قال الكاتب الأمريكي ماكس بوكس، إن رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، هو أكبر تهديد على أمن دولة
الاحتلال.
وقال بوكس في مقاله له بصحيفة
واشنطن بوست: "حتى قبل انتخاب دونالد ترامب كتبت أنه هو التهديد رقم 1 على أمن أمريكا، وأنا مقتنع اليوم بأن التهديد رقم 1 على
أمن إسرائيل يأتي من رئيس وزراء يشبه ترامب: بنيامين نتنياهو".
ولفت إلى أن "بيبي" لا يهتم بأن
سياساته تعمل على تقويض "ديمقراطية إسرائيل، ويخاطر بعلاقاتها الوثيقة مع
الولايات المتحدة، وربما أشعلت انتفاضة ثالثة مع الضفة الغربية".
ومثل ترامب فما يهم
نتنياهو هو الحفاظ على السلطة وسياساته الراديكالية، وهي ثمن الحفاظ على ائتلاف
حكومي من أحزاب اليمين المتطرف.
وقال إن
بايدن "الذي
يعتبر صديقا حقيقيا لإسرائيل حاول تحذير بيبي، وحرفه عن طريقه المدمر، وبدون أي نتيجة.
وتحدث بايدن في الأسبوع الماضي مع نتنياهو عبر الهاتف ووجه إليه دعوى وللمرة
الأولى لزيارة البيت الأبيض منذ عودته في كانون الأول/ ديسمبر على رأس ما وصفها
بايدن بأنها واحدة من الحكومات المتطرفة التي لم أرها من قبل".
وكانت دعوة بايدن لفتة
تصالحية أغضبت أحزاب المعارضة في إسرائيل.
لكن الصدع مستمر بين
الطرفين وكان واضحا في بيان البيت الأبيض عن مكالمة بايدن-نتنياهو. فقد أكد البيت
الأبيض أن الرئيس حذر رئيس الوزراء من مغبة اتخاذ "إجراءات من طرف
واحد" لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية وأكد على أهمية الحصول على
"إجماع واسع" قبل المضي في الإصلاحات القضائية.
وبالمقارنة ركز البيان
الصادر عن الحكومة الإسرائيلية، وكما أوردت صحيفة "هآرتس" فإن المكالمة
شملت موضوع نتنياهو وإيران والإرهاب. وغضب البيت الأبيض من رسائل نتنياهو
المخادعة، ولكي يصحح السجل، فإنه دعا بايدن صحافي نيويورك تايمز، توماس فريدمان، إلى
البيت الأبيض وأراد التأكيد وتوضيح موقف بايدن للإسرائيليين، وهو أن على نتنياهو
وقف الإصلاحات الدستورية بدون أن يحقق مظهرا من الإجماع الوطني، كما كتب فريدمان.
ولسوء الحظ، فقد تم تشويه رسالة بايدن عبر الجمهوريين المتحمسين لبيبي والذين
اتهموا الرئيس وبسخافة بأنه معاد لإسرائيل.
ويبدو أن الجمهوريين "راغبون
في دعم هجوم نتنياهو على الديمقراطية الإسرائيلية بنفس الطريقة التي دعموا فيها
هجوم ترامب على الديمقراطية الأمريكية، وفي موازاة واضحة فقد وجهت تهم لكل من
نتنياهو وترامب في عدة قضايا جنائية، وملاحقات بيبي مستمرة أما قضايا ترامب فستأتي".
وربما وفق نتنياهو أنه
ليس بحاجة لكي يستمع إلى الرئيس الديمقراطي نظرا للدعم الواسع له بين الجمهوريين،
ومهما كان أثر هذا على موقع إسرائيل بين الرأي العام الأمريكي. وكان نتنياهو
قد علق الإصلاحات القضائية في الربيع ولكنه عاد إليها وتناقش في الكنيست، رغم
الاحتجاجات الواسعة وتهديدات جنود الاحتياط لتنفيذ الأوامر حالة استدعائهم.
ولو مرر القانون، وهو
متوقع، فستخسر إسرائيل الرقابة على طغيان الأغلبية، ذلك أن المحكمة العليا لن
تستطيع الاعتراض على قرارات المشرعين بناء على فكرة المعقولية.
وعبر اليمين المتطرف
عن غضبه من المحاكم لأنه قرر عدم إعفاء اليهود الأرثوذكس من الخدمة العسكرية
وتدخلت لتحديد توسيع الاستيطان غير الشرعي في الضفة الغربية، ومنع نتنياهو من
تعيين وزير متطرف في حكومته. وقريبا سيكون لدى نتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرف
القدرة على تمرير قوانين رغم الغالبية الضيقة لهم ولن تترك أثرها على الديمقراطية
الإسرائيلية بل وأمن إسرائيل.
وفي الشهر الماضي دعا
بتسلئيل
سموتريتش، وزير المالية إلى توسيع الاستيطان في الضفة الغربية وضمها
بالكامل، وهو نفسه من قال بداية العام الحالي: "لا يوجد هناك شيء اسمه
الشعب الفلسطيني، ولا يوجد هناك تاريخ فلسطيني ولا لغة فلسطينية".
وقال سموتريتش بعد
مذبحة حوارة كما وصفها جنرال إسرائيلي: "يجب محو حوارة"، ويهدف سموتريتش
لزيادة عدد المستوطنين في الضفة من نصف مليون إلى مليون، ما سيفاقم الوضع
الأمني المتقلب، وبعد مرور 30 عاما على اتفاقيات أوسلو، بات الفلسطينيون يفقدون
الأمل بدولة لهم، ففي غزة تحكم حماس وفي الضفة تحكم السلطة برئاسة محمود عباس، 87 عاما، ولا يزال يحكم منذ 18 عاما، ويظهر بايدن شابا بالمقارنة.
ورغم تعهد حكومة
نتنياهو بعد عملية جنين بدعم السلطة، لكن ما هي فرص وقف عنف المستوطنين في حكومة
عدد من أعضائها هم من قادة الاستيطان. وقال تشاك فرليتش، نائب مستشار الأمن القومي
الإسرائيلي السابق: "المشكلة الاستراتيجية التي تواجه إسرائيل هي عدم وجود
استراتيجية تتعلق بالضفة الغربية والفلسطينيين، إلا إذا اعتقدت أن الاستيطان
الزاحف هو استراتيجية" و "المأساة هي أن المعتقدات القيامية هي التي تضع
أساس نهاية حلم الصهيونية عن دولة ذات غالبية يهودية وديمقراطية حية".
ورغم ما حققته
إسرائيل خلال 75 عاما الماضية إلا أنها تواجه معضلة مثيرة للقلق ولم يتخيلها أحد، وفي الأيام التي حكمها كبار مثل ديفيد بن غوريون وغولدا مائير، وهذه المعضلة: ماذا
ستفعل عندما يكون أخطر تهديد على الدولة نابع من قادتها؟ ويحاول بايدن إعادة بيبي
لعقله لكنه لا يستمع لصوت العقل، ومن المتوقع أن يدفع الفلسطينيون
والإسرائيليون الثمن الباهظ لسياسات رئيس الوزراء التدميرية والواهمة.