قالت صحيفة "
الفايننشال تايمز" في افتتاحيتها إن أزمة تضخم أسعار الغذاء أصبحت قصة عالمية لم تسلم منها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، داعية الحكومات إلى الاستعداد للفترة المقبلة.
واعتبرت الصحيفة أنه "ربما لا يوجد متغير سياسي أكثر أهمية عبر التاريخ من سعر الغذاء"، موضحة أنه "لن ينظر الناس إلى أي حكومة، سواء كانت ديمقراطية أو ديكتاتورية، على أنها شرعية إذا كانوا غير قادرين على إطعام أسرهم".
وأضافت أن "من الأنباء غير السارة أنه في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار الطاقة من ذروتها القصوى، التي وصلت إليها في العام الماضي، يظل تضخم أسعار الغذاء في قسم كبير من العالم مرتفعا".
وقالت الصحيفة: "عندما تضطر أعداد متزايدة من الناس إلى إلغاء بعض وجبات الطعام، فمن المغري إلقاء اللوم على بائعي الطعام".
وتابعت: "لكن الاتهامات بزيادة الجشع في غير محلها، على الأقل في أسواق المواد الغذائية في المملكة المتحدة. إذ إن المتاجر الكبرى معروفة بأنها جيدة في المنافسة السعرية".
وأظهرت بيانات صناعة التجزئة أن تضخم أسعار المواد الغذائية في المملكة المتحدة لا يزال عند ثالث أعلى مستوى له منذ الأزمة المالية عام 2008، مع المعدل السنوي الذي ترتفع به تكلفة البقالة عند المستوى المرتفع البالغ 17.2 بالمئة.
وأشارت "الفايننشال تايمز" إلى أن "تضخم أسعار الغذاء قصة عالمية"، فقد ارتفعت أسعار السلع الغذائية خلال الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا العام الماضي.
وتابعت أنه "في الولايات المتحدة، الأقل انفتاحا دوليا من اقتصادات
أوروبا، قفز نمو أسعار الغذاء في العام الماضي أيضا - ولكن إلى ذروة أقل. وتباطأ تضخم أسعار الغذاء في الولايات المتحدة منذ أغسطس/آب، تماشيا مع أسعار الطاقة والأسعار الإجمالية، وانخفض إلى نحو 7 في المئة في نيسان/ أبريل الماضي"، متوقعة أن يحدث الشيء نفسه في نهاية المطاف في أوروبا.
وأضافت: "يظهر مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة لأسعار الغذاء أن أسعار السلع الغذائية العالمية بلغت ذروتها قبل عام وانخفضت بنحو الخمس منذ ذلك الحين"، مشيرة إلى أنه "حتى الآن، لم يستفد المستهلكون الأوروبيون من هذا التطور الإيجابي".
وأوضحت: "قد يكون ذلك لأن صدمة أسعار الطاقة كانت أكبر من أي مكان آخر وأضافت المزيد من التكاليف المستمرة لإنتاج الغذاء الأوروبي".
وختمت بالقول: "حتى في أفضل السيناريوهات، عندما تنخفض الأسعار قريبا، لا ينبغي لنا أن نتوقع أن يكون هذا لمرة واحدة. وبما أن تغير المناخ يجلب المزيد من الطقس المتطرف، فإن تقلبات أسعار المواد الغذائية ستزداد حدة. ومن الأفضل للحكومات أن تستعد".
تواجه عدة بلدان حول العالم معضلة تضخم هائل في أسعار المواد الغذائية سببتها سلسلة من الأزمات أبرزها
الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة.
ووفقاً للبنك الدولي، شهدت 80 بالمئة من بلدان العالم ذات الدخل المنخفض و90 بالمئة من الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض، ارتفاعاً بنسبة 5 بالمئة على الأقل لأسعار المواد الغذائية في 2023.
ولكن بعض البلدان واجهت نسبة تضخم خيالية في هذا القطاع تتألف من 3 أرقام، مثل زيمبابوي وفنزويلا ولبنان حيث بلغت تلك النسب 285 بالمئة و158 بالمئة و143 بالمئة على التوالي.
في بلدان أخرى، تقدم اقتصاداتها أداء أفضل من الاقتصاد اللبناني أو الفنزويلي على سبيل المثال، فقد تألفت نسب
التضخم المستجدة من رقمين: 95 بالمئة في الأرجنتين و70 بالمئة في تركيا.
وتفاقمت أزمة الغذاء العالمية بسبب العقوبات الغربية على
روسيا وما تلاها من اضطرابات في أسواق الطاقة وسلاسل الإمداد، الزراعية خصوصاً. وحاولت البلدان زيادة الإمدادات الغذائية المحلية وكبح التضخم ولكن هذه المحاولات لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوقت.
واعتباراً من كانون الأول/ ديسمبر 2022، فرضت 19 دولة حظراً على تصدير المواد الغذائية بهدف الحد من التضخم، وفرضت ثماني دول قيوداً على ذلك النوع من الصادرات، وفقاً للبنك الدولي.
بحسب تقرير أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن أزمة تكلفة المعيشة تتصدر المخاطر العالمية في 2023 على أن تستمر للعامين القادمين، على أن أفضل سبل مواجهة هذه الأزمة تكمن في تأمين إمدادات الطاقة والأسمدة.
ودعا المنتدى الدول إلى بذل المزيد من الجهود ومساعدة القطاعات الزراعية.