تنتهج
سويسرا سياسة متحفظة بشأن مكانتها
العالمية كمركز رئيسي للذهب، فيما تتباهى دولة
الإمارات العربية المتحدة بمكانتها
الجديدة في هذا السوق، وتزداد المنافسة بين البلدين شراسة، بحسب تقرير لهيئة
الإذاعة السويسرية "سويس إنفو".
وبحسب التقرير، فقد ظلت سويسرا على مدى
عقود تستأثر بطليعة قطاع
الذهب العالمي، من حيث سعة التكرير، أو حجم التداول، لكن
الإمارات برزت كمنافس يهدد هيمنة سويسرا على السوق.
ولفت
التقرير إلى أن البيئة الديناميكية في الإمارات، إلى جانب العقوبات التي فرضت على
روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا، ساعدت في نمو
تجارة الذهب في إمارة دبي.
هل
تشكل الإمارات خطرا على سويسرا؟
ينقل التقرير عن الخبيرة في قطاع
الذهب، مارينا هانتر، قولها بأن ذلك "يعتمد على الزاوية التي يُنظر منها
إلى قطاع الذهب وأدوار البلدان فيه".
وبينما تتزوَّد الشركات في سويسرا
بالذهب من المناجم الصناعية في جميع أنحاء العالم، تشتري الشركات الإماراتية الذهب
من مناجم تعدين صغيرة الحجم في أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية وجنوب
آسيا.
وفي عام 2020 أطلقت السلطات السويسرية تحقيقا رسميا بشأن سرقات الذهب من مناطق الصراع في أفريقيا، وتهريبه عبر الإمارات.
وأفاد بيان نشره "المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط"، ومقره جنيف، بأن الأمر يتعلق بتهريب الذهب من دول أفريقية أبرزها السودان وغانا وتنزانيا وزامبيا.
وأضاف أن تلك الممارسة، التي تتورط فيها الإمارات، تتسبب بواحدة من أخطر الأزمات التي تواجهها تلك الدول، لما لها من آثار سلبية على اقتصادها وحرمانها من أحد أهم موارد النقد الأجنبي، والإيرادات الجمركية المفروضة على تصدير الذهب.
وتتباهى البنوك السويسرية ومصافي الذهب
في سويسرا بامتثالها لمعايير صارمة، ويزداد تركيزها على التزوُّد بالذهب من مصادر
تراعي الاعتبارات الأخلاقية. وتوقَّفت الرابطة السويسرية لِصناعة وتجارة المعادن
الثمينة عن استيراد الذهب من دبي، وشطبت في العام الماضي شركة فالكامبي، من قائمة
عضويتها بسبب خلافات تعذَّرت تسويتها حول التحلّي بالمسؤولية عند اختيار شركات
التوريد.
وفي يونيو 2022، قامت فرقة العمل
المعنية بالإجراءات المالية، وهي هيئة دولية ترصد أنشطة غسل الأموال وتمويل
الإرهاب، بإدراج دولة الإمارات العربية المتحدة رسميًّا على قائمة البلدان التي
ستخضع إلى مراقبة حثيثة. وتستند الهيئة الدولية في هذا الإجراء إلى أن التدابير
التي تتخذها دولة الإمارات لم تكن كافية للتصدي لممارسات غسل الأموال وتمويل
الإرهاب. وأشارت الهيئة تحديدًا إلى دور قطاع الذهب في تمكين الصفقات غير
المشروعة.
ويقول كريستوف فيلد، الرئيس التنفيذي
السابق لشركة تكرير سويسرية ورئيس الرابطة السويسرية لِصناعة وتجارة المعادن
الثمينة: "إنّ دبي سوق مهمة ومركز رئيسي للأعمال التجارية الدولية في المعادن
الثمينة. لكن الوقت لم يحن بعد لقبول كل ما هو قادم من دبي وأعيننا مغمضة".
ويضيف فيلد: "لقد ثبت أن جزءًا
كبيرًا من الذهب الذي يمرّ عبر دبي يأتي من أفريقيا ومن مناطق تشهد أنشطة غير
قانونية وإجرامية وصراعات".
لكن هانتر تقول إن "أسواق سويسرا
أو المملكة المتحدة ليست بالضرورة نظيفة أو خالية من الإجرام طالما أنها تواصل
استيراد كميات كبيرة من الذهب من مناطق يُعرف أن الذهب يُغسل فيها".
ونقلت الهيئة عن تحليلات لخبراء، بأنه
من الوارد أن تصل إلى سويسرا عبر الإمارات شحنات ذهب مشكوك في مصدرها، سواء من مناطق
الصراع، أو من جهات تحاول التهرب من العقوبات المفروضة على روسيا.
غسل ذهب؟
واستضافت دبي في مؤتمرها السنوي الحادي
عشر للمعادن الثمينة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، خبراء ومصرفيين وتجارا وشركات
تكرير الذهب، وأفرادا مشمولين بالعقوبات مثل آلان جوتز، الذي أخضعه الاتحاد
الأوروبي للعقوبات بسبب تعامله في الذهب المستخدم لتمويل النزاع من جمهورية
الكونغو الديمقراطية.
وحضر المؤتمر أيضًا عدد كبير من
الشخصيات الروسية خُصِّصت لها طاولة كاملة. وكان بعض الحضور يبحث إمكانية عقد
صفقات تجارية جديدة، بما في ذلك صفقات على ذهب السودان، الذي ارتبط بتمويل النزاع.
وفي عام 2020، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تفاصيل عن سيطرة قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على مناجم الذهب في البلاد، ودور الإمارات في هذا القطاع، والتي تستحوذ على معظم صادرات الذهب السوداني.
وكانت جمعية سوق السبائك في لندن علقت
عضوية شركة "الإمارات جولد" في قائمة "معيار التسليم الجيد"
بسبب اشتباه بغسل الأموال. وكان هذا القرار قد أثار استياء الرئيس التنفيذي للشركة،
السويسري دانييلي بروفنزالي.