أكد دبلوماسي
إسرائيلي، أن
الصين تسعى بقوة إلى توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، على طريق تحقيق تطلعاتها في تغيير النظام العالمي، ورفع مستوى مكانتها الدولية، بما يحقق مصالحها المختلفة، منوها بأن التحذيرات الأمريكية في هذا الجانب لا يمكن تجاهلها.
ونبه السفير الإسرائيلي الأسبق في
الولايات المتحدة، زلمان شوفال، في مقال بصحيفة "معاريف" العبرية، بأن منطقة الشرق الأوسط تمثل على مدى التاريخ جسرا بريا بين ثلاث قارات وبين بحرين، وفي العهد الجديد، خاصة بعد اكتشاف النفط، كانت منطقة مرغوبا فيها من دول مثل بريطانيا، فرنسا وأمريكا؛ والأخيرة لم تكن كمحتلة، كدولة ذات وجود سائد من خلف الكواليس وأحيانا من أمامها".
التوازن المناسب
وأضاف: "الآن جاء دور الصين، في الحرب الباردة كان الشرق الأوسط ساحة المناوشات بعد ألمانيا، بين أمريكا والاتحاد السوفياتي، وأدى النزاع العربي الإسرائيلي فيها دورا مركزيا، أحيانا كمحرك ومسرع وأحيانا كلاقط برق".
وتابع "وفي الفترة ما بعد الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة جهة تكاد تكون كلية القدرة في المنطقة من ناحية عسكرية، سياسية واقتصادية، وبلا منافسين حقيقيين، إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن نقل المحول الاستراتيجي لأمريكا من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى؛ وهذا تغيير ارتبط به أيضا الرئيسان دونالد ترامب وجو بايدن؛ لأنهما اعتقدا، كما يتبين بالخطأ، بأن أهمية النفط والغاز انخفضت".
ونوه شوفال بأنه "بعد الإخراج التدريجي للقوات الأمريكية من المنطقة، نشأ فراغ جغرافي سياسي حاولت روسيا فلاديمير بوتين أن تملأه، لكن الصين أصبحت بسرعة اللاعب الرئيس، وهي تحتل مكان روسيا أيضا، التي بسبب تورطها في أوكرانيا تضطر لتقييد تدخلها في أماكن أخرى، وكنتيجة لذلك، من السابق لأوانه الحديث عن حرب باردة جديدة، وبشكل مفعم بالمفارقة، تجد أمريكا نفسها في ساحة مواجهة مع الصين، ليس فقط في الشرق الأقصى، بل وفي الشرق الأوسط".
وأكد أن "الصين تتطلع لتغيير النظام العالمي، كي تضمن النصر الإيديولوجي والأهداف الجغرافية السياسية لديها، على الغرب الذي تقف على رأسه الولايات المتحدة، والشرق الأوسط، ومنطقة الخليج، وتبدو لبكين ملائمة على نحو خاص لرفع مستوى مكانتها الدولية، وذلك ضمن أمور أخرى، لأنه في دول المنطقة نفسها يسود الإحساس بأن أمريكا أقل اهتماما بها".
ولفت إلى أن "زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية مؤخرا، والاستقبال الفاخر الذي حظي به هناك -بخلاف الحدث المتواضع مع الرئيس الأمريكي بايدن قبل ذلك- كانا تعبيرا ملموسا عن ذلك"، منوها بأنه "إضافة للمصلحة الصين في ضمان توريد منتظم للنفط، تسعى بكين إلى إضعاف المكانة العامة للولايات المتحدة في المنطقة، وهي النية التي تعتمد على ميول واشنطن نفسها لتقليص تواجدها".
وأشار السفير إلى أن "علاقات الولايات المتحدة مع السعودية وحاكمها الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان، أصبحت عكرة بعد قضية جمال خاشقجي ورفع أسعار النفط الخام بخلاف مطالبات واشنطن، علما بأن السعودية لن تسير بعيدا إلى حد تدمير علاقاتها التقليدية، بما فيها العسكرية، مع أمريكا، لكن كما يقول المثل "كل شيء بالتوازن المناسب".
تحذيرات أمريكية
ومن جهة أخرى، "أمريكا التي غفت في حراستها، لم تكرس للميول الصينية الانتباه اللازم، فهي تستعد الآن بقوة أكبر للتصدي لها، وحذرت إدارة بايدن دول المنطقة من ميول الصين، لأنها لا تخدم مصالحها الحقيقية، ومشكوك أن تحقق هذه التحذيرات هدفها بالكامل، بسبب أخطاء الماضي وفي ضوء المسائل التي تثور حول استقرار سياسة الولايات المتحدة في عصر تقويض المسلمات في ساحاتها السياسية والاجتماعية".
وأوضح شوفال، أن "مبادرة الصين الحالية، ورغم أن لها علاقات مع المنطقة منذ آلاف السنين، لكنها تشكل فصلا فاعلا جديدا في نهج الصين، وهي تعمل على زيادة نفوذها بسبل أخرى، بما في ذلك نشر شبكات اجتماعية، إقامة جامعات مثل تلك التي في إسرائيل، إضافة لمحاولات شراء موانئ في إطار الحزام والطريق الخاص بها".
وعن موقف تل أبيب، بين أن "علاقات إسرائيل مع الصين تثير مشاكل معينة مع أمريكا التي لا تراها بعين طيبة، و"عراب" العلاقات مع الصين الشيوعية كان في حينه دافيد بن غوريون، لكن بسبب موقف واشنطن السلبي تأجلت العلاقات الدبلوماسية معها، ولكن منذئذ تطورت العلاقات بسرعة وباتجاهات مختلفة، وأصبحت عاملا غير هامشي من ناحية الطرفين، بالنسبة لإسرائيل بالمفهوم الاقتصادي، تحولت الصين لواحدة من شركائها التجاريين الأساسيين، ومن ناحية الصين، إضافة للجوانب التجارية، في مواضيع التكنولوجيا، الزراعة الحيوية وما شابه أيضا".
وذكر الدبلوماسي، أنه "جرى تعاون في مواضيع أمنية في الماضي (بين الاحتلال والصين)، لكن في أعقاب تدخل أمريكي نشط، توقفت هذه العلاقات، ونشهد الآن تحذيرات متكررة من جانب الولايات المتحدة عن أعمال مشتركة أو استثمارات صينية، وتحذيرات لا يمكن لإسرائيل أن تتجاهلها".
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)