كشفت أسرة عبدالرحمن
سليمان، أحد الشباب التسعة الذين نفذت فيهم السلطات
المصرية، حكم
الإعدام في شباط/
فبراير الماضي، أن قوات الأمن اختطفته مع خطيبته أثناء ذهابهم لشراء فستان الفرح،
وأنها تعرضت لمضايقات غير أخلاقية، وتهديدها قبل إطلاق سراحها.
وأكدت في تصريحات خاصة لـ"
عربي21" أن أفراد الأمن في السجون
قتلوه أكثر من مرة بتعذيبه عذابا شديدا يفوق الوصف، وكل الاحتمال، قبل أن ينفذ فيه
النظام حكم الإعدام شنقا، دون ذنب أو جرم، وأنه إن لم يكن سيموت شنقا لمات تعذيبا.
وفي العشرين من شباط/
فبراير 2019، نفذت السلطات المصرية حكم الإعدام شنقا بحق 9 من معارضي الانقلاب في
ما يعرف بقضية "اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات"، وذلك بعد
استنفاد جميع درجات التقاضي.
ونفذت السلطات الحكم
داخل سجن استئناف القاهرة بحق كل من: عبد الرحمن سليمان، وأبو القاسم أحمد، وأحمد طه وهدان، وأحمد جمال حجازي، ومحمود
الأحمدي، وأبو بكر السيد، وأحمد محمد،، وأحمد محروس سيد وإسلام محمد.
وكانت محكمة النقض قد
قضت في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، بتأييد حكم الإعدام على 9 متهمين في القضية،
كما قضت بتخفيف حكم الإعدام على 6 متهمين إلى السجن المؤبد، ورفضت الطعون المقدمة
منهم.
من هو عبدالرحمن؟
هو عبد الرحمن سليمان
محمد محمد الكحوش، مواليد مركز فاقوس- بمحافظة الشرقية، في عام 1992، تخرج من
جامعة الأزهر، كلية العلوم، قسم جيولوجيا، من أسرة مكونة من سبعة أفراد، والداه،
وثلاثة أولاد، وبنتان، وهو أصغرهم سنا.
تقول أسرته: "طموح عبدالرحمن لم يكن له حدود؛ كان حريصا على أن يفيد دينه وبلده، ويكون أحد
الجنود الذين سيحررون المسجد الأقصى، أكبر أحلامه هو الشهادة على أبواب الأقصى،
ونسأل الله أن يتقبله من الشهداء ويجعله في عليين".
وتقول الأسرة: "أكثر ما كان يميزه على الرغم من أنه أصغر
أخوته، كان جميل النفس، خفيف الروح، يتمتع بخلق حسن، قال أحد الذين عرفوه يوم
جنازته لأحد المشيعين أبلغوا عني أهله، أن "عبدالرحمن كان قرآنا يمشي على
الأرض"، على الرغم أن هذا الشخص من مؤيدي النظام".
تضيف أسرته أن
"أكثر ما كان يميز عبدالرحمن، أنه كان رؤوف بإخوته البنات، وكان ممتلئا بالحب
والحنان لأهله؛ كان لا يطيق أن يُغضب والدته مطلقا، ويحرص على إرضائها، وإدخال
الفرحة إلى قلبها، ويقبل قدمها، ويقول لها اتركيني تحت الجنة قليلا.
"كان يطمح إلى أن يكون طبيبا، ولكنه كان يؤمن
أن الله سيجعله حيث ينفع به الآخرين، وسيكرس كل جهده من أجل النجاح والتفوق في
عمله، وخدمة أهله وبلده ودينه".
اعتقاله وخطيبته
وبشأن ملابسات
اعتقاله، كشفت أسرته أن "موعد فرح عبدالرحمن كان يوم 10 مارس 2016، وتم خطفه
هو وخطيبته أثناء سيرهم في الشارع، وأدخلوهما في ميكروباص، وهددوا خطيبته، وتعرضت
لمضايقات من قبل الأمن، وتحرش، وطلبوا منها أن تنساه".
وتتابع: "ثم
اختفى لمدة 47 يوما إلى أن ظهر في محكمة التجمع الخامس يوم 29 مارس 2016، ثم نقلوه
مركز لجبل الأحمر، وفي مطلع أبريل من نفس العام، رحلوه إلى سجن العقرب، وما أدراك
ما العقرب، قطعة من العذاب لا طعام ولا شراب ولا ملبس ولا غطاء ولا دواء وخروج ولا
راحة ولا أمن ولا زيارات".
وكشفت أسرته عن تعرض عبدالرحمن لأشد أنواع التعذيب، "في العقرب مارسوا
بحقه كل أنواع الضغوط النفسية والجسدية؛ من ضرب وتحرش، ووضع في زنازين التأديب،
أول زيارة له كانت بعد سبعة أشهر بدا كما لوكان بقايا إنسان".
ظلم القضاء
وأكدت أسرته أن القضاء
لم ينصف عبدالرحمن، "القضاء لم ينصفه، ولم يستمع لمطالبنا، منع توقيع الكشف
الطبي عليه بعد تعذيبه، وكان الكشف الوحيد الذي تم كان بواسطة جهاز أمن الدولة،
والذي لم يأتي على ذكر أي آثار للتعذيب مطلقا".
وتابعت: "من بين
الظلم؛ تم تهديده بأخواته البنات ووالدته، كنا لا يخبرنا شيء عن تعذيبه، حتى لا
يعكر علينا حياتنا، ولكن في ذات مرة ذكر لنا شيئا واحدا، كان كفيلا بهدم كل شيء
جميل بداخلنا؛ لم يعذبوه بالكهرباء بل بصواعق كهربائية تهوي على جسده؛ من أجل أن
يعترف بكل ما يريدونه، لم يكن عبدالرحمن أن يعترف بشيء لم يفعله، أو يكذب، ولكنهم
أجبروه على الاعتراف".
قبل الإعدام
وكشفت أسرته عن
ملابسات آخر زيارة، قائلة: "إن آخر زيارة لعبدالرحمن كانت يوم 22 يناير، أي
قبل الإعدام بنحو شهر، وزارته إحدى شقيقاته في هذا اليوم، وليس والده أو والدته؛ لأننا
كنا نقسم الزيارات على بعضنا بسبب بعد المسافة، وصعوبة الإجراءات، وكبر سن والديه،
والمشقة التي كنا نتجشمها للقائه، كنا نحرص على زيارته كلما سنحت الفرصة".
وبشأن تنفيذ حكم الإعدام، أكدت أسرته: "لم نتوقع تنفيذ حكم الإعدام،
وعندما كان يجول في خاطرنا كنا نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وحتى الآن لا نصدق
أنه فارق دنيانا، كنا نتوقع دخوله علينا بوجهه الجميل البيت في أي وقت".
وأردفت: "لم نكن
نعرف بموعد الإعدام، ولم نخطر به، ولم يسمحوا لنا بزيارته قبل تنفيذه، وتم ترحيله
إلى سجن العقرب في شهر فبراير الماضي، على ما علمنا، ولم نعلم عنه شيئا حتى يوم
الثلاثاء، وترحيله ضمن الشباب الآخرين إلى سجن الاستئناف لتنفيذ الحكم المروع
والصادم".
وصية عبدالرحمن
وتتذكر أسرته وصيته قائلة: "كانت وصيته الثبات لأهله، والصبر، واحتساب
الأجر عند الله، وقراءة القرآن، ولم يكن خائفا من الحكم، ولم تهتز له مشاعره، وكان
هو من يثبتنا ويشد من أزرنا، ويخفف عنا، عاش رجلا ومات رجلا".
وكشفت عن تعرضهم
لمضايقات من أجل استلام جثمانه: "تعرضنا لمضايقات عند مشرحة زينهم، وكان هناك
تعنت في استلام شهادات الوفاة، والجثامين".
واختتمت أسرته الحديث
عنه بالقول: "كانت رسالته هي خدمة دينه والغيرة عليه، وحب البلد والتضحية بكل
ما هو غالي ونفيس من أجل رفعتهما، وتحرير المسجد الأقصى من دنس اليهود".