بداية عاصفة لهذا العام على الأجواء
السورية، تمثلت في تكثيف الهجمات العدوانية
الإسرائيلية عليها بزعم استهداف المواقع
الإيرانية، ولعل الهجمات الأخيرة تجعل إيران تفهم حدود الجبهة التي تتواجد فيها،
وتستنتج أنه إذا تجاوزتها على سبيل المثال بتسخين الجبهة اللبنانية، فإن دولة
الاحتلال ستتصرف بطريقة مماثلة لما هو في
سوريا، بحيث تتحمل طهران وشحناتها من
الأسلحة ثمنا باهظا.
يوآف ليمور الخبير العسكري في صحيفة
إسرائيل اليوم، أكد أنه "يستحيل فصل سلسلة الهجمات التي نُفِّذت في الأيام
الأخيرة على العاصمة السورية دمشق، والأضرار التي لحقت بالحرس الثوري الإيراني، عن
أحداث الأسابيع القليلة الماضية، خاصة هجوم مجدّو الذي نُفِّذ في الشمال، ويبدو
أنه تم تحت رعاية حزب الله، بجانب جهودها في عمليات تهريب الأسلحة إلى سوريا ولبنان،
في محاولة لاستهداف الإسرائيليين في أثينا، وتم إحباطها من خلال عمل مشترك للموساد
وأجهزة الأمن اليونانية".
وأضاف في مقال ترجمته
"عربي21" أن "قراءة في أسباب تكثيف الهجمات الإسرائيلية على سوريا
تظهر أن إيران تواصل المساعدة المباشرة وغير المباشرة للمنظمات الفلسطينية، وفي
النشاط المتزايد في الساحة الشمالية، مع التأكيد على أن حزب الله تجاوز الخط
الأحمر بإرساله مسلحاً من الأراضي اللبنانية إلى إسرائيل لتنفيذ هجوم في مفرق
مجدو الذي انتهى دون وقوع إصابات، وترى المؤسسة الأمنية أن هذا النشاط نتيجة
الافتراض الإيراني أن إسرائيل منشغلة بمشاكلها الداخلية على خلفية الأزمة
القانونية".
وأكد أن "الضربات الإسرائيلية في
سوريا ترسل رسالة للإيرانيين مفادها افتراض الخطأ لديهم مرتين، الأولى لأن
المنظومة الأمنية الإسرائيلية تستمر بالتصرف كما في الماضي لإحباط التهديدات الإيرانية،
والثانية أن ما قد يورط المجتمع الإسرائيلي هو أزمة خارجية، بدليل أنه في
الأسبوعين الماضيين انشغلت إسرائيل بكيفية الرد على هجوم مجدو، مع أنه كان من
الممكن أن يؤدي الرد المباشر على لبنان إلى ردّ فعل مضاد، وتصعيد غير مرغوب فيه، ومن
ناحية أخرى فإن عدم الرد سيفسر بأنه ضعف، وحافز لمحاولات هجومية أخرى من
الشمال".
وزعم أن "حزب الله أخطأ بالفعل في
استنتاجات مماثلة في الماضي، عندما أدى عدم الرد الإسرائيلي إلى سلسلة من محاولات
الاختطاف التي انتهت في تموز/ يوليو 2006، وتطور الأمر إلى حرب لبنان الثانية،
لذلك فقد سعت إسرائيل لأن توضح الآن للحزب ورعاته الإيرانيين أنهم يلعبون بالنار، لكن
دون كسر الأدوات، وجاءت الهجمات الأخيرة على سوريا لنقل مثل هذه الرسالة بالضبط،
من خلال استهداف الوسائل والبنى التحتية الإيرانية، التي كانت جزءًا من الآلية التي
تعمل على بناء وتقوية البنى التحتية الإيرانية في الشمال، وحزب الله في
مركزها".
وأكد أن "التجارب السابقة تثبت أن
مثل هذه الهجمات الإسرائيلية في سوريا لم تحدث مصادفة، بل إنها غالبًا ما تستند إلى معلومات استخبارية دقيقة، ومعرفة ما إذا كانت هذه المواقع مأهولة، والأكيد أن
إسرائيل على علم بوجود الحرس الثوري هناك، ولذلك سعت لإلحاق الأذى بهم، وهذه رسالة
واضحة لإيران بأنها ووكلاءها يلعبون بالنار، وسيدفعون الثمن".
رغم هذا الشرح الإسرائيلي، فإن الهجمات
الأخيرة في سوريا لن تغير أي شيء في هذا الصدد، صحيح أنها ستجعل إيران تفهم حدود
الجبهة السورية في الشمال، وفي حال أرادت عبورها على سبيل المثال عن طريق تسخين
الجبهة اللبنانية، فإن الاحتلال كما يبدو سيتصرف بطريقة مماثلة، وتفرض على إيران
وشحناتها ثمناً باهظاً، علما بأن المزاعم الإسرائيلية حول الهجمات الأخيرة من
شأنها أن تبث الخوف والإحباط بين عناصر الحرس الثوري، الذين قد يخشون الوصول إلى سوريا.
في الوقت ذاته، فإن الاحتلال الذي يمرّ
في فترة غير عادية بسبب الانقسام الداخلي، يرى أنه يواجه تشققات متزايدة في المحور
الإسرائيلي الأمريكي، فضلا عن الضعف المتزايد للولايات المتحدة في المنطقة، وهذه
كلها محاولة إيرانية للاستفادة من كل هذا لمواصلة نشاطها المعادي للاحتلال في
الجبهة السورية.