انتشر على صفحات
التواصل الاجتماعي، قبل أيام،
مقطع فيديو صغير يُظهر حجم
الأسلحة الغربية التي
وصلت إلى بولندا، ويقال إنّ بعضها سيبقى في وارسو بهدف زيادة جاهزية حلف شمال
الأطلسي (
الناتو) على الجبهة الشرقية في مواجهة
روسيا، فيما بعضها الآخر سيدخل إلى
أوكرانيا لاستخدامها بمواجهة الجيش الروسي.
قوام الأسلحة
التي ظهرت في ذاك الفيديو مجموعات متنوعة من الدبابات والمدرعات وناقلات الجند،
وليس من بينها ما يُصنّف ضمن "الأسلحة النوعية"، التي تطالب بها كييف من
أجل استهداف العمق الروسي.
ملف الأسلحة
النوعية، ما زال محطّ أخذ وردّ بين الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة،
التي تنقسم فيها آراء الخبراء حول ضرورة مدّ أوكرانيا بتلك الأسلحة، والتحذير من
مغبة الإقدام على تلك الخطوة باعتبارها قرار "انتحار".
من بين الآراء
الداعمة والموافقة على تلك الخطوة، نائبة وزيرة الخارجية الأمريكية فيكتوريا
نولاند، التي اعتبرت في أحد تصريحاتها أنّ تسليح أوكرانيا بتلك الأسلحة هو من ضمن
"الأغراض المشروعة" لأوكرانيا، معترفة في الوقت ذاته بأنّ البيت الأبيض
يغذي طموحات نظام كييف لشنّ الهجمات المباشرة ضد الاتحاد الروسي.
وهذا الأمر يؤكد
علناً بأنّ واشنطن باتت منغمسة بشكل مباشر في الصراع، إذ يبدو أنّ على رأس تلك
"الأغراض المشروعة" التي تحدثت عنها نولاند؛ استهداف المنشآت العسكرية
الروسية في شبه جزيرة القرم، التي يصرّ الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي على
استعادتها، ويعتبرها "محطة أساسية" في طريق استعادة الأراضي الأوكرانية
من روسيا بشكل كامل.
هذا ما تؤكده
مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الدولية والخبيرة في الشأن الروسي،
سيليست والاندر، التي أكدت في وقت سابق أيضاً،
أنّ واشنطن "لم تعترض على كييف في توجيه ضربات في شبه جزيرة القرم"، وأنها
"مستعدّة لتقديم الأسلحة اللازمة لذلك".
أمّا
"الأسلحة اللازمة" التي تتحدّث عنها والاند، فهي بالمناسبة صواريخ من
صنع شركة "بوينغ" الأمريكية، وهي مزيج قنبلة صغيرة القطر من صنف GBU-39 مع محرك صاروخي M26 بمدى تحليق يصل إلى نحو 150 كم، بحسب ما
ترجح المصادر الروسية.
في السياق نفسه
أيضاً، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في وقت سابق أنّ واشنطن
وحلفاءها يزوّدون القوات المسلحة الأوكرانية بالبيانات حول المواقع والأهداف الروسية، حيث يقوم الجيش الأوكراني باستهدافها، بواسطة صواريخ من نوع HIMARS وأنظمة من صواريخ أخرى.
وكانت الصحف
الغربية، تناولت معلومات عن احتمال تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة من نوع F-16، لكنّ
الرئيس الأمريكي جو بايدن حسم هذا الجدل باكراً، يوم أعلن صراحة أنّ بلاده
"لن تقوم بتزويد أوكرانيا بهذه الطائرات في الوقت الراهن"، رافضاً بذلك
تلبية مطالب نظيره الأوكراني.
في مقابل هذه
الدعوات، ثمة خبراء وسياسيون أمريكيون كثر لا يدعمون تسليح أوكرانيا بهذه الأسلحة
النوعية، ويؤكدون أنّ خطوة تسليح كييف بوسائل قادرة على استهداف العمق الروسي هي
خطوة "طائشة"، لأنّها ستؤدي إلى "مزيد من التصعيد"، وربّما
تقود في نهاية المطاف إلى "نزاع مباشر بين موسكو وواشنطن".
من بين هؤلاء
المساعد السابق للرئيس الأمريكي رونالد ريغان، الكاتب في مجلة "أمريكان
كونسيرفاتيف"، دوغ باندو، الذي يقول إنّ خطط الرئيس الأوكراني استعادة شبه
جزيرة القرم، "ربّما لا تلبي مصالح الولايات المتحدة".
الأمر نفسه ذهب
إليه النائب كريس ستيوارت من خلال طرحه سؤالا مفاده: "هل ينبغي للولايات
المتحدة أن تدعم الهدف النهائي لأوكرانيا المتمثل في استعادة شبه جزيرة القرم
بالقوة؟ أخشى أنّ أهدافنا لا تتقاطع مع أهداف الرئيس زيلينسكي!".
أمّا النائبة
الجمهورية مارغوري تايلور غرين، فقالت في مقابلة مع قناة "
فوكس نيوز" عشية الجلسة المخصصة لتمويل
أوكرانيا، إنّ "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والأغبياء الذين أعمل معهم في
الكونغرس يقودوننا إلى حرب عالمية ثالثة، قد تؤذي أمريكا بشكل لم يسبق له
مثيل". وأضافت تايلور غرين: "لا يوجد دعم لخوض حرب في أوكرانيا لا تعود
بالنفع على الأمريكيين سوى إجبارهم على دفع ثمنها".
لكن في المحصلة،
وربطاً بكلام المشرعين الأمريكيين المعترضين على تمويل أوكرانيا وعلى تزويد كييف
بالأسلحة وأنظمة الصواريخ البعيدة المدى، يتكشّف أنّ جلّ اهتمامات البيت الأبيض
اليوم هي استمرار الحرب إلى أطول مدة ممكنة، وكذلك رفض أيّ تسوية قد تنهي النزاع
بين أوكرانيا وروسيا، طالما أنّ الصراع في نظرهم هو مجرّد مصدر ثراء للشركات الأمريكية
المصنعة للأسلحة.