معاناة يكابدها ملايين
المصريين يومياً في زحام شديد وطوابير لا تنتهي واشتباكات أمام المستودعات في رحلة البحث عن اسطوانة البوتاجاز (
غاز الطهي).
حكومة تركتهم فريسة لأصحاب المستودعات الذين تحالفوا مع بائعي التجزئة وسمحوا لهم بالتحكم فيهم الأسعار التي ارتفعت إلى إلى 70 جنيهاً للأسطوانة فى بعض المناطق، وهو ما يقارب عشرة أضعاف سعرها المدعم من الحكومة.
وتشهد محافظات مصر
أزمة متصاعدة مع قدوم فصل الشتاء وازدياد الطلب على اسطوانات البوتاجاز ونقص المعروض، مما أدى إلى زحام شديد ووقوف المواطنين لساعات طويلة أمام المستودعات.
ويحمل المواطنون حكومة الانقلاب المسئولية عن أزمة اسطوانات البوتاجاز بسبب غياب الرقابة الحكومية على منافذ التوزيع وترك البلطجية والتجار يستولون على كميات كبيرة من الاسطوانات والتحكم في السوق لتحقيق أرباح كبيرة.
مقارنة بين عهدين
ويقارن المصريون بين الأزمة التي يعانون منها الآن وأيام باسم عودة، وزير التموين في عهد الرئيس محمد مرسي، الذي نجح في القضاء تماما على هذه المشكلة التي ظلت تؤرق المصريين لسنوات طويلة منذ عهد مبارك.
وبالرغم من تدمير الجيش المصري للأنفاق بين مصر وغزة، حيث كان قادة الانقلاب يروجون أن
الوقود المصري يتم تهريبه إلى الفلسطينيين، إلا أن أزمة نقص اسطوانات البوتجاز عادت للظهور وتنغص حياة ملايين المواطنين.
وتعج وسائل الإعلام المصرية منذ عدة أيام بآلاف الشكاوى من عدم القدرة على الحصول على اسطوانة البوتاجاز التي أصبحت حلم ملايين البسطاء.
وأجبرت الأزمة كثير من المصريين، وخاصة في المناطق الريفية، إلى بالعودة مرة أخرى إلى وسائل بدائية للطهي والتدفئة مثل استخدام الحطب ومواقد الكيروسين.
ويقول موطنون إن الأزمة أصبحت خانقة، وأنهم يبحثون منذ أيام ولا يجدون أسطوانة واحدة، لأن أصحاب المستودعات يهربونها للباعة الجائلين الذين يتحكمون فى الأسعار ويضاعفونها عدة مرات.
حكومة لا تحتمل الأزمات
ويشعر قادة الانقلاب بحساسية شديدة للغاية تجاه مثل تلك الأزمات التي تثير استياء وغضب المواطنين من السلطة الحاكمة وتتسبب في تآكل سريع للشعبية في صفوف المؤيدين للانقلاب.
وكانت خطة الانقلاب على الرئيس مرسي قد اعتمدت على اختلاق الأزمات الاقتصادية والمعيشية للمصريين، وأن يعمل الإعلام على تضخيمها مع تحريض الشعب على الثورة ضد "حكم الإخوان" بعد إظهارهم بمظهر الفاشلين الذين يفرطون في موارد الدولة وأنه لا بد من الإطاحة بهم حتى ينتعش الاقتصاد وتتحسن أحوال الناس.
وليست هذه هي الأزمة الأولى التي يعاني منها المواطن منذ انقلاب تموز/ يوليو، حيث استفحلت من قبل أزمات الكهرباء والمرور والأسعار والنقل والأمن، وساءت أحوال المصريين في عدد من المجالات.
ووسط تزايد الأزمة هرعت حكومة الانقلاب إلى دول الخليج لإسعافهم، حيث طلب الحكومة من السعودية زيادة كميات البوتاجاز المنتظر إرسالها إلى مصر ضمن شحنات مجانية في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، لمواجهة ارتفاع الطلب فى فصل الشتاء.
وتعاني الحكومة من التخبط وعدم القدرة على تبرير تفاقم المشكلة. فقد قال محمد أبو شادى وزير التموين في الحكومة المؤقتة يوم الأحد الماضي إن سبب الأزمة يعود إلى تأخر بعض السفن المحملة بالبوتاجاز من الوصول للموانئ المصرية، نظراً لسوء الأحوال الجوية وزيادة الاستهلاك المحلي بسبب برودة الجو إضافة إلى مستغلي الأزمة للمتاجرة بالأسطوانات فى السوق السوداء. وبعد يومين قال إن الإخوان المسلمين وراء الأزمة بسبب سيطرتهم على شبكة توزيع الأسطوانات وتعمدهم إحداث المشكلات. ثم عاد في النهاية وأنكر وجود مشكلة من الأساس وقال إنها شائعات يروجها من أسماهم بـ"ضعاف النفوس" وأصحاب المصلحة في عرقلة مسيرة حكومته.
وتستورد مصر نحو 60% من احتياجاتها من غاز البوتاجاز والتى تقدر بنحو 12 ألف طن يومياً.
مشاجرات دامية
وتسببت أزمة البوتاجاز في مشاجرات دامية بين المواطنين في محاولة للحصول على اسطوانة، ففي المنيا شهدت قرى المحافظة مشاجرات أمام المستودعات تسببت فى إصابة عدة مواطنين بإصابات مختلفة. وفى أسيوط، شهدت مراكز المحافظة اشتباكات عنيفة بين الأهالي، وكما اشتبك المواطنون مع أصحاب المستودعات، واستخدم في بعض هذه الاشتباكات الأسلحة النارية ما أوقع عدة قتلى.
ومع استفحال الأزمة شهدت عدة محافظات احتجاجات عنيفة حيث قطع أهالي قرية سمادون بالمنوفية، الطريق المؤدية وحاصروا مبنى الديوان العام المحافظة للمطالبة بتوفير أسطوانات البوتاجاز، مرددين هتافات ضد المحافظ، كما تكرر الأمر نفسه بمحافظات سوهاج والفيوم.
وفي الشرقية، وبعد انقطاع الاسطوانات عن إحدى القرى وصلت الشاحنة محملة بالإسطوانات مما دفع الأهالي للهجوم عليها، ثم اتفقوا على أن يتم إبلاغ المركز ليتولى عملية التوزيع لكنه فشل أيضاً.
وفي المنوفية، استولى الأهالي تحت تهديد السلاح على سيارة محملة بإسطوانات البوتاجاز وقاموا بتوزيعها على أنفسهم بعد أن هددوا سائق السيارة ورئيس مكتب التموين بالقتل.
ومع توالي الأزمات على المصريين بعد الانقلاب تبخرت وعود قادة الانقلاب بالرفاهية والرخاء بمجرد التخلص من الرئيس مرسي والإخوان المسلمين. ويوماً بعد يوم يدرك المزيد من المصريين حقيقية ما تعرضوا له في 30 حزيران/ يونيو 2013.