حسم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بشكل رسمي خيار دعم حزبه لزعيم التيار الوطني الحر ميشال عون لمنصب رئيس الجمهورية اللنبانية، وذلك قبل يوم واحد من جلسة مجلس النواب الذي تجمع غالبية القوى السياسية على التمديد له لتعذر اجراء الانتخابات النيابية الجديدة في ظل الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد.
وجاء حديث نصر الله أمام الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا في ضاحية بيروت الجنوبية لإحياء ذكرى عاشوراء، وذلك بعد أن فشل مجلس النواب (تنتهي ولايته في العشرين من الشهر الجاري) على مدار أربعة عشر جلسة في انتخاب رئيس بسبب الانقسامات السياسية الحادة في البلاد.
وقرر
حزب الله الذي يقود تيار الثامن من آذار دعم العماد ميشال عون لمنصب الرئاسة في مواجهة مرشح فريق الرابع عشر من آذار ورئيس حزب القوات
اللبنانية سمير جعجع.
جعجع يرد بمبادرة
وتعليقا على موقف نصر الله، طرح جعجع مبادرة تهدف إلى حسم خيار الرئاسة قبيل الخوض في التمديد للمجلس الحالي، طارحاً ما سماها "خارطة طريق واحدة توصلنا إلى عدم الفراغ من جهة وعدم التمديد من جهة في هذين اليومين".
ودعا جعجع إلى أن تكون جلسة الأربعاء جلسة انتخاب للرئيس، متسائلا:"سيكون النصاب مؤمناً وبعد إعلان نصرالله تأييد عون وتأييد وقوى 14 آذار لي فلم لا تجري انتخابات رئاسية غداً".
وقال الإعلامي في حزب القوات اللبنانية ومسؤول موقعه الإلكتروني جورج العاقوري معلقا على حديث نصر الله "إن الأقوال تترجم بالأفعال"، مضيفا إن الأهم هو "هو الحفاظ على العملية الديموقراطية وعدم بقاء البلد في حالة الفراغ".
وفي حديث خاص لـ"عربي21" قال العاقوري إن "ما يجب أن يحكمنا هو قواعد اللعبة الديموقراطية، فإذا فاز الجنرال عون فنحن سنبارك له، وإذا فاز الدكتور جعجع فالآخرون مطالبون بتهنئته وتقبل الأمر بعيدا عن الفراغ والفوضى التي نعيشها في لبنان".
وإذا ما كان موقف نصر الله سيعمل على تسريع حسم منصب الرئاسة، أكد العاقوري أن هذا ما دعا إليه جعجع، فــ"السيد حسن نصر الله وحليفه عون مدعوون للنزول الى مجلس النواب لانتخاب الرئيس والكف عن ممارسة تعطيل البلد"، داعيا القوى السياسية إلى توضيح موقفها من مبادرة جعجع خلال الساعات القليلة القادمة التي تسبق جلسة البرلمان.
مرشح مواجهة أو مساومة
واعتبر النائب في البرلمان عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت "أن من الطبيعي أن تتمسك كل قوة سياسية بمرشحها وتسعى لإيصاله، ولكن من غير الطبيعي أو المقبول ممارسة التعطيل للوصول إلى هذه النتيجة".
وفي تصريح مكتوب -وصل "عربي 21" نسخة عنه- قال الحوت إن هناك آلية دستورية لانتخاب رئيس الجمهورية تقتضي نزول جميع النواب إلى المجلس النيابي والتحاور فيما بينهم، ثم اللجوء الى صندوق الاختيار لحسم انتخاب رئيس الجمهورية"، مضيفا أن "أي أسلوب آخر أو تعطيل لهذا الإجراء الدستوري لا يعتبر إصرارا على مرشح وإنما تعطيل للاستحقاق نفسه وإصرار على إبقاء الفراغ في موقع الرئاسة إلى أبعد مدى ممكن".
ورآى أن تسمية نصر الله عون مرشحا للرئاسة هي "مقدمة للتفاوض على الاسم لتحصيل مكتسبات بين يدي الوصول إلى مرشح تسوية، متهما أطرافا لم يسمها بأنها "تعيش حالة انتظار للتطورات الإقليمية لتحسم خياراتها بين مرشح تسوية أو مرشح مواجهة بحسم موازين القوى في الصراعات الإقليمية وموقع حلفائهم الإقليميين ومصالحهم".
مرشح ثالث وسطي
وفي هذا الخصوص، يرى الكاتب والمحلل السياسي وائل نجم أن ثمة تفاهمات إقليمية ودولية ربما هي ما سرعت من حسم حزب الله خياره بشكل رسمي، و"لكن هذا لا يعني أن يكون الجنرال عون هو المرشح الحقيقي لمنصب الرئاسية، بل من أجل طرح اسمه ولتبدأ عملية تفاوض مع الطرف الآخر".
ويستبعد نجم في حديث لـ"عربي 21" أن يتم حسم الجدل بشأن الرئاسة قريبا، ويرى أن "ما سيحصل الآن هو بداية عملية لتفاوض جدّي للتوافق على مرشح رئاسي وسطي ثالث".
ويشير نجم إلى قوى الرابع عشر من آذار حسمت موقفها بشكل قاطع تجاه رفض عون رئيسا للجمهورية، وهو الموقف ذاته لتيار وازن لا يستهان به يقوده زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
وإذا ما كان العماد ميشال عون سيسلم بهذا السيناريو أم لا، يرى نجم أنه "لن يسلم بسهولة بهذا الخيار"، ولكن "في ضوء المواقف الدولية والاقليمية، وفي ضوء الفراغ الحاصل سيجد نفسه أمام ضغط مسيحي يطالبه بموقف آخر يحدد من خلاله مرشحا جديدا للرئاسة.