شهدت الآونة الأخيرة تنظيم رئيس وزراء
الاحتلال بنيامين
نتنياهو، عدة زيارات دبلوماسية الى أربعة من أكبر العواصم الأوروبية، وهي باريس وبرلين ولندن وروما، في ضوء انخراط
إيران لصالح روسيا في الحرب ضد أوكرانيا، ما يدفعه لاعتبار توقيت هذه الزيارات فرصة لتقوية وتعميق العلاقات والمصالح الأمنية والاقتصادية بين تل أبيب وأوروبا الغربية.
وشهد العقد الماضي تركيز حكومات نتنياهو على تعزيز العلاقات مع دول أوروبا الشرقية كمحور التفافي للتوترات التي نشأت مع دول
أوروبا الغربية، التي كانت أسيرة لمفهوم الاتفاق النووي مع إيران، إضافة إلى حقيقة أنهم غير راضين عن سياسة الاحتلال الإسرائيلي تجاه القضية الفلسطينية.
عومار دوستري الباحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، أشار إلى أن "حكومة نتنياهو الحالية غيرت اتجاهها إلى سياسة خارجية تقوم على "أوروبا الغربية أولاً"، بدليل زياراته الخاطفة إلى عواصمها، ويعود هذا التغيير في سياستها إلى الظروف المتغيرة، والرغبة في الاستفادة من الفرص الاستراتيجية في القضية الإيرانية، خاصة أنه في الواقع الحالي ترفض دول أوروبا الغربية مناقشة اتفاق نووي مع إيران، ويرجع ذلك أساسًا لتورطها في مساعدة روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وقمعها للاحتجاجات في الداخل".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "
ميكور ريشون"، وترجمته "عربي21" أن "إسرائيل لديها فرصة نادرة لمحاولة التأثير على الدول الأوروبية للعمل ضد إيران على عدة مستويات، كي تصمم بشكل مشترك اتفاقًا نوويًا مستقبليا عندما تكون الظروف مواتية، يلبي احتياجاتها الأمنية، إلا إذا فات الأوان. وتأتي هذه التحركات على خلفية إدارة بايدن الأكثر إصرارًا على التوصل إلى اتفاق مع إيران لاعتبارات سياسية وأيديولوجية".
وأكد أن "نتنياهو يأمل من أوروبا الغربية في تعزيز عدد من القرارات والإجراءات على عدة مستويات: أولها القضية الإيرانية، وثانيها تعزيز مكانة إسرائيل كقوة إقليمية لها تأثير في الساحة العالمية، وثالثها تعزيز صناعاتها العسكرية، رغم أن أهم ما يطرح خلال زياراته للعواصم الأوروبية الغربية هو التهديد الإيراني، من خلال محاولته حشد الرأي العام وصناع القرار في أوروبا ضد إيران، والتأثير على تصميم استراتيجية الدول الأوروبية في ما يتعلق ببرنامجها النووي".
وكشف أن "حكومة نتنياهو تعمل مع أوروبا الغربية للحصول على شرعية للهجوم على إيران، على خلفية مساعداتها وتعبئتها المكثفة لأوكرانيا ضد الحرب الروسية، ما يجعل إسرائيل مهتمة بإقامة معادلة مماثلة بشأن القضية الإيرانية، وبعيدًا عنها فإن نتنياهو مهتم بتسويق نفسه للعواصم الغربية كرجل دولة قادر على المساعدة في التوسط بين روسيا وأوكرانيا بسبب علاقته الشخصية الجيدة مع بوتين، بسبب الوجود الروسي في سوريا، والتأثير الروسي على إيران".
وأكد أن "سببا آخر لتكثيف زيارات نتنياهو للعواصم الغربية يتعلق بحرب أوكرانيا، ومحاولته الترويج لاستكمال بيع نظام الدفاع الجوي "آرو 3" لألمانيا، وتسويق الصناعات العسكرية للدول الأوروبية، عقب زيادة الميزانيات الدفاعية لدول القارة بسبب الخوف من العدوان الروسي، مع جانب اقتصادي يتمثل في رغبة إسرائيل في تصدير الغاز للدول الأوروبية، في خطوة من شأنها تعزيز مكانتها كقوة غاز إقليمية، مع أن هذه الخطوة تشمل إيطاليا باعتبارها القاعدة الأم التي سينتقل منها الغاز إلى دول أخرى في القارة".
الخلاصة الإسرائيلية أن نتنياهو يدرك فرصة لتقوية وتعميق العلاقات مع أوروبا الغربية، على خلفية مساعدة إيران لصالح روسيا في الحرب الأوكرانية، وتعزيز العلاقات العسكرية، وخيبة الأمل الأوروبية من تردد إيران وتأجيلها خلال المفاوضات الأخيرة لتجديد الاتفاق النووي، مع أن دولة الاحتلال تستغل الواقع الحالي لتصميم وتحديد معايير جيدة لاتفاقية نووية مستقبلية، حيث يتيح المناخ الجغرافي الاستراتيجي الحالي لها فرصة للتفاهم مع أوروبا الغربية.