ترصد المحافل الأمنية
والاستراتيجية
الإسرائيلية ما تعانيه الدول العربية المجاورة لدولة الاحتلال من أزمات
اقتصادية غير مسبوقة، وانهيار اقتصاداتها واحدا تلو الآخر، لاسيما في لبنان وسوريا
والأردن ومصر، بجانب
الأزمة الحادة في بلدان أبعد مثل العراق واليمن وتونس، ما
سيترك تبعاته وعواقبه على إسرائيل، بعد أن أثارت الأخبار في وسائل الإعلام العربية
قلقا كبيرا، خاصة في الأشهر الأخيرة، لدى تل أبيب، وخشيتها من تكرار سيناريو
"الربيع العربي" لعام 2011.
يارون فريدمان، المستشرق
الإسرائيلي، ذكر أن "هذه الدول العربية وصلت إلى هذا الوضع بسبب هروب
المستثمرين، وضعف السياحة، واجتياح موجات اللاجئين إليها، وسوء الإدارة التي أغرقت
البلاد في أزمات عميقة، ولم تسمح للمواطنين بسحب أموالهم، حتى أخذت قيمة العملات
المحلية تتدهور، ما أضرّ بقدرتهم الشرائية، وأخذ التضخم بالارتفاع، وانخفض
التصنيف الائتماني لحدّه الأدنى، وما تعانيه هذه البلدان من نقص الوقود والأدوية
وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة".
وأضاف في مقال نشره
موقع "
زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21"، أن "المحافل البحثية الإسرائيلية ترصد كيف أن عددا من الدول المجاورة دمّرتها
الحروب الأهلية، التي أسفرت عن تدهور البنى التحتية، والتدهور الاقتصادي، ويعيش
غالبية السكان تحت خط الفقر، وساعات قليلة من الكهرباء في اليوم، والزيادة الشديدة
بأسعار المنتجات، فضلا عن مشاكل الحوكمة، والجريمة الآخذة في الارتفاع، وتلوث
الغذاء والماء".
وأوضح أن "الدول
العربية المحيطة بإسرائيل يفتقر بعضها للموارد الطبيعية، واعتماد بعض اقتصاداتها
على إرسال الأموال من الدول الغنية بالنفط، والمساعدات الخارجية والأمريكية، لكنها
تضررت بفعل الموجات الهائلة من اللاجئين الوافدين، وتوقف تدفق النفط، وانقطاع
العلاقات الاقتصادية الخارجية بشكل كامل، وغرق بعض الدول بالمخدرات المهربة، ومعاناتها
في السنوات الأخيرة من تراكم ديون كبيرة، وانخفاض كبير في السياحة، وزيادة في البطالة".
وأشار إلى أن
"التقديرات السائدة في أجهزة الأمن الإسرائيلية تشير إلى أن الاحتجاجات
العربية الداخلية على الوضع الاقتصادي قد تتطلب المزيد والمزيد من الإجراءات
العنيفة من قبل قوات الأمن، ويزعزع الاستقرار بشكل رئيسي، فضلا عما سببته حرب أوكرانيا
من تفاقم المشكلة في جميع بلدان المنطقة، وزيادة البطالة بشكل كبير".
وأكد أن "كل هذه
التطورات العربية الداخلية من شأنها أن تؤثر على الوضع الإسرائيلي الداخلي من حيث
تدهور الخطر الرئيسي في الانهيارات الاقتصادية العربية، وصولا إلى عدم استقرار
الأنظمة التي تعيش في سلام مع إسرائيل، مع التركيز على أطول حدودها مع المملكة
الأردنية، لأن هذه الضائقة ستؤدي بلا شك لإضعاف الأنظمة وزيادة الاحتجاج ضدها،
والخطر الرئيسي أن يستبدلوا بالأنظمة قادة معادين لإسرائيل كما حدث عقب اندلاع
الربيع العربي".
لا تخفي المحافل
الإسرائيلية أنها قلقة من قدرة القوى الإسلامية على توظيف هذه التطورات الاقتصادية
السلبية لدى الدول العربية بصعودها إلى السلطة، بما في ذلك الأراضي الفلسطينية
المحتلة التي تعاني من أوضاع معيشية صعبة، ما قد يزعزع استقرار السلطة الفلسطينية،
التي أخذت تفقد السيطرة على شمال الضفة الغربية، خاصة في جنين ونابلس.
في الوقت ذاته، ترصد
الأوساط الإسرائيلية ما يردده الأردنيون من تساؤلات وهم يعانون أزمة اقتصادية
خانقة: هل السلام مع إسرائيل مفيد لنا فعلا اقتصاديا؟ لسوء الحظ فإن الجواب السائد
بينهم هو بالنفي، ما قد يدفع دولة الاحتلال للطلب من الولايات المتحدة ودول
الخليج أن تتفهم خطورة الموقف، وتخرج لإنقاذ حلفائها، على الأقل في المنطقة المحيطة
بها، قبل أن تغرق في الهاوية.