أستسمحكم عذرا سيدي ومولاي أحمد عارف؛ إذ أقتبس منكم هذا العنوان فالاقتباس من الصالحين والمجاهدين والمناضلين محمَدة ومغنَمة، خاصة إذا كان السياق هو السياق والمقصد هو نفسه.
ما لبثنا نكرر في كثير من المكتوبات التي سطرناها؛ أن الأنظمة الجبرية
الاستبدادية التي تسلطت على رقاب الشعوب والأمة هي البلاء المبين الذي ابتليت به البلاد والعباد، في ظل ما وقع للقلم الحر جمال خاشقجي، وقبلها مجزرة النهضة ورابعة، وقبلها بكثير ما وقع للمعارض المغربي المهدي بن بركة، وغدا الذي لا ندري ما يمكن أن يحمله من مفاجآت قد تكون أكثر فظاعة. فمنطق العصابة الذي تحكمنا به هذه الأنظمة؛ أنظمة الإجحاف الأصيل في بنيتها وبنائها لا يبشر بالخير.
مناط البلاء
وراثة المُلك مناط البلاء في هذه الأمة؛ لأنها تعني غياب الأمة وعزلها الذي فرض الله أن يكون شورى، تعني حكم الغلمان الذين على أيديهم هلكت الأمة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعوذ بالله من إمارة الصبيان. قالوا: وما إمارة الصبيان؟ قال: إن أطعتموهم هلكتم (أي في دينكم) وإن عصيتموهم أهلكوكم (أي في دنياكم)".
نُصّب الصبيان سادة على رؤوس الأمة، وهكذا فسدت أداة الحكم وشُوهت السلطة، وعُبدت الأصنام الوراثية.
مناط البلاء هي هذه الأصنام الوراثية.. هي هؤلاء الصبيان الذين سادوا على رؤوس الأمة.. على هذا ينبغي أن نركز، وعلى هذا يجب أن تجتمع الجهود.. جهود الصادقين والعاملين من أحرار هذه الأمة والاوطان.
الذليل لا هم له إلا البقاء على الكرسي
توقظنا فضائح الزعماء المغربين، وفشلهم الذريع على كل جبهات.
إعطاء الدنية هو الرضى بالذل، وذاك هو السمة والعنوان الأبرز والأوحد لمنظومة الأصنام التي تسلطت على رقاب الأمة. كلنا نرى ونسمع على رؤوس الأشهاد بأي لغة يتحدث الرئيس ترامب مخاطبا النظام الصنمي السعودي، وكيف يجيبه الحاكم بأمره.. صغار وهوان.
إن هذه الأنظمة الجبرية الاستبدادية مستعدة لبيعنا في المزاد العلني بثمن بخس من أجل البقاء على الكرسي. ليكن هذا واضحا في الأذهان وليس هذا حديثا مرسلا، فلو أردنا أن نحصي الشواهد على ذلك، لتطلب ذلك منا أسفارا. ولا أظن أن هذا الأمر هو موضوع اختلاف إلا عند الأبواق التي تدرك أنها تعيش آخر أيامها، ولذلك هي ترفع أصواتها؛ لعل أحدا يلتفت إليها.
شرد منشار سوريا الملايين من أجل الكرسي، ودمر القدافي ليبيا من أجل الكرسي، واعتقل وشرد ابن علي من أجل الكرسي، قبل أن يفهم أن التاريخ لا يرحم الأذلاء، إضافة إلى ما يفعله الانقلابي، الحاكم العسكري المصري، الذي حوّل البلاد إلى سجن كبير لا صوت يعلو فيها غير صوت المشنقة.
كل بلاد العرب قمع ونهب للثرواة من أجل الكرسي، ولذلك فإن بصيص أمل في أن تعود هذه الأصنام عن غيها هو سراب في سراب؛ لأنها لم تعد قابلة للإصلاح، ولست هنا أبالغ عند الجزم بذلك، لكنه واقع الحال الذي ينبغي أن نواجهه. فكلما كان تعاملنا مع الواقع وفق رؤية واضحة كان ذلك أجدى وأنفع في عدم إطالة عمر هذه الأصنام.
تحطيم الأصنام الواجب الأوجب
ما تحررت مكة وأصبحت بلادا للتوحيد خالصة إلا بعد تحطيم الأصنام.. كل الأصنام.. بهذا أذن بلال رافعا نداء التكبير والتهليل والتوحيد، معلنا أن مكة تطهرت وعادت إلى أصلها الأصيل الذي أقام من أجله البيت العتيق إبراهيم، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
في زماننا هذا عادت الأصنام أشد وانكى، فالأولى كانت حجارة لا تتكلم ولا تتحرك ولا تنطق. أما اليوم، فنحن أمام أصنام هي التي تدير وتدبر مقاليد الأمة، وتحرير بلاد المسلمين من هذه الأصنام وتحطيمها هو الواجب الأوجب الذي ينبغي أن تشمر له السواعد وتتظافر فيه الجهود.
طهارة الأوطان من رجس الأصنام لتعود للأوطان عزتها وكرامتها وتصبح صالحة للعطاء؛ لا يتم إلا بإسقاط هذه الأصنام.. كل جهد يصرف وكل طاقة وعمل لا يفتل في هذا المشروع، إنما يزيد هذه الأصنام علوا وطغيانا.
فبالله ولله أطيحوا بهذه الأصنام لله.