استغرب الكاتب ووزير الثقافة
الجزائري
السابق محيي الدين عميمور، لقاء وزير الشؤون الدينية يوسف بلمهدي مع عميد مسجد
باريس شمس الدين حفيز بعد تصريحات الأخير المُدِينة للمقاومة الفلسطينية التي
تتناقض مع الموقف الرسمي الجزائري.
ونشر عميمور صورة في حسابه على "فيسبوك" تظهر
بلمهدي إلى جانب حفيز، في حفل نظمه
مسجد باريس لتسليم شهادات التكوين لأئمة ومرشدين
سيؤطرون المساجد في
فرنسا.
وعلق الكاتب بشكل ساخر على الصورة قائلا: "وزير الشجون الدينية وممثل
"الثورة "المجيدة وعضو حكومة الدولة الوحيدة التي تحارب التطبيع مع
الكيان "الصهيوني" في زيارة "رسمية" بالأمس لمسجد باريس،
وإلى يمينه عميد المسجد الذي صرح بأن مقاومي "حماس" هم إرهابيون، وقيل
إنه يخاطب "رِبّي" فرنسا بكلمة... أخي".
وأضاف: "أما الشباب في الصورة فذر
للرماد في العيون".
وختم منشوره قائلا: "بالمناسبة: هل
أُلغِيَ شعار ’مع فلسطين ظالمة أو مظلومة’؟". وهذا الشعار هو للرئيس
الهواري بومدين الذي يعتبر عميمور من أكثر الكتاب المدافعين عن فترته وعن روحه
القومية العربية.
وكان بلمهدي قد شرع في زيارة عمل لمسجد
باريس الكبير بدعوة من العميد شمس الدين حفيز الذي أثار ضجة كبيرة في الأيام
الأخيرة.
وأعاد الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم
الجزائرية عبد الرزاق مقري، نشر الصورة وتعليق محيي الدين عميمور عليها.
ونشرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الجزائرية في صفحتها على "فيسبوك" أن الوزير الدكتور يوسف بلمهدي أشرف السبت الماضي، على اجتماع لثلة من الأئمة والمرشدات الدينيات المنتدبين لمسجد باريس الكبير لتأطير النشاط الديني في مساجد الجمهورية الفرنسية، بحضور شمس الدين محمد حفيز عميد المسجد ومحمد الوانوغي المدير العام للمسجد.
وأثار عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز، جدلاً
في الجزائر، بعد تصريحات له على قناة فرنسية، وصف فيها حركة حماس بـ"الإرهابية"، وحديثه عن "بكاء المسلمين على آلام اليهود"، واعتبار ما
قامت به المقاومة في فلسطين "مجازر مروعة".
وذكر حفيز، وهو من أصول جزائرية، ويتولى
عمادة مؤسسة تقع تاريخياً تحت التأثير الجزائري، في لقاء مع قناة "بي أف أم"
الفرنسية، أنه "يجب أن نتعاطف مع ضحايا 7 تشرين الأول/ أكتوبر"، في إشارة
إلى عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، زاعماً أن
ما حدث "كان مجازر مروعة".
وذهب حفيز إلى حد التبرؤ من تصريحات الزعيم
اليساري البارز في فرنسا جون لوك ميلونشون، الذي كان صاحب الموقف الوحيد تقريباً،
بين قادة فرنسا السياسيين، المدين للعدوان الإسرائيلي على غزة. وقال، رداً على ما
إذا كان يؤيد الكلام الذي أدلى به جون لوك ميلونشون: "لا أبداً. هذا كلام من
لديهم برنامج سياسي.. أنا أقول إن مسلمي فرنسا يريدون العيش كمواطنين مكتملي
الحقوق مع بقية الطوائف". وأضاف: "نقول
للطائفة اليهودية التي تتألم.. نحن نتألم معكم".
وبخصوص رأيه في حركة حماس، وما
إذا كان يعتبرها "إرهابية"، قال عميد مسجد باريس بشكل مباشر: "بالطبع، قلنا ذلك
في البيان. لا أريد صبّ الزيت على النار. وما أريده اليوم ألا نستورد هذا الصراع
(إلى فرنسا)، وأن نتعايش مسلمين ويهودا كإخوة.. آلامهم وأحزانهم نتقاسمها اليوم".
وأردف: "ما أريده هو عودة الرهائن حتى يكون إخوتي اليهود سعداء".
وكان تقرير سابق لصحيفة "القدس
العربي" اللندنية، قد أشار إلى أن عميد مسجد باريس تعرض في كانون
الأول/ ديسمبر الماضي، لهجوم شديد، بعد حضوره ندوة شاركت فيها السفيرة الإسرائيلية
بفرنسا. وصنف عبد الرزاق مقري، رئيس أكبر حزب إسلامي بالجزائر، آنذاك، ذلك الفعل
في دائرة "الخيانة".
وكتب مقري في صفحته على "فيسبوك"، تدوينة يقول
فيها، مستنكراً، إن "عميد مسجد باريس المعروف بعلاقته بالسلطات الجزائرية
يحضر ندوة نظمها مجلس الجمعيات اليهودية في فرنسا بحضور سفيرة الكيان”، داعياً
“الجزائريين المقيمين في فرنسا إلى أن يعبروا عن رفضهم لهذا التصرف المشين المناقض
للموقف الرسمي الجزائري ولموقف الشعب الجزائري".
وطلب مقري من "السلطات الجزائرية
اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذا الذي فُرض ليمثل الديانة الإسلامية في فرنسا،
وهو الذي لا يصلح لذلك أبداً"، على حد قوله.
ويمتلك حفيز الجنسية الفرنسية، وهو أحد
المقربين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قلّده وسام جوقة الشرف،
باعتباره هدفاً، كما قال، لأعداء الجمهورية المتطرفين. وظل الرجل يدافع عن نسخة
للإسلام متوافقة مع قيم الجمهورية الفرنسية، حتى إنه أسقط، قبل مدة، دعوى قضائية
كان قد رفعها ضد مجلة شارلي إيبدو، بسبب رسوماتها المسيئة ضد الرسول محمد عليه
الصلاة والسلام.
ويمثل مسجد باريس بتاريخه أحد أكبر المؤسسات
الدينية الإسلامية في فرنسا، وهو ساحة للتأثير الجزائري بامتياز، منذ سنوات طويلة،
على اعتبار أن الجزائر تعد أكبر جالية مسلمة في فرنسا، وتود الاحتفاظ بعلاقة قوية
بينها وبين الوطن الأم. وتقدم الجزائر نحو 3 ملايين يورو سنوياً لمؤسسة مسجد باريس،
وهي مؤسسة عريقة خاضعة للقانون الفرنسي، تولى عمادتها، منذ تأسيسها في بداية القرن
الماضي، شخصيات جزائرية.
ومنذ 46 يوما يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت أكثر من 13 ألفا و300 قتيل فلسطيني، بينهم أكثر من 5 آلاف و600 طفل و3 آلاف و550 سيدة، فضلا عن أكثر من 31 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.