في الوقت الذي تتخوف فيه سلطات الاحتلال من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، صدرت أصوات
إسرائيلية تنتقد الضعف الجاري في التعامل مع الأحداث الفلسطينية، مبدية خشيتها من تكرار ما حصل من سلوك فاشل خلال
انتفاضة الحجارة والتي أعقبها توقيع ما اعتبرتها "كارثة اتفاق
أوسلو".
بوعاز هعتسني الكاتب في صحيفة "
مكور ريشون"، أشار إلى أن "الانتفاضة الأولى اندلعت أواخر 1987، بعد عشرين عامًا من حرب 1967، عندما نشأ جيل فلسطيني في الأراضي المحتلة لم يتعرض لصدمة تلك الحرب، حيث تعرض الردع الإسرائيلي لانهيار حقيقي عقب صفقة تبادل الأسرى في 1985، وتم خلالها إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين، الأمر الذي دفع المؤسسة الأمنية للتراخي في قمع المقاومة الشعبية، خاصة في قطاع غزة وشمال
الضفة الغربية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "من أهم المعالم البارزة في التشجيع على المقاومة المسلحة ما حصل من إلغاء لبعض عمليات الاعتقال في مخيمات اللاجئين خشية اندلاع ردود فعل فلسطينية، وبذلك أكدت إسرائيل للجيل الفلسطيني الجديد أنه يسير على الطريق الصحيح، من خلال ترددها في قمع مقاومتهم، مما يستدعي التعرف على من تسبب بالفشل في وقف تلك الانتفاضة بسهولة".
وأوضح أن "النخبة اليسارية هي التي تتحمل المسؤولية الإسرائيلية عن فشل التعامل مع انتفاضة الحجارة، لا سيما مع يتسحاق رابين رئيس الحكومة، ورئيس الإدارة المدنية إفرايم سنيه، والجنرالين عمرام ميتسناع قائد المنطقة الوسطى، وماتان فيلنائي قائد المنطقة الجنوبية، ورئيس جهاز الأمن العام- الشاباك يعكوب بيري، زاعما أن قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية أبدوا تعاطفا مع الرواية الفلسطينية، ولم يكونوا حريصين على إلحاق الهزيمة بها، والنتيجة أن ذلك تسبب بهزيمة إسرائيلية استراتيجية في اتفاقات أوسلو".
وزعم أن "اتفاق أوسلو أسفر عن تأسيس جيش مسلح ورسمي، وبعد سبع سنوات من إنشاء السلطة الفلسطينية اندلعت انتفاضة الأقصى الثانية، التي كلفت إسرائيل آلاف القتلى، حتى نقطة التحول المتمثلة بعملية السور الواقي عام 2002، حيث أعيد احتلال الضفة الغربية، وقتل مئات الفلسطينيين، وتجديد البنية التحتية الاستخباراتية للعملاء في الميدان، ولكن بعد عشرين عاما من صدمة السور الواقي، فقد نشأ جيل فلسطيني في الضفة الغربية لم يختبر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية".
وأشار إلى أن "بداية عام 2022 شهدت ظهور نتيجة السلوك الإسرائيلي تجاه الانتفاضتين الفلسطينيتين، من خلال اندلاع سلسلة من الهجمات في ديزنغوف وبني باراك وإلعاد وغيرها، مما دفع جيش الاحتلال لتجديد الاعتقالات الفلسطينية، مع فرق جديد أن كل اقتحام للاعتقال يتحول إلى معركة مسلحة، من خلال ظهور خلايا عرين الأسود، التي تواصلت هجماتها ردا على بناء المستوطنات، وهدم المنازل، الأمر الذي أدى لنشوء ظاهرة "القنابل الموقوتة"، التي تمثل الوحش الذي سينفجر في وجه الاحتلال في المستقبل".
تشير هذه المعطيات الإسرائيلية إلى أن قبضة الاستخبارات الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية بدأت تتلاشى، رغم استمرار العمل بقبضتها الجسدية، الأمر الذي يضرّ بالاستخبارات والأمن الإسرائيلي، ومع مرور الوقت يكتشف الإسرائيليون أنهم يكررون نفس الأخطاء دون أن يتعلموا أي شيء من الماضي، والخلاصة أن فشل التعامل الإسرائيلي مع انتفاضة الحجارة أدى لكارثة أوسلو، والإخفاق في التعامل مع انتفاضة الأقصى أسفر عن ظاهرة العمليات الاستشهادية.