يواصل الاحتلال
الإسرائيلي العمل على خطة تهويد مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، عبر نهب الأراضي، والاستيلاء على العقارات، وتوسيع المستوطنات.
وأكدت صحيفة "
هآرتس" العبرية في تقرير لها، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، "تعمل على نقل آلاف الدونمات في الضفة الغربية وعشرات العقارات في الخليل إلى يهود"، زاعمة أن "هؤلاء اليهود كانوا يملكونها قبل 1948 أو إلى ورثتهم".
وذكرت أن "الاتفاق الائتلافي بين "الليكود" و"الصهيونية الدينية"؛ نص على أن الحكومة ستأمر قائد المنطقة الوسطى بتغيير تشريع عسكري، الذي سيمكن من نقل العقارات من يد المسؤول عن أملاك الحكومة في الإدارة المدنية إلى يد "أصحابها الأصليين"، وهذه الخطوة تسهل توسيع المستوطنات والسيطرة على عقارات تم تأجيرها للفلسطينيين".
وبحسب المعطيات التي وصلت إلى حركة "السلام الآن" وجمعية "بمكوم"، تبلغ مساحة الأرض 13 ألف دونم، إضافة إلى 70 عقارا في الخليل، وتتركز هذه الأراضي في الخليل وشمال القدس المحتلة، وجزء منها يوجد في مناطق "ب"، وهذه الأراضي والعقارات يديرها المسؤول عن "الأملاك الحكومية" في الإدارة المدنية، وهي تعتبر "أراضي عدو"، علما بأن الأردن التي حكمت في الضفة ما بين 1948-1967 قامت بتأميم هذه العقارات تحت العنوان نفسه".
ونوهت الصحيفة، إلى أن "سياسة حكومات إسرائيل منذ التسعينيات، أنه يجب عدم إعادة هذه الأملاك لأصحابها، وأن مكانتها يجب أن تتضح في إطار اتفاقات سلام مستقبلية".
وألمح مصدر من أوساط المستوطنين، إلى أن الجمعيات
الاستيطانية التهويدية تستغل بعض "العيوب" في عملية التسجيل التي قامت بها الأردن من أجل إلغاء هذه الحالة، حتى إن القاضية في المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس المحتلة، حايا زندبرغ، كتبت أنه "في بعض الحالات على مدى السنين، خصصت إسرائيل مثل هذه الأراضي لصالح بناء المستوطنات".
كما أوضح مصدر رفيع في أوساط المستوطنين لـ"هآرتس"، أن "نية نقل الملكية، يمكن أن تكون مرتبطة أيضا بخطة الدولة لإقامة 70 وحدة سكنية لليهود في "سوق الجملة" في الخليل، والأردن في الفترة التي حكم فيها، قام بتأجير هذه المنشأة لبلدية الخليل بصفة مستأجر محمي، التي تم الحفاظ عليها حتى بعد الاحتلال الإسرائيلي، وبعد المذبحة الإسرائيلية في الحرم الإبراهيمي عام 1994، تم الإعلان عن المنطقة كمنطقة عسكرية مغلقة، والتجار الذين استأجروا المباني من البلدية لا يسمح لهم بدخولها، ومنذ ذلك الحين يتم تمديد الأمر العسكري".
في كانون الأول/ديسمبر 2019، أمر وزير الأمن في حينه، نفتالي بينيت، بالبدء في إجراءات "تخطيط الحي اليهودي الجديد في المنشأة، وبعد ذلك الإدارة المدنية التابعة للجيش، توجهت لبلدية الخليل للحصول على موافقتها على هدم المنشأة لأنها مستأجرة محمية، لكن البلدية رفضت ذلك".
وحذر المحامي سامر شحادة، ممثل بلدية الخليل في القضية، من تطبيق المخطط الإسرائيلي المذكور والسيطرة على الأرضي والعقارات؛ لأن ذلك "يمس بحقوق الفلسطينيين"، مؤكدا أن "المسؤول عن الأملاك الحكومية، لا يمكنه العمل حسب رغبته، وهو يخضع لقواعد الإدارة السليمة ورقابة المحكمة العليا وذريعة المعقولية التي تريد الحكومة الآن إلغاءها".
ونبه إلى أن "بعض الفلسطينيين يعيشون في هذه العقارات بصفة مستأجر محمي، وهذا أمر يثير صعوبة في إخلائهم في حال تم الدفع قدما بهذه الخطة".
يذكر، أن المحكمة العليا الإسرائيلية، رفضت في 2011 التماسا قدمه يهود، أرادوا أن يسترجعوا عقارات في الخليل كانت بملكيتهم (وفق زعمهم) قبل 1948، وقررت المحكمة بأنه لا يحق لهم الحصول على تعويض عنها".
استهداف المنطقة "ج"
في سياق متصل، يشير الاستهداف الإسرائيلي المتزايد للمنطقة "ج" في الضفة الغربية لخطورة سياسة الحكومة اليمينية إزاءها، مما يجعلها ذات عامل حاسم في التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، أو فرض الأمر الواقع عليهم، وهو ما تسعى إليه الحكومة الحالية، وفق الخطوات المتراكمة التي تنتهجها وزاراتها المختلفة.
إليشع بن كيمون مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت لشؤون الاستيطان، كشف أن "الحملة الحكومية الإسرائيلية على مناطق "ج" يسلط الضوء على أنها في أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين، ستكون هذه المسألة نقطة البداية من خلال الوضع القائم على الأرض، لاسيما وأن السنوات القادمة إلى حين الاتفاق مع الفلسطينيين، إذا تم التوصل إليه، سوف تكون سنوات من الصراع على الأرض، بحيث إن كل من يدير السيطرة على أكبر عدد ممكن من الأفدنة، من الفلسطينيين والإسرائيليين، سوف يربح المواجهة".
وأضاف في
تقرير ترجمته "عربي21"، أن "الصراع على المنطقة "ج" هي في أساسها قصة أرقام، فمساحتها الإجمالية 3.5 مليون دونم، تشكل 60% من جميع مناطق الضفة الغربية، ويعيش فيها 490 ألف مستوطن على مساحة تقارب 62 ألف دونم، و250 ألف فلسطيني على أكثر من 100 ألف دونم، وفي ضوء شكاوى الفلسطينيين من أن تصاريح البناء الإسرائيلية لا ترضيهم، فإن معدل الزيادة في مخالفاتهم البنائية يزيد بأضعاف عن المخالفات المنسوبة للمستوطنين، لأن الاحتلال يتساهل معهم، بعكس تشدده مع الفلسطينيين".
ونقل عن جمعية "ريغفيم" الاستيطانية أن "هناك 80 ألف مبنى فلسطيني غير قانوني، فيما سعى المستوطنون لصياغة معادلة بموجبها يمكن لعددهم القليل امتلاك الكثير من الأراضي، وتوصلوا إلى فكرة المزارع الزراعية، تم وضع إجراء خاص بوزارة الحرب، وفي السنوات الأخيرة تم نشر المزارع، بحيث تسيطر عائلة واحدة وعدة أولاد على مئات الدونمات من المراعي، رغم استهدافهم بعمليات فلسطينية، وإضرام النار في 450 دونما، مما يعني أننا أمام تدمير زراعي حرفيّا".
وأشار إلى أن "عملية الطعن الأخيرة تضاف لعدة هجمات مماثلة حصلت بعدة مزارع في السنوات الأخيرة، وهذا هو النمط من العمليات التي تشهدها أراضي المنطقة "ج"، حيث يأتي المسلحون الفلسطينيون للمزارع غير المحصنة والآمنة دائما، ويحاولون زرع الرعب بين المستوطنين، الذين لن يكونوا قادرين في ضوء هذه الهجمات على تجنيد مزيد من العائلات لهذه المهام الزراعية، بل إنهم سيغادرون المنطقة".
صحيح أن الحكومة اليمينية الحالية تتحدث عن أراضي المنطقة "ج"، وتتعامل أجزاء كثيرة من اتفاقيات التحالف بين مكوناتها مع هذه المعارك على النفوذ فيها، ويتعلق الأمر بإضافة المعايير والميزانيات، وترتيب مختلف للأولويات، لكن حتى الآن توجد فوضى حقيقية؛ لأنها تعمل في هذه المناطق حسب الحالة المزاجية، فلا توجد خطة منظمة، ولا سياسة استراتيجية، ولا رؤية للمستقبل، ويتم تنفيذ أي تطبيق دائما ردا على شيء آخر.
مع العلم أن ما يقوم به فتيان التلال من عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين، تكتفي الحكومة بإزالة بؤرة استيطانية لهم، دون ملاحقة قانونية وأمنية مكثفة، في الوقت الذي تزيد فيه من انتقاداتها للبناء الفلسطيني في ذات المنطقة "ج" بزعم أنه غير قانوني، لاسيما وأن الإدارة المدنية هي المسؤولة عن ذلك، ويديرها الوزير المتطرف بيتسلئيل سموتريتش، الذي ينفذ سياسة عدوانية غير مسؤولة، للحفاظ على أكبر عدد ممكن من مصالح المستوطنين، من خلال خطة طويلة الأمد بأهداف إنفاذ واضحة للسنوات القادمة.