"العقرب".. ذلك الكابوس الذي إذا ذكر اسمه لا صورة أمامك إلا زنازين القهر والإذلال لكل حر، أبى أن يتصالح مع القهر والظلم والاستبداد العسكري؛ الذي جعل علامة رمزيته حبال المشانق للأرواح الطاهرة ورائحة الدماء الزكية التي تجري في تراب أرض الكنانة لتبث الحياة من جديد، ويصبح الهواء نقيا كما كان في ميدان التحرير، حيث لا استنشاق إلا لأوكسجين العدالة والكرامة والحرية.
اليوم تحول هذا الأوكسجين إلى إكسير للحياة في ظل نظام هو نفسه عقرب لا ينفث إلا السم الزئام.. في مقالنا هذا، سنعمل على تحديد الخصائص الأساسية التي تؤطر النظام السياسي لجمهورية العقرب.
سياسة المقصلة
هذا هو الركن تاركين الذي تقوم عليه سياسة العقرب؛ المقصلة تلك الآلة الفتاكة التي تجز الرؤوس، فكل رأس أينع إلا وتجد المقصلة في انتظاره، وكل همس غير همس الزعيم العقرب إلا المقصلة تقطع لسانه، وكل كلمة لا تسبح بحمد العقرب إلى وتقطع منه الأصابع والبنان. هذا ركن أساس في تدبير الشأن السياسي في جمهورية العقرب، على ضوئه يتم التخطيط وعلى ركائزه يتم رسم الاستراتيجية.
سياسة الموت البطيء
وهذا ركن آخر من أركان سياسة الزعيم العقرب، فمن لم تنفع معه المقصلة فهناك مقصلة من نوع آخر أشد فتكا. إنها الموت البطيء.. أنت في غرفة موحشة لا هواء لا غطاء لا دواء لا عزاء، أنت في معاناة لا تتوقف الدواء فيها الإهمال.. أنت منسي، يتشفى العقرب فيك كلما ازدادت معاناتك ويطيب نفسا كلما نفث سمه في جسمك ببطء شديد؛ حتى تسقط صريعا عندها يكون العقرب قد ظفر بفريسته متشفيا فرحا ومسرورا.
الإخضاع
لا أقول الإقصاء، فتلك سياسة متجاوزة عند العقرب لا يسلك سبيلها إلا الضعيف أو الذي ما زال عنده ذرة حياء.. في جمهورية العقرب هناك سياسة أخرى، سياسة الإخضاع؛ سياسة القهر ذاك السلاح الذي يتفنن فيه العقرب، لا يستسيغ العقرب أن يسمع أو أن يرى من يتحدث لغة إلا لغته ولا رأي إلا رأيه، وأي واحد حاول أو سولت له نفسه ألا وأخضعها بكل أشكال أصناف الخضوع، قتلا أو تشريدا.. اختر ما شئت فأنت أمام من سمته وطبعه وجبلته ذاك.. أفاك أثيم عتل بعد ذلك زنيم.
الإرهاب: هذه الخاصية السياسية الرابعة لنظام العقرب، معنوي هو ومادي بكل الأساليب المتاحة المعلومة منها والمجهولة.. إرهاب العقرب يتجاوز كل التصورات، فكل ما أمامه مباح ما فوق الأرض وما تحتها. سياسة الإرهاب التي ينتهجها العقرب رسالة واضحة المعالم عنوانها الرئيس أن يعم الفزع النفسي في كل البيوت تحقيقا لمبدأ "أنا أو الفوضى".. العقرب طور هذه الآلية وجعل منها "أنا أو الإرهاب". لا يهم العقرب وهو يمعن في ترسيخ هذه الخاصية الرابعة في استراتيجيته السياسية؛ أن يهوى الاقتصاد أو أن تُحرق الأرض ومن عليها كما هو في سيناء. الهدف الرئيس نزع الأمن والأمان.
إننا إذ نعمل تحديد الأركان السياسية أو بلغة أخرى المقومات أو المرتكزات التي على ضوئها ينسج العقرب مسار سياساته، فإننا نهدف من ذلك أن نجلي الصورة بشكل سلس وواضح يستطيع من خلالها الجميع أن يتفهم أو يدرك أهم الأدوات التي يستعملها العقرب في تنزيل سياسته.. إيضاح المراد منه أن يكون نقض أركان العقرب وبيته مبنيا على مقدمات سليمة لا لبس فيها، بعيدة عن تعقيدات لغة السياسة المحنطة في الكثير من الأحيان، والتي تجعل معها تحديد نقطة البداية في عملية النقض ضبابية، لدرجة أنك يُخيل إليك أن هناك دورانا في حلقة مفرغة، وأننا أمام فرصة لتوليد المصطلحات، وأن الهدف كأنما أصبح هو ذاك. الهدف عمل جاد وحثيث لصبح جديد بيقين جازم.