مع طيّ أول ثلاثة أشهر من حكومة
الاحتلال السادسة التي يترأسها بنيامين
نتنياهو، فإن الفحص الأولي يظهر أنه لم يكن هناك تحسن في أوضاع الإسرائيليين، لا سيما على الصعيد الأمني، بل يمكن القول إن الوضع ازداد سوءًا، بالتزامن مع التدهور الذي حدث بسبب الانقلاب القانوني، وما أفرزه بسبب الانقسام السياسي.
تؤكد المعطيات الإسرائيلية الشكوك الكبيرة عن تزامن تشكيل الائتلاف الحكومي اليميني مع تصاعد حدّة
المقاومة التي شكلت الرد الطبيعي على أطماع اللوبي الاستيطاني على حساب الفلسطينيين وأراضيهم وحقوقهم، وتوتير العلاقات مع الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، ويقلل من ثقل الجيش والمصالح الأمنية لصالح الاعتبارات الحزبية، ويزيد من وزنها في القرار الأمني والعسكري، ربما بصورة غير مسبوقة.
تاني غولدشتاين مراسل موقع "
زمن إسرائيل"، أشار إلى أن "ثلاثة أشهر من عمر الحكومة شهدت قتل المزيد من
المستوطنين والجنود في هجمات مقاومة بدأت منذ أذار/ مارس 2022، ومنذ تنصيب الحكومة الحالية، لم تتوقف العمليات، ولم تضعف، بل ازدادت، لأنه بحسب معطيات جهاز الأمن العام- الشاباك، فخلال عام 2022 نفذ الفلسطينيون 2،609 عمليات، شملت إطلاق النار والطعن وإلقاء الزجاجات الحارقة ووضع المتفجرات، ولا يشمل إلقاء الحجارة، وفي المتوسط هناك 217 عملية شهريا".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "عدد العمليات بلغ ذروته في نيسان/ أبريل، بتنفيذ 268 عملية، وتم تحطيم هذا الرقم القياسي في تشرين الأول/ أكتوبر، عندما تم تنفيذ 401 هجمة، وفي يناير 2023 وقع 141 هجومًا، وفي بقية 2022 وقع 200 هجوم في الشهر، ووفقا للشاباك نفذ الفلسطينيون 251 هجومًا في كانون الثاني/ يناير، و187 في شباط/ فبراير، و189 في أذار/ مارس، وفي المتوسط وقع 209 هجمات في الشهر، أي تقريبًا نفس معدل العام الماضي، ووفقا لبيانات الشاباك قُتل 25 مستوطناً و8 جنود في 2022".
وأشار إلى أنه "في المقابل في كانون الثاني/ يناير وحده من 2023، قُتل 7 جنود ومستوطنين في هجمات، وفي شباط/ فبراير قُتل 7 آخرون، وفي أذار/ مارس قُتل مستوطن واحد، أي أننا أمام مقتل 15 إسرائيليا في هجمات هذا العام، مما يعني تضاعف عدد القتلى، ومنذ تشكيل الحكومة نفذت استفزازات سياسية لا حصر لها ضد الفلسطينيين، ابتداء من اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، والتصريحات الفاضحة لسموتريتش، ومنذ تشكيل الحكومة استمرت عملية "كسر الأمواج" ضد الفلسطينيين، حتى دعا بن غفير لتنفيذ عملية سور واقي 2 في شرقي القدس".
وأوضح أن "المنظمات الفلسطينية في غزة أطلقت صواريخ في ست مناسبات، وردّ الجيش كالعادة بقصف محدود، وبالتالي ازداد عدد أيام إطلاق النار بشكل كبير منذ تشكيل الحكومة، أما الوضع على الحدود اللبنانية فأصبح أكثر توتراً في الأشهر الأخيرة، حيث وقعت ثلاثة حوادث، وصولا لهجوم مجدّو، علما بأن التوترات الأمنية المتصاعدة على حدود غزة والضفة ولبنان، وتهديدات التصعيد والحرب، تحدث في وقت يتوقف فيه آلاف الجنود، معظمهم من وحدات النخبة، عن الالتحاق بجيش الاحتياط، احتجاجا على سياسة الحكومة".
وأكد أن "كل هذه التوترات الأمنية تحصل بالتزامن مع تحذير وزير الحرب يوآف غالانت من خطر واضح ومباشر على أمن الدولة، وقتل المزيد من الإسرائيليين".
تؤكد الأرقام الإسرائيلية تلك الصورة القاتمة عن صدقية التنبؤ بأن
الضفة الغربية المحتلة ستكون في أشد حالاتها تفجرًا، منذ انتفاضة الأقصى قبل عقدين من الزمن، لأن الزيادة الهائلة في عدد الهجمات الفدائية، وتضاعف عدد الشهداء، وتصاعد عمليات العنف الإرهابية من المستوطنين ضد الفلسطينيين، يهدد بتدهور الأراضي المحتلة إلى انتفاضة ثالثة، وهو ما حذرت منه الأجهزة الأمنية التي قدمت تقييمات عدّها الإسرائيليون متشائمة، وتصب مزيدا من الزيت على نار التوقعات القاتمة أصلاً.