نشرت صحيفة "
إزفيستيا" الروسية تقريرًا، تحدثت فيه عن إعلان الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان في السابع عشر من أيار/ مايو الجاري عن تمديد
صفقة الحبوب لمدة شهرين آخرين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بحسب الجانب الروسي، فإن تمديد الصفقة يضمن الحفاظ على الأمن الغذائي العالمي.
وتضيف الصحيفة أن الخبراء يلفتون الانتباه إلى أن التمديد في الصفقة يصب في صالح أردوغان قبيل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
مساعدة الجوعى
وأوضحت الصحيفة أنه في خضم حديثه عن تمديد الاتفاق لمدة شهرين، توجه الزعيم التركي بالشكر لنظيره فلاديمير بوتين؛ بسبب دعم مبادرات أنقرة بشأن هذه القضية، متعهدًا في الوقت ذاته ببذل بلاده قصارى جهدها لتنفيذ الاتفاق بشكل كامل. بالإضافة إلى ذلك، كشف أردوغان عن تلقي تركيا ضمانات من "الأصدقاء الروس" بشأن خروج السفن دون عوائق من مينائي نيكولاييف وأولفيا، التي لم تكن مدرجة مسبقًا في الاتفاقية.
من جانبها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، تمديد الاتفاق بعد ساعة من تصريح أردوغان، قائلة: "الأفعال لا الأقوال تثبت أن هناك فرصة للمساعدة في ضمان الأمن الغذائي العالمي، ومساعدة البلدان الأكثر احتياجاً أولاً وقبل كل شيء".
ووفقًا لها، فإن التقييمات الأساسية لاتفاقيات إسطنبول من قبل الجانب الروسي لم تتغير، وينبغي تصحيح الإخلالات في تنفيذها في أسرع وقت ممكن.
هل تعمل الصفقة؟
وأفادت الصحيفة بأن المدير العام لمكتب الأمم المتحدة السابق في جنيف، سيرجي أوردزونيكيدزه، يعتقد أن الصفقة تم تمديدها نزولًا عند طلب العديد من الدول الأفريقية والآسيوية التي تحتاج إلى شراء الحبوب، على الرغم من وصول جزءٍ صغيرٍ فقط من المنتجات الزراعية المصدرة من الموانئ الأوكرانية إليها.
وتنقل الصحيفة عن أوردزونيكيدزه أن الصفقة تم تمديدها بعد تعهد الأمين العام للأمم المتحدة بإزالة جميع العقبات التي تحول دون تصدير المنتجات الروسية، على الرغم من أنه لا يملك النفوذ لتغيير الوضع.
ويشير الممثل الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إلى أن أفقر البلدان تتلقى ما لا يصل 3 بالمئة من الإمدادات بموجب صفقة الغذاء، بينما يرسل حوالي 40 بالمئة من جميع المواد الغذائية المصدرة من أوكرانيا عن طريق البحر إلى دول الاتحاد الأوروبي، مشددًا على أن المتطلبات الروسية في الاتفاق لم يتم تنفيذها، وأن الحزمة التي اقترحها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تعمل فقط في الجزء المتعلق بخدمة الصادرات التجارية الأوكرانية.
ويضيف نيبينزيا أن الإمدادات الزراعية الروسية لا تزال معطلة بسبب العقوبات الغربية، دون أي احتمال لرفعها عن الأسمدة والمواد الغذائية التي يُفترض أنها غير خاضعة للعقوبات بسبب ترويج الولايات المتحدة لفكرة أن العالم يحتاج إلى الذرة الأوكرانية أكثر من القمح والأسمدة الروسية.
ويلفت نيبينزيا إلى أن العقوبات ما زالت تشمل مصرف روسيلخزبانك، وهو منظمة مالية روسية رئيسية تركز على تسويات عمليات التصدير الزراعية.
والجدير بالذكر أن تصور الدول الغربية حول مبادرة البحر الأسود مختلف، ففي حال أصرت موسكو على تنفيذ جميع بنود الاتفاقيات، فإن الاتحاد الأوروبي لن يعترف بالمذكرة بين
روسيا والأمم المتحدة كجزء من صفقة الحبوب.
ووفقًا للأمم المتحدة، ومنذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، تم تصدير حوالي 30 مليون طن من المواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية، منها أكثر من 15.3 مليون طن من الذرة، و8.3 ملايين طن من القمح، وتعتبر البلدان العشرة الأولى المستفيدة هي: الصين وإسبانيا وتركيا وإيطاليا وهولندا ومصر وبنغلاديش وإسرائيل والبرتغال وتونس.
الجانب السياسي
وتنوه الصحيفة إلى الجانب السياسي لتمديد صفقة الحبوب، وتنقل عن الخبير التركي جوخان سينكارا، أن تمديد الاتفاقية لمدة شهرين إجراء يعزز موقف الرئيس أردوغان. وفي الشأن ذاته، يرى الخبراء أن موسكو يمكن أن تتخذ مثل هذه الخطوة من أجل دعم أردوغان سياسيًّا قبل الجولة الثانية من الانتخابات المقرر إجراؤها في 28 أيار/ مايو.
الجدير بالذكر أن أردوغان يتبع سياسة خارجية متوازنة تجاه روسيا، يعطي فيها الأولوية لمصالحه. وبالنظر إلى عضوية تركيا في الناتو، يمكن تقييم العلاقة الخاصة بين أردوغان وبوتين بشكل إيجابي، في حين ينتقد زعيم المعارضة والمرشح الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو ثقل روسيا في السياسة الداخلية لتركيا.
ويقول أندريه سوزدالتسيف، وهو نائب عميد كلية الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية: "عدم تمديد روسيا للصفقة يوجه ضربة لأردوغان. وعليه، فإن هذا التمديد يضمن انتصاره، ويمثل دعمًا كبيرًا لرئيس تركيا".
وفي نهاية التقرير، نقلت الصحيفة عن سوزدالتسيف قوله إن تركيا هي أحد أطراف الصفقة المهمة جدًا بالنسبة لها. مع العلم أن تركيا تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لروسيا كونها مركز عبور تمر من خلالها البضائع من الغرب، مشيرًا إلى مشاركة ثلاثة موانئ أوكرانية في الصفقة، تقع جميعها في منطقة أوديسا، دون ضم موانئ أوتشاكوف أو نيكولاييف في الصفقة، رغم إصرار أوكرانيا باستمرار على ذلك.