استقالت المتحدثة الناطقة بالعربية باسم وزارة
الخارجية الأمريكية، هالة غريط، وذلك اعتراضا على سياسة واشنطن تجاه الحرب على
غزة، فيما لم تكن تتوقع من قبل أنها ستختار ترك حياتها المهنية كدبلوماسية أمريكية.
وكانت غريط، قد أمضت "حياتها المهنية بأكملها" في وزارة الخارجية، بعد أن انضمت إلى الوزارة في 2006؛ وعملت في مهمتها الأولى في "اليمن" التي تعتبر من أصعب المناطق، فيما استمرّت في أداء عملها في أماكن مثل هونغ كونغ وقطر وباكستان، وجنوب أفريقيا.
ومنذ حوالي عام ونصف، وبعد أن قامت بأدوار خلف الكواليس في الغالب، أصبحت غريط المتحدثة الناطقة بالعربية باسم وزارة الخارجية الأمريكية. وقالت لشبكة "سي إن إن": "كانت لدي نوايا كاملة للاستمرار في مسيرتي المهنية حتى وصلت إلى المستويات العليا، ولم يكن لدي أي نية للاستقالة مطلقا".
وأوضحت أن سياسة الإدارة الأمريكية بشأن الحرب بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في غزة قد "غيرت ذلك للأسف حقا، حقا".
وتابعت غريط، أنها وزملاؤها "شعروا بالرعب من عملية 7 أكتوبر/ تشرين الأول، والتي أدت إلى اندلاع الحرب في غزة"، مضيفة: "كان الجميع يستعدون نوعا ما، ويقولون: يا إلهي، ماذا سيحدث بعد ذلك؟، كانوا يعلمون بوضوح أنه سيكون هناك رد فعل قوي، لكنني لا أعتقد أن أحدا توقع أن النتيجة ستكون 34 ألف قتيل وظروف مجاعة".
وأضافت غريط أنه لم يكن هناك حادث معين دفعها إلى الاستقالة، بل تراكم الأحداث طوال الحرب، والشعور المتزايد بأن تحذيراتها بشأن سياسة "زعزعة الاستقرار" لم يتم الالتفات إليها، مبرزة: "أنا قلقة بشكل أساسي من أننا على الجانب الخطأ من التاريخ ونضر بمصالحنا"، في إشارة إلى دعم إدارة بايدن القوي لدولة الاحتلال الإسرائيلي في الحرب مع "حماس".
واسترسلت: "علينا كالولايات المتحدة أن نتمسك بمبادئنا، لا يمكننا أن نجعل استثناءات، وأوضح دليل أن حلفاءنا وأعداءنا يراقبون، وهذا يؤذينا كأمة، لقد كان مجرد إحباط مدمر تلو الآخر، لقد واصلت الأمل حتى الأخير، أعتقد أنني بحاجة لبدء التخطيط، لا أعتقد أن الأمور ستتحسن".
وكانت غريط، بصفتها متحدثة رسمية، قد كُلّفت بتقديم سياسة الولايات المتحدة بخصوص الحرب إلى جمهور ناطق باللغة العربية، ولكن منذ البداية، كما قالت، كانت نقاط الحديث بعيدة بشكل حاد عن الصور التي كان الجمهور يشاهدها يوميا.
وقالت إن "نقاط الحديث هذه تركز على الجمهور الأمريكي المحلي"، فيما حذّرت وزارة الخارجية من أنها "ستثير ردود فعل عنيفة وسيُنظر إليها على أنها تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم".
وأكدت غريط: "وهذا بالفعل ما رأيناه، من خلال استطلاعات الرأي، شهدنا تزايدا في معاداة أمريكا، وتراجعت شعبيتنا في جميع أنحاء المنطقة بأكملها، في البلدان التي كانت لدينا علاقات رائعة فيها".
إلى ذلك، كشفت غريط أن البعض في وزارة الخارجية قد شجعوها على مواصلة مشاركة تعليقاتها وأخبروها أنه سيتم نقلها "إلى أعلى مستويات صناع القرار لدينا" لكنها قالت إن الآخرين "أسكتوها وهمشوها"، مردفة: "قيل لي إنك ترفضين القيام بعملك".
وأوضحت أن "فكرة تورطنا في قتل هؤلاء المدنيين هي أمر صعب ومدمر للغاية بالنسبة للدبلوماسيين الذين يجب عليهم الاعتراف بأنفسهم، وماذا تفعل بهذه المعلومات إذا لم تكن الشخص الذي يمكنه تغيير السياسة؟".
تجدر الإشارة إلى أن غريط تعتبر أول دبلوماسية أمريكية معروفة تستقيل بسبب موقف الإدارة من الحرب، التي استمرت أكثر من 6 أشهر وأودت بحياة أكثر من 34 ألف شخص في القطاع الساحلي، وفقا للسلطات الفلسطينية.
أيضا، استقال مسؤولان آخران في وزارة الخارجية، ويتعلق الأمر بكل من غوش بول، وأنيل شيلين، وذلك احتجاجا على سياسة الولايات المتحدة، التي أدت إلى انقسام حاد داخل البلاد، كما رأينا في الاحتجاجات الكبرى في الحرم الجامعي، وأثارت غضبا عالميا.