وصلت
الأزمة السياسية بين
مصر وتركيا ذروتها يوم السبت الماضي حينما تبادل البلدان طرد السفراء، بعد شهور من التوتر الحاد في العلاقات أعقب الانقلاب العسكري في مصر والذي عارضه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وتستضيف أنقرة معارضين للانقلاب، كما يعقد على أراضيها فعاليات دولية لمناهضة الانقلاب كان آخرها مؤتمر لمحققين دوليين يلاحقون قادة الانقلاب قضائياً في المحاكم الدولية.
ويتوقع مراقبون أن يلقى هذا القرار بظلال سلبية على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والتى شهدت توترات حادة بعد عزل الرئيس محمد مرسي.
ماذا ستخسر
تركيا؟
وقال رئيس الوزراء المصري المؤقت حازم الببلاوي إنه إذا قررت أنقرة سحب
الاستثمارات التركية من مصر ستكون هي الخاسرة، معتبراً أن هذا الإجراء (بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي) هو موقف سياسى وليس نوعاً من الحرب الاقتصادية أو للإضرار بالمستثمر التركي "ونحن حريصون عليه وعلى غيره من المستثمرين".
وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراءالسفير هاني صلاح إن تخفيض العلاقات الدبلوماسية مع حكومة أنقرة قد يتطور أيضاً إلى
التبادل التجاري.
ورأى أمين عام اتحاد المستثمرين العرب جمال بيومي أن تركيا هي الخاسرة من الناحية الاقتصادية، حيث أنها استفادت من إقامة استثمارات علي الأراضي المصرية وبالتالي دخول بضائعها للسوق العربية بدون رسوم جمركية، من خلال اتفاقية التجارة الموقعة بين مصر والدول العربية ودول الكوميسا.
وتعد تركيا القوة الاقتصادية السادسة أوروبياً والرابعة عشرة عالمياً، في حين تحتل مصر المرتبة 118 في العالم.
ووصلت تركيا خلال الـ10 سنوات الماضية بمتوسط لمعدل النمو في الناتج المحلي الإجمالى إلى 5.2%، وارتفع حجم الصادرات التركية من 36 مليار دولار عام 2002 إلى 135 مليار دولار عام 2011.
50 ألف مهددون بالتشرد
لكن الخبير الاقتصادي أحمد مطر يرى أن الطرف الخاسر فى تخفيض التمثيل الدبلوماسى مع تركيا هو الطرف الأضعف، موضحاً أن هناك 50 ألف مصري يعملون في قطاع الاستثمار التركي بمصر الذي يقدر بـ3 مليارات دولار؛ مهددون بالتشرد.
وأشار مطر، عبر صفحته علي "فيسبوك"، إلى إمكانية توقف جميع الاستثمارات التركية الجديدة والمحتملة، فضلاً عن تحجيم التبادل التجاري بين البلدين الذي يقدر بخمسة مليارات دولار نسبة 1% من تجارة تركيا، و7% من تجارة مصر.
كما توقع أحمد غانم، عضو المجلس التجاري الأمريكى التركي، تكبد الاقتصاد المصري لخسائر كبيرة بعد خسارته قطاعاً كبيراً من التجارة التركية بعد طرد السفير التركي، وسخر مما يتردد في الإعلام المصري من أن الاقتصاد التركى سيتكبد خسائر فادحة.
ووفق بيانات وزارة الصناعة والتجارة المصرية، فإن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا عام 2012 بلغ نحو 5 مليارات دولار، أكثر من 90% منها صادرات تركية لمصر.
ويبلغ حجم الاستثمارات التركية في مصر نحو 1.5 مليار دولار، تتركز فى فى قطاعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة وقطع غيار السيارات.
ويرتبط البلدان باتفاقية تجارة حرة، وهناك ما يقرب من 230 مصنعاً تركياً في مصر، يعمل فيها 50 ألف عامل.
وكانت تركيا تستهدف رفع حجم التبادل التجاري مع مصر إلى 10 مليارات دولار، وزيادة استثماراتها إلى 5 مليارات دولار خلال 5 سنوات، وفق تصريحات سابقة لأردوغان.
قرار غبي
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي الدكتور سرحان سليمان إن قرار سلطة الانقلاب قطع العلاقات مع تركيا "في منتهى الغباء"، خاصة مع ما يعانيه الاقتصاد المصري من ركود وتراجع بشكل كبير في معدلات النمو.
وأضاف سليمان" عبر صفحته على "فيس بوك": "تركيا هي المستورد الرئيسى للأرز المصري بعد سورية، بنحو 20% من إجمالى صادرات مصر، وبعد ضياع السوق السوري، هاهم أضاعوا السوق التركي".
وأكد أن مصر سوف تفقد حصيلة عملات أجنبية متاحة، في الوقت الذي سوف تفتح فيه تركيا أسواقاً لدول بديلة، مما يؤثر على المنتجين كأهم محصول ربحي للمزارع المصرى.
ورداً على التصعيد المصري، تدرس الحكومة التركية سحب وديعتها لدى البنك المركزي المصري البالغة مليار دولار أودعتها إبان عهد مرسي لدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي، بحسب صحف مصرية، وهو ما قد يزيد الضغوط على الاقتصاد المصري المتدهور بما يكفي.
وكان من المتوقع أن تحول تركيا في الصيف الماضي مليار دولار أخرى من حزمة مالية لدعم الميزانية المصرية، لكنها جمدتها بسبب الانقلاب.