كتاب عربي 21

بايدن وعمر بن الخطاب: أهل النار وأهل الضوء

هل استخدم الميناء الأمريكي في عملية النصيرات؟- إكس
اتّبع رئيس الكوكب "وصفة" طبق "قدر الماء" التي ابتدعتها امرأة الضوء التي قصّر بها البرد والليل، فطبخت لأولادها الجياع الماء، وأولاد غزة أجوع، وفي رواية شعبية أنها كانت تطهو الحصى، فعثر بها عمر بن الخطاب وهو يتفقد الرعية كما يتفقد رؤساؤنا شعوبهم -بجيوش المخابرات الخفية والعلنية- بحثا عمّن قصرت به الحرية وسوّلت له نفسه كتابة منشور ناقد، أو زفرة زافر، على جدران المبكى والمضحك، جدران وسائل التواصل الاجتماعي.

الرواية مشهورة، وهي تقول إن ابن الخطاب دنا من خيمتها واستأذن، وخاطبها بأهل الضوء لا أهل النار، فعلم أن أولادها جياع ثم بادر سريعا، فأحضر دقيقا وسمنا وتمرا، ثم ربض مربضا حتى أكلوا شبعوا وضحكوا ثم ناموا.

عشرة أشهر والشيخ بايدن (المقصود بالشيخوخة السنّ، وهو شيخ عشيرة الإمبريالية العالمية أيضا) يطبخ الدماء في قدر غزة المغلي، بعد أن ذهب ميناء الشيخ بايدن، القطب، الغوث، الوتد، البدل، مع هبات النسيم ونضاحة الذكرى، والأغلب أنه أهدى الميناء للبريديتور نتنياهو وبناه لأجله، فاستغله في عملية اقتحام غزة في النصيرات، في عملية تحرير الرهائن الأربعة، ولا يعدم أنه استخدم الطعام المحمول للقتل، فقد قتل بصناديق الإغاثة عددا غير قليل من الجائعين المحاصرين المكلومين.

عشرة أشهر والشعب الفلسطيني في غزة، تحت القنابل التي تعب المحللون من قياس زنتها بالأرطال وبقنابل الحرب العالمية الثانية وهيروشيما وناغازاكي، وطبق غزة ما زال على النار غير الهادئة، وكانت إيران تعد طبق الثأر أيضا متوعدة بالانتقام لشرفها المنتهك بقتل إسماعيل هنية على أرضها

وكانت إكسسوارات علب الطعام الديلفري، "الفاسد فود"، أكثر عددا من سعرات الطعام الحرارية المعدودة بأجهزة عدّ وحدات الطاقة عدّا، ولم تفدنا جهة مستقلة -أو مستغلة باللهجة البدوية- بالقول إنَّ الأطعمة فاسدة أو منتهية مدة الصلاحية للاستهلاك البشري، وهي كذلك فالمقصود هو "الشو" الإخباري.

وسبق شيخُ دولة عربية شيخَ الإمبريالية واليسار العالمي بايدن فأكرم أهل غزة برفدهم بمكعبات من الأكفان البيضاء الناصعة، لكن خبرين انتشرا من غير مظلات في وكالات الإعلام -وليس في كتاب "مدارج السالكين بين مخيمات إياك نتعوذ وعليك بالله نستعين"- وهو أنَّ بايدن وبخ نتنياهو، وفي عبارات إخبارية أخرى من غير مظلات جوية: أنه علا صياحه على نتنياهو -فسرَّ كثيرون بهذا القصاص الأمريكي العادل لقاتل أكثر من أربعين ألف طفل وامرأة وشيخ غير المفقودين والجرحى والجياع. وبخه من غير صورة أو صوت -ونحن في عصر الصورة- ولو كان لاستأنسنا بهما وتواسينا.

وكان يخرج في هذه الأثناء المتحدث بلسان الحكومة الأمريكية -وأنفها وعيونها الثلاث- جون كيربي، وهو يلحس شفتيه -وليس شيئا آخر خطر ببالي- ليقول إنهم يقتربون من اتفاق وقف إطلاق النار، وليس من خلاف سوى على بعض التفاصيل. والتفاصيل شقوق ونخاريب يسكن فيها إبليس -وكثرت تصريحات ساسة وزعماء وهي تصريحات دورية- قولهم إنه حان الوقت لوقف إطلاق النار و"تحرير الرهائن"، وهو قول سمعناه كثيرا ونسمعه حتى ينضج الماء ويستوي طبق القرن للأكلة.

عشرة أشهر والشعب الفلسطيني في غزة، تحت القنابل التي تعب المحللون من قياس زنتها بالأرطال وبقنابل الحرب العالمية الثانية وهيروشيما وناغازاكي، وطبق غزة ما زال على النار غير الهادئة، وكانت إيران تعد طبق الثأر أيضا متوعدة بالانتقام لشرفها المنتهك بقتل إسماعيل هنية على أرضها، وإن طبق الثأر على نار الانتظار والوعيد الذي يعدّه الإمام المعصوم ينضج.

أما شريك بايدن من "أهل النار"، البريديتور نتنياهو، الذي يدير المعركة بإيقادها من فوق أهل غزة ومن تحت أرجلهم، فقد اتّبع حيلة أخرى غير حيلة طهو غزة بالقنابل من غير تفريق بين مدرسة أمم متحدة، ومسجد أثري أو محدث، أو كنيسة تحت الوصاية البريطانية (الكنسية المعمدانية)، وهي حيلة خضِّ الفئران الأسيرة في الكيس المغلق بإحكام، فدفع أهل مدن غزة إلى النزوح عدة مرات، حتى جعلهم من الجرحى الرحّل؛ لا تنفعهم شفاعات وأقوال الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، السيد جوزيب بوريل: "إن ما يزيد على 85 في المئة؜ من سكان غزة مطالبون بالنزوح، والوضع هناك مروع للغاية وعمال الإغاثة يتم قتلهم"، ولا دعوات الخارجية الأمريكية لتخفيض مستوى استهداف المدنيين. والتخفيض تفسيره: اقتل يا نتنياهو بدلا من مئة وثلاثين؛ سبعين يا أخي! اعمل تخفيضا، "ديسكاونت"، ولا تكثر الملح في الطبق.

بانتظار استواء الطبق "الطائر"، نستطيع القول إنَّ زعماء أوروبا وأمريكا والصين واليابان وسائر القوى العظمى والأقل عظمة؛ تحولوا إلى ظاهرة صوتية، وهي ظاهرة وُصف بها العرب. لقد سرقوا اللقب الذي ليس به طمع، كما سرقوا العقول العظيمة والذهب الأسود، والتحف الأثرية، والكنوز، والقرار السياسي

وحيلة خضِّ الفئران حيلة حربية اتبعها خالد بن الوليد في معركة كاظمة لكن مع جند فارس وليس مع المدنيين.

وبين الفينة والأخرى تطلق تصريحات أمريكية وأوروبية مسكنّة، وهي كل يوم، مثل تصريح الخارجية الأمريكية: "إنَّ عمال الإغاثة موجودون لمساعدة المدنيين الأبرياء ويجب على إسرائيل أن تضمن حمايتهم". وتصريح كامالا هاريس: أنا والرئيس بايدن نعمل على مدار الساعة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة وعلينا الوصول لذلك.. وتصريحات تشبه المواساة، من الإذاعة الوطنية الأمريكية عن سفارة واشنطن في القدس: أوامر الإخلاء المتزايدة تؤدي لنزوح متكرر لعشرات الآلاف بغزة. وتصريح ممثل الصين -وهي قوة عظمى- بمجلس الأمن: يجب ألا نسمح بتكرار مأساة غزة في الضفة الغربية، وتصريحات ممثلة سويسرا في مجلس الأمن: ندعو إسرائيل لاحترام التزاماتها وفقا للقانون الدولي واحترام حياة الأفراد، وتصريح نائب مندوبة بريطانيا بمجلس الأمن: زيادة أوامر الإخلاء الإسرائيلية تتسبب بفوضى في غزة والافتقار للأماكن الآمنة..

بانتظار استواء الطبق "الطائر"، نستطيع القول إنَّ زعماء أوروبا وأمريكا والصين واليابان وسائر القوى العظمى والأقل عظمة؛ تحولوا إلى ظاهرة صوتية، وهي ظاهرة وُصف بها العرب. لقد سرقوا اللقب الذي ليس به طمع، كما سرقوا العقول العظيمة والذهب الأسود، والتحف الأثرية، والكنوز، والقرار السياسي.

إنَّ أقوال المواساة والطاقة الإيجابية المحفزة "تذهب مع الريح"، مثل ميناء بايدن الذي ذهب مع هبات النسيم العليل، ونرجو ونأمل أن تطفأ النار تحت طبق القرن، وقد قال أصدق القائلين: "كلَّمَا أَوْقَدُوا نَارا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ".

x.com/OmarImaromar