أكدت أوساط
إسرائيلية، أن سياسة حكومة
نتنياهو القادمة قد يكون لها تأثير سلبي على المدى الطويل على الدافع الأمريكي للحفاظ على العلاقات بين الجانبين.
ومع قرب الإعلان عن حكومة نتنياهو، يحاول كبار المسؤولين الأمريكيين تهدئة العاصفة التي تفجرت عند إعلان نتائج الانتخابات، لكنهم في الوقت ذاته يستعدون بالفعل للحكومة الجديدة، واحتمال حدوث صدام بين سياساتها وسياسات
الإدارة الأمريكية. مما قد يترك تبعاته السلبية على أمن دولة الاحتلال، رغم إعلان واشنطن أنها تنوي الرجوع لسياسات الحكومة الجديدة، وليس لشخصيات معينة فيها.
ويسود القلق لدى الإسرائيليين بأن الصراع مع واشنطن سيكون حتميا، وقد يضر هذا الاحتمال بقدرة إسرائيل على إجراء حوار متعمق مع الإدارة الأمريكية حول القضايا الرئيسية، وفي المقام الأول إيران، في واقع مليء بالتحديات، وحاجة الإدارة لصياغة سياستها تجاه طهران التي تواصل تعزيز برنامجها النووي.
إلداد شافيت الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أكد أن "سياسة الحكومة القادمة قد يكون لها تأثير سلبي على المدى الطويل على الدافع الأمريكي للحفاظ على علاقتهما الخاصة".
وأشار في
دراسة ترجمتها "عربي21"، إلى أنه منذ ظهور نتائج انتخابات الكنيست، أصبحت الإدارة الأمريكية حذرة للغاية، وتجنبت قدر الإمكان اتخاذ موقف بشأن سياستها تجاه الحكومة الناشئة، فيما استغل وزير الخارجية أنتوني بلينكين ظهوره في مؤتمر اللوبي اليساري الموالي لإسرائيل J-Street للتأكيد على مطالبتها بالوفاء بالمعايير المتبادلة للعلاقة الممتدة منذ 70 عاما.
وتطرق إلى ما سربه مسؤولون أمريكيون إلى وسائل إعلامية، بشأن مناقشات جارية لبحث سياسة حكومة نتنياهو الجديدة والعلاقات مع بعض وزرائها، رغم أن الأوساط الإعلامية المقربة من الحزب الديمقراطي أعلنت أن حكومة نتنياهو تشكل تهديدا لمستقبل "إسرائيل"، ويجب أن تساعد إدارة بايدن القوى الإسرائيلية المعتدلة.
وأوضح أن "واشنطن متمسكة بحل الدولتين للقضية الفلسطينية، وتعتبر أن الخطوات التي تبعد الأطراف عنه خطرة على أمن إسرائيل، على المدى الطويل، رغم إدراكها أن فرص الحل السياسي حالياً متدنية، لكنها تنوي الحفاظ على فرصة التقدم في المستقبل".
ورأى أن الإدارة الأمريكية ستعارض التحركات التي ستزيد التوترات، وتبعد فرصة تحقيق حل سياسي، خاصة توسيع مستوطنات الضفة الغربية، وإجراءات الضم، والإضرار بالوضع الراهن في المسجد الأقصى، والتحريض على العنف".
وأشار إلى أن تنفيذ خطوات الائتلاف الحكومي الخاصة بالقضية الفلسطينية، ستجعل الخلاف مع الإدارة الأمريكية حتميا، لا سيما الإجراءات الأحادية الجانب، ويمكن التعبير عن الرد الأمريكي بمجموعة من الإدانات العلنية التي تشير لتآكل فعلي للدعم الذي تتلقاه إسرائيل من
الولايات المتحدة في المؤسسات الدولية، خاصة مجلس الأمن، الذي سيكون مطلوبًا لهذه القضية.
وشدد على أن حكومة نتنياهو الجديدة، مطالبة بمعرفة أن الخلافات مع الإدارة ستضر بقدرتها على إجراء حوار استراتيجي معها، خاصة في فترة مليئة بالتطورات على الساحتين العالمية والإقليمية، بما فيها المواجهة مع إيران، وتفاقم المنافسة مع الصين، واستمرار حرب روسيا وأوكرانيا.
وأكد أنه "من المهم تعزيز العلاقة مع المنظمات اليهودية المختلفة، وتجنب الخطوات التي قد تثير معارضتها، وانتهاكات حقوق الإنسان المحتملة، واستقلال النظام القضائي، وأي تحركات متعارضة مع القيم الأمريكية قد تضر بأسس العلاقة معها، لذلك يجب عليها أن تأخذ في الاعتبار المصالح الأمريكية، مما سينعكس إيجابيا على رؤيتها كحليف في الإدارة والكونغرس، وضرورة أن تبدي حذرًا شديدًا مع بدء النصف الثاني من ولاية بايدن، وتجنب الانجرار للخلافات السياسية في واشنطن".
وأشار إلى أن "المصلحة الإسرائيلية أن يستمر دعمها من الحزبين، في ضوء تضاعف أصوات المشرعين الديمقراطيين والتقدميين الذين يعارضون السياسات الإسرائيلية، ويطالبون بتكثيف ردود الفعل ضدها، وصولا لربط مساعداتها مع سياستها تجاه
القضية الفلسطينية، مما قد يساهم في تآكل الالتزام الأمريكي تجاه إسرائيل، وقد يكون تجاهلها لهذه المسائل كارثيًا على مصالحها، لأنها ستضر عاجلاً أم آجلاً بعلاقاتهما الخاصة".
وتكشف الدراسة أن الحكومة المقبلة قد تضرّ بالأمن القومي للاحتلال بسبب مواجهة محتملة مع الإدارة الأمريكية، وعدم احترامها لمصالحها، في ضوء توقع أن تتدهور نقاشاتهما الخاصة إلى درجة أن واشنطن ستفسر تصرفات الحكومة في تل أبيب بأنها ضد سياساتها في المنطقة.
في الوقت ذاته، تتزايد المطالبات الإسرائيلية للحكومة الناشئة بأن تصيغ سياسة متماسكة في مواجهة التحديات السياسية والأمنية، وفي القضايا التي تشكل صميم المصلحة الأمريكية، وتأخذ في الاعتبار احتياجاتها وسياساتها، لأنه بقدر ما يتعلق الأمر بدولة الاحتلال، فإن العلاقات مع الولايات المتحدة أولوية قصوى، وتتطلب منها اختيار سياسة تتوافق مع سياساتها، حتى على حساب المصالح الأخرى.