نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا حول الغارات
المصرية الأخيرة على
ليبيا، يقول فيه إن الخبراء يعدّون أن ما قام به عبد الفتاح
السيسي جعله حليفا رئيسيا في الحرب ضد
تنظيم الدولة.
ويشير التقرير إلى أن الطائرات الحربية المصرية قامت بقصف مخازن ذخيرة في مدينة درنة، بعد ساعات من صدور فيديو لتنظيم الدولة يعرض "مقاتلين ملثمين يقطعون رؤوس 21 قبطيا مصريا على شاطئ ليبي".
ويبين الموقع أن هذه كانت أول مرة تعلن فيها مصر عن القيام بأعمال عسكرية ضد أهداف داخل جارتها الغربية، بعد أن كانت تنكر القيام بضرب أهداف للمتطرفين هناك.
وينقل التقرير عن قول زاك غولد من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب قوله: "إن الغارات الجوية في ليبيا عامل مهم.. فمصر والرئيس السيسي برزت حليفا أساسيا للغرب في حربه ضد تنظيم الدولة".
ويذكر الموقع أن مصر تجنبت أي حرب مباشرة مع تنظيم الدولة خارج حدودها، مع أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إن مصر سمحت للطيران الإماراتي باستخدام قواعدها الجوية لضرب ليبيا.
ويورد التقرير أن السيسي كان دائما يقول إن مصر تخوض "حربها الخاصة ضد الإرهاب" في شبه جزيرة سيناء، حيث ذهبت ضحية التمرد هناك أعداد كبيرة من الشرطة والجيش.
ويلفت الموقع إلى أن المسؤولين المصريين يلومون حركة الإخوان المسلمين المحظورة، التي ينتمي إليها الرئيس السابق محمد مرسي، الذي انقلب عليه وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي في تموز/ يوليو 2013، ويتهمون الحركة بالوقوف وراء الهجمات المميتة، وهو ما تنفيه الحركة، وتقول إنه لا أساس لتلك الاتهامات، وأنها تتم بدوافع سياسية، وتصر الحركة على أنها لم تغير نهجها في الاحتجاج السلمي.
وينوه التقرير إلى أن تنظيم أنصار بيت المقدس، المرتبط بتنظيم الدولة، أعلن مسؤوليته عن تلك الهجمات.
ويفيد الموقع بأن بيانا لتحالف الدفاع عن الشرعية قد أدان "مقتل المصريين في ليبيا، وحذر من تورط مصر في أي مغامرات خارج البلاد". واتهم البيان الحكومة المصرية بالتواطؤ في قتل المصريين؛ "لفشلها في إنقاذهم، مع أن الأزمة استمرت لعدة أيام".
ويبين التقرير أن الإخوان المسلمين كانوا هدفا لحملة قمع قام بها السيسي منذ الإطاحة بمرسي، حيث قتل أكثر من 1400 مؤيد لمرسي، وسجن الآلاف، وحكم بالإعدام على المئات، بعد محاكمات سريعة، قالت عنها الأمم المتحدة: "إنها تعد سابقة لم يشهد مثلها في التاريخ الحديث".
وشجبت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان قمع حركة الإخوان المسلمين، التي فازت بالأغلبية بعد ثورة 2011، التي أطاحت بالديكتاتور حسني مبارك، الذي استمر في الحكم عقودا طويلة، بحسب الموقع.
ويقول غولد للموقع: "إن خلق تنظيم الدولة.. ساعد الرواية المصرية بأن التنظيم لا يهدد فقط العراق وسوريا، ولكنه تهديد بزيادة العنف المتطرف في سيناء واليمن.. والولايات المتحدة اليوم مستعدة أكثر لقبول الموقف المصري، بالرغم من أن التحول فيها بطيء، وستبقى قضاياها الداخلية غير مطروحة للنقاش الدولي".
ويشير التقرير إلى أنه بعد أن قام الأمن بفض اعتصامين مؤيدين لمرسي في 14 أغسطس 2013، حيث سقط المئات، قامت واشنطن بتعليق المساعدات العسكرية للقاهرة بقيمة 1.5 مليون دولار؛ بحجة المخاوف على حقوق الإنسان.
وينوه الموقع إلى أنه حصل دفء في العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة من فترة قريبة، حيث تمت إعادة المساعدات، وقدمت أمريكا طائرات الأباتشي للجيش المصري لمحاربة المتطرفين في سيناء.
وينقل التقرير عن خبير الشؤون العربية في معهد بروكنغز، أتش إي هيلير، قوله إن ضرب أهداف لتنظيم الدولة في ليبيا يظهر تصميم السيسي على محاربة الإرهاب على نطاق أوسع في المنطقة.
ويضيف هيلير: "في هذه الحالة ربما يرى (السيسي) فعله شبيها بفعل الجيش الأردني عندما انتقم لمقتل الطيار".
ويوضح الموقع أن الأردن عضو في التحالف ضد تنظيم الدولة، ويشارك في الحرب عليه في سوريا والعراق، حيث يحتل التنظيم مناطق واسعة من أراضيهما، وصعّد الأردن من حملته الجوية بعد أن ادعى التنظيم قتل الطيار الأردني، الذي أسروه في سوريا في كانون الأول/ ديسمبر.
وينقل "ميل إيست آي" عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، قوله: "مع غارات ليبيا سترتفع مكانة السيسي في الغرب، وكذلك في مصر.. وبالرغم من أنه يحاول بناء علاقات جديدة بالحديث إلى روسيا والصين وفرنسا، إلا أن العملية في ليبيا ستساعد في إنهاء المقاطعة الأمريكية المفروضة على مصر عندما تم تجميد المساعدات العسكرية".
وبحسب التقرير، فإن مصر قامت الاثنين بتوقيع صفقة لشراء 24 طائرة حربية رافالي من فرنسا بقيمة 5.9 مليار دولار، الأمر الذي يعد دعما للسيسي، الذي يريد كسر الاحتكار الأمريكي لإمدادات الجيش المصري.
ويرى هيلير أن الغارات على ليبيا ستسكت منتقدي حكومة السيسي: "سيبقى هناك من ينتقد مصر بسبب المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات المدنية، ولكن عندما يتعلق الأمر بتنظيم الدولة فإن هذه الأمور تأخذ مقعدا خلفيا".
ويذكر الموقع أن الجيش المصري قام يوم الاثنين بالانتشار في أنحاء البلاد، بعد الغارات الجوية ضد تنظيم الدولة في ليبيا، وقال المتحدث باسم الجيش محمد سمير إن قرار نشر القوات تم اتخاذه من مجلس الدفاع القومي لحماية المؤسسات الحيوية.
ويلفت التقرير إلى أن مجلس الأمن سيجتمع يوم الأربعاء لمناقشة "الحرب على الإرهاب" في ليبيا، بحسب وزارة الخارجية المصرية، وقد طلب السيسي يوم الثلاثاء من مجلس الأمن تبني قرار يتيح لتدخل عسكري دولي في ليبيا.
وقال السيسي في مقابلة مع الراديو الفرنسي يوروب1: "ليس هناك خيار آخر، وعلى الشعب الليبي أن يتفق معنا، إننا نتخذ الإجراءات لإعادة الأمن والاستقرار".
ويورد الموقع أن مصر تسعى لإنشاء حلف دولي للمشاركة في الغارات على تنظيم الدولة في ليبيا، وبحسب دبلوماسي مصري صرح لوكالة الأناضول، مشترطا عدم ذكر اسمه، فإن "مصر تستمر في إجراء محادثات لتشكيل تحالف يقوم بضرب تنظيم الدولة". مبينا أن التحالف غالبا سيضم فرنسا وإيطاليا والسعودية والكويت والإمارات.
وأضاف الدبلوماسي أن مصر تحدثت مع روسيا للحصول على دعمها لعمليات الجيش المصري في ليبيا، وأن الجانب الروسي رحب برد الفعل المصري لمقتل 21 من الرعايا المصريين، ووصف العمل بأنه شجاع. مبينا أن روسيا مستعدة لتقديم أشكال الدعم كلها لمصر.
ويشير التقرير إلى أن وفدا ليبيا رفيع المستوى وصل القاهرة يوم الاثنين برئاسة رئيس الوزراء عبد السلام محمد علي البدري.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن أسعار النفط قد ارتفعت بنسبة 5%، بعد القصف المصري على ليبيا يوم الاثنين. علما بأن إنتاج ليبيا من النفط قد انخفض منذ الإطاحة بزعيمها السابق معمر القذافي عام 2011، ونزل تحت مستوى 500 ألف برميل في اليوم عام 2014، من 1.6 مليون برميل في اليوم عام 2010، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.