يعتبر تصنيف ترامب للإخوان المسلمين كجماعة إرهابية ذا مغزى كبير في هذه اللحظة بالذات. وأعتقد أنه مطلب متبادل بينه وبين
السيسي للتسريع في تمهيد الساحة العربية لصفقة القرن، وشغل الجميع بقضية كبيرة، للفت الانتباه عما يتم في المطبخ الداخلي من تجهيزات لهذه الصفقة. ولكن بالنسبة للوطنيين من أبناء المنطقة العربية، فهو أمر مرفوض قولا واحدا.
ترامب يطالب بتصنيف جماعة
الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، وهنا ندرك جميعا كيف خطط اللوبي الصهيوني لفوز ترامب كما لم يتوقع أحد، واستمرار السيسي في سدة الحكم في مصر.. ثنائي رهيب تم التسويق له بالهبل والهطل، وغيرها من الصفات الجنونية، والهدف واضح: إلهاء الجميع عن صفقة القرن التي تم الإعداد لها في غفلة من الشعوب التي تثاقلت عليها الصفقات والتنازلات، حتى باتت لا تعيرها كثيرا من الاهتمام!!
وزير الخارجية الأمريكي بومبيو ومسؤول الأمن القومي بولتون؛ يوافقان، ولكن العقلاء وغير الراضخين للوبي الصهيوني بالأمن القومي يرفضون حتى اللحظة، وهذا دائما ما يحدث في مثل هذه الأمور، ثم تمرر بين عشية وضحاها.
وفي قراءة واقعية لهذا القرار، نجد أن هذه معركة جديدة يتم شد الإخوان إليها، وجعل الدفاع عن النفس في معركتهم الوجودية غاية؛ يتم فيها التنازل مرة أخرى في خطأ قاتل ومتكرر من طرف الجماعة، إن لم يتداركه أصحاب الرأي في الجماعة، وما حدث مع المجلس العسكري في مصر ليس ببعيد.
قد ينجح ترامب في هذا، لذلك لا يمكن أن نتعامل مع هذا القرار باستخفاف وتهاون. ويجب أن لا نسمح بتمريره؛ لأن الإقصاء درس قاس تعلمناه جميعا ودفعنا ثمنه غاليا. هذه المعركة يجب أن نقف فيها جميعا صف واحد، ولا نسمح لأي كان أن يتلاعب باختلافاتنا وخلافاتنا مع بعضنا البعض.
ولعل اللوبي الصهيوني أراد تخويف كل المكونات الأيديولوجية والسياسية قبل البدء في الإعلان عن صفقة القرن رسميا. إذ إن هذا التصنيف خطير على الجماعة، بل وعلى الأفراد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم كله، وخاصة المهجرين منهم قسريا، فهذا القرار إن مر واعتُمد؛ سيؤدي إلى محاكمتهم، بل ومحاكمة غيرهم من أصحاب الرأي بنفس التهمة، وعلى أقل تقدير ستتم مقاطعتهم وتحجيم مشاركتهم في المجتمعات التي يتواجدون فيها.
أضف إلى ذلك الصعوبات التي سيواجهونها في الحركة والسفر لأمريكا، وتجميد أرصدتهم في البنوك والاستحواذ على مؤسساتهم وأعمالهم، تماما مثلما فعل السيسي بمصر.
كما أن هذا التصنيف سيقنن المجازر التي تعرض لها المصريون بدعوى أنهم إخوان، والتعذيب والإخفاء القسري، وكل الانتهاكات التي تحدث في مصر من قبل السلطة الفاشية، وسيزيد البطش الذي يتعرض له المصريون، حتى لو كانوا ليبراليين أو ناصريين، أو غير ذلك من التصنيفات التي لن تشفع لأصحابها؛ لو تركوا الإخوان المسلمين في هذه المعركة المعروفة الهدف، لأخطاء ارتكبوها وما زالوا يرتكبونها.
المعارضة المصرية، بل العربية كلها، لن تسلم من هذا التصنيف البغيض كإرهابيين، ولذلك وجب علينا أن لا نتراخى في هذه المسألة التي تمس ترابنا ووجودنا على الساحة الدولية، ووقف التلاعب الصهيوني باختلافاتنا وخلافاتنا، لنهب أراضينا واستهلاك قوتنا.
ومن هنا يجب على الإخوان المسلمين أولا أن لا يقدموا تنازلات لحماية وجود الجماعة، وأن لا يبحثوا عن مبررات في اختيار الحلفاء الخطأ، بل عليها أن تبدأ من الآن في مخاطبة المعارضة والكتل والحركات المصرية والعربية وصفها معها لهذه المعركة حتى تستطيع الخروج منها دون خسائر.
يعلم الجميع أنني لم ولن أكون يوما من الإخوان المسلمين، وأنني من أشد المنتقدين لهم، ولكن الدفاع عن حق العقيدة والرأي واجب على كل صاحب ضمير، وواجب أخلاقي على المؤمنين بحقوق الإنسان وميثاقه.