد والتوتر في العلاقات بين البلدين، التي أدت إلى فقدان الثقة.
وبحسب ما أوضحه مسؤول أمريكي للموقع، فإن "الجيش المصري بالذات مصاب بالإحباط منا.. والإحباط متبادل". ووصف الأدميرال جون كيربي في مؤتمر صحافي، الأربعاء، العلاقات مع مصر بـ"المعقدة"، وأضاف: "نحن نعيد تقييم علاقتنا مع مصر بانتظام".
وتشير الكاتبة إلى أنه قد يبدو أن تنظيم الدولة بالنسبة للولايات المتحدة بعيدا في العراق وسوريا، حيث دخلت الحملة الجوية بقيادة أمريكا شهرها السابع. أما بالنسبة لمصر، الخطر قريب جدا، فالتنظيم موجود داخل حدودها، وفي
ليبيا المجاورة، والمحاربون المتطرفون يأتون ويسافرون عبر سيناء، وكثير من مقاتلي تنظيم الدولة والجهاديين الآخرين يسافرون من ليبيا ليصلوا إلى أماكن مثل سيناء، وتسلك الأسلحة المسار ذاته للوصول إلى هدفها.
ويجد التقرير أنه لذلك رفضت مصر الانضمام إلى التحالف، الذي ضم أكثر من 60 بلدا الصيف الماضي لمواجهة تنظيم الدولة، وطلبت من الولايات المتحدة المزيد من الأسلحة لمحاربة خطر التنظيم. وتتردد الولايات المتحدة بحجة التطورات السياسية المزعجة في القاهرة، وفي الوقت ذاته فقد قوى تنظيم الدولة قبضته في المنطقة.
ويلفت الموقع إلى أن مصر قامت يوم الاثنين بإطلاق حملة جوية على مدينة درنة؛ ردا على فيديو بشع يعرض قطع رؤوس 21 قبطيا مصريا ممن يعملون في ليبيا على الشاطئ الليبي في مدينة سرت.
وتذكر الكاتبة أن مصر لم تخبر الولايات المتحدة قبل القيام بعمليتها، ولم تبارك أمريكا الجهود المصرية، بل على العكس دعت أمريكا لحل سياسي في ليبيا، التي انقسمت بين حكومتين، كل واحدة منهما مدعومة بميليشيات.
ويبين الموقع أن دعوة مصر يوم الأربعاء بأن تفرض الأمم المتحدة حصارا بحريا على ليبيا كي لا تصل إليها الأسلحة، ووجهت بصمت أمريكي. وفي البنتاغون تبقى الحملة ضد تنظيم الدولة مركزة على العراق وسوريا.
وقال مسؤولون أمريكيون لـ"ديلي بيست" إن قرار مصر يوم الاثنين ضرب ليبيا وتوعدها بالمزيد قد يجلب الأذى أكثر من الفائدة، وقد اعترفوا بأنهم لا يستطيعون فعل شيء حيال هذا الأمر.
وتفيد الكاتبة بأن الولايات المتحدة ومصر مختلفتان تماما حول الحرب على تنظيم الدولة، وهذا غريب جدا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أمريكا أنفقت المليارات على العلاقة مع مصر على مدى أربعة عقود، وفي الواقع فإن رئيس مصر الحالي وكل القيادات العسكرية في مصر تقريبا تخرجت من كلية حربية أمريكية.
وتتساءل الزميلة في مركز رفيق الحريري في مجلس الأطلسي، والمتخصصة بشؤون العالم العربي، أيمي هوثورن: "بعد أكثر من 40 مليار دولار، لماذا نحن لسنا على علاقة أفضل؟" وتجيب عن السؤال: "لأنه ببساطة لدينا علاقة عسكرية جيدة، وهذا لا يعني أن نكون متفقين على القضايا الحساسة، فالمساعدات لا تشتري توافقا"، بحسب الموقع.
ويشير التقرير إلى أن العلاقة بدأت بالتردي منذ عام 2003، عندما عارضت مصر غزو العراق، ولكن تلك العلاقات بدت وكأنها تتحسن في السنين السابقة للربيع العربي عام 2011، واستمعت القوات المصرية للنداءات الأمريكية بعدم إطلاق النار على المتظاهرين. ولكن ومنذ ذلك الحين ساءت العلاقة جدا، فبعد انتخابات 2012 بعام، تم عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي وسط احتجاجات في أنحاء البلاد، وأمريكا قد أيدت بقاء مرسي وعزله في أوقات مختلفة، وقال وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي إنه يطبق إرادة الشعب، وإنه لا طموحات سياسية لديه. وأصبح السيسي بعد عام رئيسا، ما جعل الكثير من المسؤولين في الولايات المتحدة يعدون التغيير غير ديمقراطي، بالرغم من أن السيسي جاء إلى هذا المنصب عبر الانتخابات.
وقال بعض المسؤولين في إدارة أوباما إنهم ليسوا بحاجة إلى مصر كما كانوا سابقا، ولكن كان هذا قبل ظهور تنظيم الدولة.
ويكشف التقرير عن أن التوتر قد تزايد على مدى ثمانية عشر شهرا الماضية، وقد علقت الولايات المتحدة بيع بعض الأسلحة، مثل طائرات "إف16" ودبابات أبرامز "م1أ1"، وحتى قطع الغيار لطائرات الهليوكوبتر، وذلك جزئيا بسبب صعود السيسي إلى السلطة.
وفي الوقت ذاته، قامت مصر بقمع الحريات، وعقدت صفقات أسلحة مع الصين وفرنسا، واستضافت الرئيس فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي.
وتوضح الكاتبة أنه عندما بدأت الولايات المتحدة خلال الصيف الماضي بالبحث عن حلفاء لحربها على تنظيم الدولة، طلبت مصر بدلا من ذلك رفع التجميد عن تصدير الأسلحة. وقال مسؤولان في الحكومة الأمريكية للموقع بأن القاهرة لم تفعل شيئا للتخفيف من مخاوف أمريكا حيال الحكومة المصرية الحالية. فقد طلبت مصر رفع التجميد بينما هي تسجن الناشطين، وتقمع المظاهرات، وتسجن مواطنا أمريكيا، وهو محمد سلطان، بتهم زائفة.
وبحسب التقرير، فقد قدمت الولايات المتحدة بادرة حسن نية بإرسالها عشر طائرات أباتشي في كانون الأول/ ديسمبر، وصنفتها بأنها موارد للقيام بمحاربة الإرهاب. ولكن دون قطع غيار، وقد بدأت تلك الطائرات بالتعطل، وبدأ السيسي بالاتصال بدول أخرى مثل روسيا والصين؛ للحصول على أنظمة سلاح ومساعدات اقتصادية.
وتخلص الكاتبة إلى أن هجمات السيسي على ليبيا، ومحاولته لتوسعة علاقته مع غير الولايات المتحدة، تحظى بدعم شعبه والجيش، فالمصريون يطالبون بالثأر لأبناء بلدهم، والتوتر في العلاقة بين أمريكا ومصر ليس غائبا عن الشعب. والسؤال الرئيسي الذي يسأله المصريون، السياسيون والصحافيون والشعب، بينما يواجهون تهديدات تنظيم الدولة: "أين هي الولايات المتحدة؟".