التلغراف: تنظيم الدولة يعتزم السيطرة على ليبيا؛ لاستخدامها بوابة لشن حرب على جنوب أوروبا - أرشيفية
نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، مقالا لروث شيرلوك وكولين فريمان، قالا فيه إن متطرفي تنظيم الدولة يعتزمون السيطرة على ليبيا؛ لاستخدامها بوابة لشن حرب على جنوب أوروبا، بحسب رسائل مؤيدي التنظيم.
ويذكر المقال أن الجهاديين يأملون في تدفق رجال الميليشيات من سوريا والعراق إلى ليبيا ليبحروا بعدها على قوارب تهريب البشر كلاجئين، بحسب خطط اطلعت عليها مؤسسة "كويليام" المحاربة للتطرف في بريطانيا.
ويشير التقرير إلى أن المقاتلين سيعيثون بعدها فسادا في مدن جنوب أوروبا، ويحاولون مهاجمة السفن أيضا. وكتب الرسائل رجل دعاية في التنظيم، يعتقد بأنه يقوم بالتجنيد عن طريق الإنترنت في ليبيا، حيث انهار الأمن بعد الإطاحة بالقذافي في 2011.
ويقول الكاتبان إنه أصبح للتنظيم موطأ قدم في ليبيا، حيث نشر يوم الأحد فيديو لإعدام 21 قبطيا مصريا يعملون في ليبيا. وقامت مصر بغارات جوية على "مواقع للتنظيم"، ردا على الفيديو، الذي تضمن تصويرا لمسلح يلبس اللباس العسكري، ويشير بإصبعه المخضب بالدم "الى الشمال" قائلا: "سنغزو روما بإذن الله".
ويبين التقرير أن مروج الدعاية للتنظيم، الذي يطلق على نفسه اسم عبد الرحيم الليبي، يصف ليبيا بأن فيها "إمكانيات عظيمة" للتنظيم. ويشير إلى أنها مليئة بالأسلحة من الحرب الأهلية الليبية، حيث استولى الثوار على كميات كبيرة من سلاح القذافي. وجاء بعض تلك الأسلحة من بريطانيا، التي زودت نظام القذافي بالمدافع الرشاشة وبنادق القناصة والذخيرة في سنواته الأخيرة في الحكم، عندما كان ينظر إليه على أنه حليف في الحرب على "الإرهاب الإسلامي".
وتورد الصحيفة قول الليبي إن ليبيا تبعد أقل من 300 ميل عن أقرب أراض أوروبية، حيث كتب: "لها ساحل طويل يطل على جنوبي الدول الصليبية، التي يمكن الوصول إليها بسهولة حتى بقوارب بسيطة".
ويشير الليبي إلى رحلات الهجرة غير القانونية، ويقول إنه لو تم استغلال هذه الرحلات جزئيا فسيكون بالإمكان إحداث بلبلة كبيرة في البلدان الأوروبية الجنوبية، وفق التقرير.
ويفيد التقرير بأن هذه التعليقات تأتي بينما يعيش الغرب في قلق من تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا، حيث هناك جالية ليبية كبيرة في المملكة المتحدة. وقال الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الخارجية "إم آي 6"، السير جون ساويرز، بأن على بريطانيا دراسة نشر قوات على الأرض في ليبيا "لمنع استغلال البلاد من المتطرفين".
ويوضح الكاتبان أن المسؤولين الأمنيين يخشون استخدام قوارب تهريب المهاجرين لتهريب مقاتلين إلى أوروبا. ولكون حدود ليبيا مع دول جنوب الصحراء الكبرى طويلة وصعبة الضبط، فإنها تعد أحد منافذ تهريب المهاجرين الكبرى، وقد زادت الأعداد بشكل كبير بعد سقوط نظام القذافي.
وتلفت الصحيفة إلى أن وزارة الداخلية الإيطالية تقدر عدد اللاجئين بـ 200 ألف لاجئ ومهاجر سيقطعون البحر من ليبيا إلى صقلية أو جزيرة لامبيدوزا في أقصى جنوب إيطاليا، وقد وصل 170 ألفا إلى إيطاليا العام الماضي، بما في ذلك عشرات الآلاف من السوريين الفارين من بلادهم.
ويذكر الكاتبان أن مجهود البحث والإنقاذ دخل مرحلة جديدة هذا الأسبوع، عندما قام المهربون المسلحون، ببنادق كلاشنكوف، بتهديد حرس الحدود البحرية الإيطالية عندما كانوا يحاولون إنقاذ مهاجرين على بعد 50 ميلا من ليبيا.
ويضيف التقرير أن المهربين كانوا معنيين باستعادة قاربهم لاستخدامه في رحلة أخرى، مشيرا إلى أن الحادث أظهر مدى الخطر الذي قد يأتي من تنظيم الدولة إن سلك تكتيكات تهريب مشابهة.
وتشير الصحيفة إلى أن هناك مخاوف من أن تضخم وجود التنظيم في ليبيا سيتسبب بمزيد من المهاجرين، الذين يرغبون في الهروب شمالا بأعداد أكبر. وقد حذر السفير المصري في لندن، ناصر كامل، بريطانيا بأن عليها أن تستعد لاستقبال قوارب مليئة بالإرهابيين، ما لم يتم اتخاذ خطوات في ليبيا، وجاء كلامه بعد أن تم إنقاذ 2164 مهاجرا من البحر، خلال 24 ساعة في عطلة نهاية الأسبوع، الذي وصف بأنه هجرة جماعية لم يسبق لها مثيل.
وقال كامل: "هؤلاء الناس في القوارب يحاولون الهجرة عن طريق عبور البحر الأبيض المتوسط .. ولكن إن لم نتصرف معا خلال الأسابيع القادمة، ستكون هناك قوارب مليئة بالإرهابيين أيضا"، بحسب الصحيفة.
ويقول الكاتبان إن الأوضاع الأمنية قد تدهورت في ليبيا؛ بسبب فشل الميليشيات التي أسقطت القذافي في الاتفاق على برنامج موحد. وتعمل الحكومة المعترف بها دوليا حاليا من شرق مدينة طبرق، بعد أن اضطرت للخروج من طرابلس من قبل حكومة منافسة متحالفة مع مجموعة من الفصائل الإسلامية.
وتستدرك الصحيفة بأن معظم هذه المجموعات لا تشارك تنظيم الدولة في رؤيته، بالرغم من أنه يعتقد أن بعضها على علاقة بفصيل تابع لتنظيم القاعدة قام بقتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز خلال هجوم على مبنى القنصلية في مدينة بنغازي في الشرق الليبي عام 2012.
ويكشف التقرير عن ادعاء أبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة، تبعية ليبيا "لخلافته"، مبينا أن هذا يبقى مجرد كلام، ويؤكد أن التأييد للتنظيم في ليبيا يتنامى.
وفي أيلول/ سبتمبر سافر أبو نبيل، وهو قيادي رئيسي في التنظيم، من العراق إلى ليبيا، للحصول على دعم للتنظيم، وقام رجاله بالاستيلاء على أجزاء كبيرة من المدينة المحافظة في شرق البلاد درنة، التي تتم إدارتها بحسب قوانين الشريعة الصارمة.
وتقول الصحيفة إن مئات الليبيين، الذين ذهبوا إلى سوريا ليحاربوا بجانب التنظيم، عادوا إلى ليبيا ليحاربوا في بلادهم، ومدوا نفوذ التنظيم إلى شرق البلاد، حيث سيطروا على أجزاء من سرت، التي كانت معقلا قويا للقذافي. وفي أواخر شهر كانون الثاني/ يناير، هاجمت مجموعة تدعي انتماءها للتنظيم فندق "كورنثيا" في طرابلس، وقتلت ثمانية أشخاص على الأقل.
وبالرغم من أن "التلغراف" لا تستطيع التأكد من شخصية الليبي مروج التنظيم، إلا أن المحللين يعتقدون أن كتاباته عن ليبيا مقروءة بشكل واسع على الإنترنت، ولها أثر كبير.
وبحسب الباحث في مؤسسة "كويليام"، تشارلي ونتر، فقد أغلق موقع تويتر حساب الليبي أكثر من مرة، ولكنه في كل مرة يفتح حسابا جديدا، ويحصل على متابعين بسرعة، كغيره من منتسبي التنظيم.
وتنقل الصحيفة عن ونتر قوله: "إن الدعم لتنظيم الدولة في ليبيا من ناحية الفئات السكانية مشابه لما هو عليه في العراق وسوريا، وكثير من مقاتليه من الشباب اليائس الذين دخلوا في ركب التنظيم؛ لأنهم يرنون إلى تمكين أنفسهم بالقوة في غياب صارخ للدولة، والمخاطر التي تتحدى أوروبا من تنامي تنظيم الدولة في ليبيا هي مخاطر جوهرية".
ويذكر التقرير أن ديفيد كاميرون شجب قيام التنظيم بالإعدام البشع للمسيحيين المصريين، الذين اختطفهم التنظيم في سيرت، وقال إنه ليس نادما على الجهود البريطانية لإسقاط القذافي، بالرغم من التهديد الإرهابي، ويصر على أن ما فعلته بريطانيا كان الشيء الصحيح.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعا يوم الثلاثاء إلى تحالف عالمي لحرب التنظيم في ليبيا، وقال: "لن نسمح لهم بقطع رؤوس أطفالنا".