عقد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان،
مساء الأحد، مؤتمرا صحفيا في إسطنبول مع نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، وتطرق فيه
إلى موقف
تركيا من فصائل الثورة السورية واللاجئين السوريين، ردا على سؤال حول
لقاء محتمل يجمع رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار
الأسد. وكانت تصريحاته تجيب على أسئلة عديدة أثيرت بعد إعلان أردوغان استعداده
للقاء الأسد.
فيدان، في بداية جوابه على السؤال، لفت
الانتباه إلى حاجة المنطقة للسلام والاستقرار، في ظل المتغيرات التي يشهدها
العالم، كما أشار إلى أن رغبة أردوغان في لقاء الأسد ليست نابعة من نقطة ضعف، وأن
رئيس الجمهورية التركي لا يتهرب من المواجهة، إلا أنه يترك دائما قناة للحوار، ولو
كانت المواجهة في عزها. وذكر أن تركيا حققت مكاسب استراتيجية عديدة خلال المحادثات
المباشرة وغير المباشرة التي جرت بين الطرفين على مختلف المستويات. ثم عرج على
موقف بلاده من اللاجئين السوريين والفصائل المعارضة للنظام السوري.
التصريحات الأخيرة التي أدلى بها فيدان وبشار الأسد، تشير إلى أن عملية التطبيع بين تركيا والنظام السوري في طريق مسدود، وأن هناك بونا شاسعا بين أهداف الطرفين وموقفيهما من حاضر سوريا ومستقبلها وثورتها المجيدة، يجعل التقريب بينهما أمرا مستحيلا. وبالتالي، تبدو التصريحات التي تظهر الاستعداد للقاء بين أردوغان والأسد، مجرد مناورة تفرضها الظروف لإرضاء الوسطاء.
إعلان أردوغان عن استعداده للقاء الأسد أثار
تساؤلات حول وجود تغيير في موقف تركيا من الثورة السورية. وأكد فيدان أن موقف
أنقرة من فصائل الثورة السورية التي يطلق عليها أيضا "المعارضة
السورية"، لم يتغير. كما أنه شدد على أن فصائل الثورة حرة في قراراتها، وأن
قرارها هو الأساس في طبيعة علاقاتها مع النظام، مشيرا إلى أن تركيا ستلعب دورا
بناء في أي قرار يتخذه المعارضون. وبعبارة أخرى، أكد أن تركيا ليست
"وصيا" على فصائل الثورة السورية، وأنها لن تضغط عليها بأي اتجاه، بل
تحترم قراراتها. وكما أكد وزير الدفاع التركي، ياشار غولر، أمس الثلاثاء، أن الشعب
السوري هو الذي سيقرر مصير
سوريا.
الأهم في تصريحات وزير الخارجية التركي هو
تطرقه إلى قتال فصائل الثورة السورية جنبا إلى جنب مع الجيش التركي ضد التنظيمات
الإرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني وداعش، في عفرين وتل أبيض ورأس العين
وغيرها، وسقوط شهداء من الجنود الأتراك والثوار السوريين في تلك المعارك، في إشارة
إلى متانة
العلاقات بين تركيا وفصائل الثورة السورية. وأكد أن تركيا، كدولة كبيرة
ووفية، لا يمكن أن تنسى تلك التضحيات، كما أنها لا يمكن أن تخذل هؤلاء الثوار. ومن
المؤكد أن هذه الشراكة الأخوية التي كتبت بدماء الشهداء غالية وأن حمايتها لصالح
الطرفين.
وفي رسالة إلى المجتمع التركي، لفت فيدان
إلى أن فصائل الثورة السورية تخدم في المناطق المحررة مصالح بلاده الإستراتيجية من
خلال الحيلولة دون حدوث موجات نزوح جديدة نحو تركيا، والتعاون مع قوات الأمن
والاستخبارات التركية في مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة وشبكات التهريب، مضيفا
أن هناك اجتماعات دورية تعقد بمشاركة مسؤولين أتراك وقادة الفصائل لمتابعة هذه
الملفات وغيرها. كما أنه شدد على أن موقف تركيا من اللاجئين السوريين لم يتغير، وأنه
لن يتم ترحيل أحد من اللاجئين لا يرغب في العودة إلى بلاده.
تركيا نصحت بشار الأسد في بداية الثورة السورية أن يقوم بإصلاحات يطالب بها الشعب السوري، إلا أنه اختار أن يمزق سوريا ويحرقها بدعم من روسيا وإيران. وها هو اليوم في موقف أضعف، ونظامه غير قابل للإصلاح وإعادة التدوير والتأهيل. وأما تصريحاته المطالبة بانسحاب القوات التركية فينطبق عليها المثل القائل: "إذا أعطيت الحمار قيمة أكثر مما يستحقها يظن نفسه خيلا".
تصريحات فيدان دحضت كافة المزاعم والشبهات
التي بدأ الموالون للنظام السوري وحلفاؤه يثيرونها في الآونة الأخيرة، وخيبت آمال
العنصريين، كما أنها نفت الشائعات القائلة بأن تركيا ستتخلى عن الوقوف إلى جانب فصائل
الثورة السورية وستقوم بترحيل جميع اللاجئين إلى سوريا بالتعاون والتنسيق مع
النظام السوري. وبعثت برسائل هامة لتطمئن فصائل الثورة السورية واللاجئين السوريين.
وإضافة إلى ذلك، رسمت تلك التصريحات أطر أي لقاء محتمل يجمع أردوغان والأسد.
التصريحات التي أدلى بها فيدان في المؤتمر
الصحفي الذي عقده مع وزير الخارجية السعودي، لم تعجب النظام السوري الذي يعتبر
فصائل الثورة السورية "تنظيمات إرهابية". وفي رد غير مباشر على تلك
التصريحات، ذكر بشار الأسد، بعد الإدلاء بصوته في مسرحية الانتخابات البرلمانية،
أن انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية وتخلي تركيا عن
"الإرهابيين"، في إشارة إلى الثوار، يجب أن تتم مناقشتهما في أي لقاء مع
أردوغان، ما يعني أن النظام السوري تخلى عن اشتراط انسحاب القوات التركية قبل
اللقاء، ولكنه يشترط أن يكون اللقاء بذات الأجندة.
التصريحات الأخيرة التي أدلى بها فيدان
وبشار الأسد، تشير إلى أن عملية التطبيع بين تركيا والنظام السوري في طريق مسدود،
وأن هناك بونا شاسعا بين أهداف الطرفين وموقفيهما من حاضر سوريا ومستقبلها وثورتها
المجيدة، يجعل التقريب بينهما أمرا مستحيلا. وبالتالي، تبدو التصريحات التي تظهر
الاستعداد للقاء بين أردوغان والأسد، مجرد مناورة تفرضها الظروف لإرضاء الوسطاء.
تركيا نصحت بشار الأسد في بداية الثورة
السورية بأن يقوم بإصلاحات يطالب بها الشعب السوري، إلا أنه اختار أن يمزق سوريا
ويحرقها بدعم من روسيا وإيران. وها هو اليوم في موقف أضعف، ونظامه غير قابل
للإصلاح وإعادة التدوير والتأهيل. وأما تصريحاته المطالبة بانسحاب القوات التركية
فينطبق عليها المثل القائل: "إذا أعطيت الحمار قيمة أكثر مما يستحقها يظن
نفسه خيلا".