بإنتاج تلفزيوني ضخم، ومواقع تصوير مبهرة، ودعايات كبيرة على مواقع
التواصل الاجتماعي، بدأ
مسلسل الحشاشين في استعراض حقبة طائفة من أكثر الطوائف إثارة
للجدل على مدار التاريخ بقيادة زعيم الحشاشين حسن الصباح.
لماذا يكتب المرء مقالة عن مسلسل رمضاني؟
باختصار لأن "الحشاشين" ليس مجرد مسلسل درامي. "الحشاشين"
هو ملحمة وطنية كبرى من إنتاج فخر شركات المخابرات العامة
المصرية يحكي لنا عن
جذور الجماعات الدينية التي خلطت الدين بالسياسة وأوصلتنا إلى نشأة جماعة الإخوان
المسلمين فما أشبه حسن الصباح بحسن البنا..
ما قرأته حتى الآن كان جزءا من حملة الدعاية والتسويق التي صاحبت عرض
الحلقات الأولى من مسلسل الحشاشين، مقالات كتبت ومداخلات تلفزيونية وتقارير إخبارية
في قنوات مصرية كالقاهرة الإخبارية وعربية كقناة العربية السعودية وكلها رددت نفس
العبارات، "الحشاشين" هو نواة تشكيل الإخوان المسلمين، وحسن الصباح هو
حسن البنا مع الفارق وهذا ما تفعله الجماعات المنظمة في أي مجتمع ودولة.
اللافت أن جميع من علقوا على المسلسل أشاروا إلى أن هناك حملة منظمة
من لجان الإخوان المسلمين لمهاجمة الحشاشين والسبب أنه كشفهم وفضحهم وتحدث عن
سوءاتهم التي حاولوا إخفاءها عن العالم.
وبعيدا عن تلك الإسطوانات المشروخة والتي انتهى مفعولها منذ سنوات
طويلة وبعيدا عن الدفاع أو الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين وبعيدا أيضا عن
تقييم المسلسل أو نقده من الناحية التاريخية أو الفنية، هناك بعد خطير لفت انتباهي
إليه صناع المسلسل ومن شاركوا في حملة الدعاية الخاصة به في قنوات العربية
السعودية والقاهرة الإخبارية.
الأمر يتعلق بطريقة وصفهم للحشاشين ومحاولة ربطهم لهذه الطائفة
بجماعة الإخوان المسلمين، والمتابع لتصريحاتهم وأوجه المقارنة بين الطرفين يتفاجأ
بأمر غريب وهو أن هناك تطابقا شديدا بين طائفة الحشاشين وزعيمهم حسن الصباح وبين
النظام المصري الحالي ورئيسه عبد الفتاح السيسي.
التطابق الأول له علاقة بسبب تسمية الحشاشين، حيث اختلفت الروايات
حول سبب تسميتهم بهذا الإسم فهناك من ذهب إلى أن إسمهم الأصلي كان حساسين ثم تحول
للحشاشين، وهناك من ذهب إلى أن الإسم مأخوذ من الإسم الأجنبي وهو Assasins وهناك من ذهب إلى أن الإسم مأخوذ نسبة
إلى تعاطيهم مخدر الحشيش فصاروا الحشاشين.
تشابهات كثيرة بين الحشاشين كما يريد المسلسل أن يصورهم وبين عبد الفتاح السيسي ورجاله، حتى من أرادوا تلميع المسلسل وربطه بجماعة الإخوان المسلمين فوجئوا بأن الجميع يربط السيسي بالحشاشين.
وإذا اعتمدنا السبب الثالث فهذا يعيدنا إلى أحد تسريبات مكتب السيسي
التي أذيعت عام 2015 حين تحدث عباس كامل مدير مكتب السيسي آنذاك ومدير المخابرات
العامة الحالي عن تعاطيه حبايتين من مخدر الترامادول للتهدئة من التوتر.
التطابق الثاني له علاقة بفكرة خلط الدين بالسياسة؛ حاول هؤلاء أن
يثبتوا أن الحشاشين والإخوان اتخذوا من الدين ذريعة لخلط الأوراق والوصول إلى
الحكم والسيطرة على عقول البسطاء ولكنهم لم ينتبهوا إلى شيء خطير وهو أن أكثر من
استخدم الآيات والأحاديث وخلط الدين بالسياسة وتحدث عن ربنا ويوم القيامة ومحاسبة
الشعب وهيروح من ربنا فين هو عبد الفتاح السيسي نفسه.
من استخدم الدين في كل مرة لمخاطبة فقراء الشعب المصري عن فضيلة
الصبر والتحمل، من أقنعهم عن طريق الدين أن الله يخاطبه وجعل معه البركة هو السيسي،
فإن كان خلط الدين بالسياسة من أوصاف الحشاشين، فعبد الفتاح السيسي إذا هو رئيس
الحشاشين.
التطابق الثالث عن طريقة سيطرة حسن الصباح وحسن البنا على أتباعهم
ومريديهم عبر تنفيذ الأوامر دون نقاش وضرورة السمع والطاعة العمياء والتضحية
بالنفس فداء للدعوة.
المشكلة الحقيقية هنا أن النموذج الأقرب والمثال الأوضح في تنفيذ
السمع والطاعة والالتزام بالأوامر بشكل حرفي دون نقاش أو جدال أو إبداء أي بادرة
اعتراض هو ما تفعله الأذرع الإعلامية واللجان الإلكترونية التابعة لعبد الفتاح
السيسي ونظامه.
ولن تجد مثالا أفضل من رسالة السامسونغ التي ترسل يوميا من الضابط
أحمد شعبان مساعد مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل إلى الإعلاميين
والصحفيين واللجان الإلكترونية كي تذاع وتنشر بالحرف الواحد ومن تجرأ على التأخر أو
النقاش أو عدم النشر فمصيره محتوم.
تشابهات كثيرة بين الحشاشين كما يريد المسلسل أن يصورهم وبين عبد
الفتاح السيسي ورجاله، حتى من أرادوا تلميع المسلسل وربطه بجماعة الإخوان المسلمين
فوجئوا بأن الجميع يربط السيسي بالحشاشين.
الحشاشين في 2024 هم السيسي وعباس كامل وأحمد موسى ونعقت الديهي
وسامح شكري وعلي جمعة وأحمد شعبان ورجالة المتحدة وسينرجي وغلمانهم على
مواقع التواصل.. باختصار السيسي بطل مسلسل الحشاشين..