قالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، إن رئيس الوزراء العراقي
الجديد مصطفى الكاظمي يستحق التعاطف لأنه حمل أكبر مهمة مستحيلة في الشرق الأوسط.
وأضافت الوكالة في مقال للصحفي بوبي غوش، ترجمته "عربي21" أنه
بعد المحاولة الثالثة في أقل من ستة أشهر، صادق البرلمان العراقي أخيرا على رئيس
المخابرات السابق رئيسا للحكومة.
وبلغة متشائمة يقول غوش؛ "لأنه لا يوجد فرصة لنجاح الكاظمي، فإن أفضل
ما يمكن أن يقدمه لبلده هو أن يفشل بسرعة".
ويرى غوش أن "الأمل الوحيد لإنهاء الاختلال الوظيفي في بغداد هو إجراء
انتخابات جديدة، بحيث تسمح لفرز حكومة تحمل تفويضا من الناخبين، بدلا من تركيبة
حكم عليها مسبقا بالتفكك". مضيفا: "كان ذلك هو مطلب حركة الاحتجاج ولتي
أجبرت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة في تشرين ثاني/ نوفمبر.
كما أنها نصيحة أكبر شخصيات العراق الدينية العامة، آية الله علي السيستاني. وكذلك الأمم
المتحدة".
يؤكد
غوش أنه "من السهل جدا على الكاظمي إثارة تصويت على سحب الثقة في البرلمان؛
فمجرد رفض إبقاء نظام المحسوبية في الوظائف الحكومية سيجلب عليه غضب الأحزاب
الرئيسية". لكنه يستدرك: "سيكون من الصعب تنظيم انتخابات عامة في خضم
جائحة كورونا، ولذلك سيضطر الكاظمي أن يخدم كرئيس وزراء مؤقت لعدة شهور، فإن
استطاع خلال تلك الفترة أن يوفر إدارة بمستوى متوسط، قد يكون بإمكانه مطالبة الشعب
بمنحه التفويض من خلال صندوق الاقتراع".
يتابع غوش: "أعترف أن هذا أصعب طلب. فعدد الأزمات التي تحتاج إلى معالجة
تجعل الكاظمي يستحق تعاطف نظيره حسن دياب في لبنان التي أصبح من المستحيل حكمه".
"ويواجه العراق دمارا اقتصاديا وانهيارا اجتماعيا، إضافة إلى جائحة
كورونا وعودة تنظيم الدولة. وإذا أضفنا إلى ذلك النوايا الخبيثة لإيران الجارة
وتخبط أمريكا يكون لديك مزيج من المصائب التي لا يمكن لأفضل رجال الدولة أن
يتحداها"، يقول غوش.
ولكن
هذا ليس كل شيء فهناك المزيد: فحركة الاحتجاج ستعود بعد التوقف الذي تسبب به فيروس كورونا. عند ارتفاع درجة حرارة الصيف وقلة الكهرباء والماء، سيصل الغضب
الشعبي إلى مستوى الغليان.
أكبر
مشاكل الكاظمي، التي تحد من إمكانية تعامله مع الآخرين، بحسب غوش، هي سياسة بغداد
الصعبة. فمع أن الصراع الداخلي بين الشيعة في البرلمان هو الذي منع طامحين سابقين
لرئاسة الوزراء توقف هذا الصراع لفترة سمحت للكاظمي بالصعود لمنصب رئيس الوزراء،
إلا أن هذه المصالحة لن تدوم. وعدم مقدرة الكاظمي على تسمية كل وزرائه، يشير إلى أن النزاع على
المواقع المحترمة قادم، وليس هناك أكثر جاذبية من وزارة النفط. ومثل ذلك الاقتتال
الداخلي يمكنه أن يؤخر التعيينات المهمة لأشهر طويلة، مما سيكون له تداعيات تضعف
البلد أكثر.
وبينما
ينتظر الكاظمي الأسوأ من النخبة السياسية، فإنه قد يضطر أن يقوم بحساباته دون
تعاون من الموظفين الرسميين، فانخفاض أسعار النفط ستقلص مداخيل الحكومة وستجعل دفع
الرواتب أصعب. وحتى قبل أن يحصل الكاظمي على الضوء الأخضر من البرلمان، كان العراق
يتفاوض مع صندوق النقد الدولي لتأجيل دفع الديون. ويسعى للحصول على مساعدات مالية
من أمريكا للتعامل مع تفشي مرض كورونا، وكذلك مساعدات عسكرية لمنع انبعاث تنظيم
الدولة ثانية.
يعتقد
غوش أن هدف الكاظمي السياسي الرئيسي يجب أن يكون ضمان تطبيق الإصلاحات الانتخابية
التي مررها البرلمان العام الماضي.
ويسمح
القانون الجديد للناخبين أن ينتخبوا ممثليهم بدلا من اختيار قوائم حزبية. وسيتم
تمثيل كل دائرة انتخابية بعضو واحد، منهيا النظام الذي يقوم على تمثيل مجموعة من
أعضاء البرلمان محافظات كاملة. مثل تلك التغييرات ستكسر نموذج الأحزاب والتحالفات
التي تتم بناء على اعتبارات طائفية، وتجعل من الأعضاء أكثر خضوعا لمساءلة الناخبين.
ويحذر
غوش من أن النخبة السياسية ستسعى لتأخير هذه التغييرات على الأقل حتى تعصر آخر
قطرة من المميزات التي تتمتع بها من النظام الحالي. وكذلك هذا ما ترغب به إيران
التي تريد سيطرة الشيعة على المشهد السياسي.
يمكن
للكاظمي أن يعتمد على الدعم الأمريكي، ولكنه يحتاج إلى دعم محلي قوي. وأمله الأفضل
هو أن يوحد الهدف مع من يريدون انتخابات جديدة، ولكن حركة الاحتجاج والسيستاني
حذرون من سياسيي المؤسسة، ويحتاجون إلى إقناع بأن بإمكان الكاظمي أن يكون مصلحا.
ويختتم
غوش بالقول: "ستعطي انتخابات جديدة العراق فرصة بداية جديدة. وإن استطاع
الكاظمي أن يفعل ذلك فقط، فإنه يستطيع الزعم بأنه فعل لبلده في ظرف أشهر ما فشل
آخرون أن يفعلوه خلال سنوات".
اقرأ أيضا: سياسيون عراقيون: لهذا تم تمرير حكومة مصطفى الكاظمي
"لولاها لما مرّت".. ما هو دور إيران في تشكيل حكومة العراق؟
هل يعتذر الكاظمي عن تشكيل حكومة العراق لـ"تضييق الشيعة"؟
عقبات تواجه الكاظمي في تشكل حكومة العراق وتؤخر إعلانها